مـولـدُ الهـدايـة
يوسف المسمار ـ البرازيل
إلى روح المعلم أنطون سعاده الذي لم يعِد تلامذته والمقبلين على دعوته والمعجبين بها بالمغانم المادية والكنوز الزائلة، بل قال لهم:
“إنّ آلاماً عظيمةً، آلاماً لم يسبق لها مثيل، تنتظر كلّ ذي نفسٍ كبيرةٍ فينا. إذ ليس على الواحد منا أن ينكر ذاته فحسب، بل عليه أن يسير وحيداً بلا أملٍ ولا عزاء، لأنّ حياتنا الاجتماعيّة والروحيّة فاسدة.
فكيفما قلّبتَ طرفكَ رأيت حولك نفوساً صغيرةً متذمّرة من الظلمة التي هي فيها، ولكنها لا تجرؤ على الخروج إلى النور، وإذا وجدتَ نفساً تمدّ يدها اليك مريدة أن ترافقك في سيرك نحو النور، وجدتَ ألف يدٍ أخرى قد امتدّت إليها لتبقيها في الظلمة.
ليس لإبن النور صديق بين أبناء الظلمة، وبقدر ما يبذل لهم من المحبة يبذلون له من البغض.
أهدي إلى بنات وأبناء الحياة هذه الخواطر في ذكرى مولده مع محبتي وتحيتي القوميّة الاجتماعيّة .
هـيَ الجـهالةُ مـا حـَلـّت بـمـجـتمع ٍ
أو شـابـَهُ الحُـمْـقُ إلاّ انـهارَ وانـقـَهـَرا
فالجـهـلُ والحُـمْـقُ في الأوطانِ كارثة ٌ
إنْ مَسـَّتِ الناسَ لنْ تُـبـقي لهـم أثـرا
وأجـهـلُ الناسِ مَـن يـهـوى جـهـالـتَه
وأحـمـقُ الناسِ من في حـمـقهِ انـبـَهـَرا
لا يُـبـصـِرُ النـورَ من ماتـتْ مشـاعــرُه
ومُـرعبُ البـرقِ في عـينيهِ قـد مَخَـرا
لا يَـسمـعُ اللحـنَ من شـَحـَّـتْ مسامعُهُ
ومُـرهِـبُ الهـولِ في أسماعهِ انفجـرا
لا يَـفـقَهُ الحـقَّ من جـَفــَّتْ بصيـرتُـه
وحـالكُ الغيِّ في وجـدانـهِ انـصـَهـَـرا
لا يـفـهـمُ الكـونَ من ضـَلـَّـتْ مـداركُــهُ
بـين المتاهاتِ واخـتارَ السُـدى قــَمـَـرا
لا يُحـسِـنُ الخـَـلقَ من غاضتْ مـواهبُهُ
فاهـتَمَّ بالغـثِّ واجـتـَرّ الذي ابــتُـسـِـرا
فأفـهـمُ الـناسِ من زادتْ مـعـارفـُــهُ
وامـتـازَ بالفـهـمِ والإبــداعِ وابـتَـكـَـرا
وأخـيَـرُ الناس من شـاعـتْ مـحـامـدُهُ
وأحـلمُ الـناسِ من بالحـكـمـةِ اعـتـَبـَرا
هيَ الـنبـاهـةُ مـا حَـلَّــتْ بـمـجـتـمـع ٍ
أو ثــارَ بالـفـهـمِ إلاّ بالـهـُـدى ظـَـفـَـرا
يا أهـلـنا الـويـلُ يأتي من جـهـالتـنا
فاسعـوا الى العـلم وانهـوا الويلَ والضرَرا
لـن نـبـلـغَ الـعــزّ إلاّ في تـَعـَـقُّــلـنـا
من حَـكَّـمَ العـقـل نـالَ العـزَّ وافـتـَخـَرا
فـنـهـضـةُ العــزِّ في وعيٍ نُـمـارسهُ
ما خــابَ من ثــارَ بالعـرفان وانـدحـَرا
ولادة الـوعـيِ قــد شِـــئـنـا لأمـتـنـا
والعـزَّ والمـجـدَ مـا نهـوى لـها قـَدَرا
فلـنـوقـِظِ العـقـلَ في وجـدانـها لـتـرى
ما يكشفُ الكونُ من عـلمٍ وما استَـتَرا
فـنـوصـل الأمسَ بالآتي بـزوبـعــة ٍ
تـُجــدّدُ الروحَ والإلهـامَ والفـِـكـَـرا
قـد صــار آذارُ تـشـريـناً بـنـهـضـتـهِ
وصــارَ تـمــوزُ للأحـــرارِ مُـخـتَـبَــرا
آذارُ، تـشــريـنُ، تـمـوزٌ لأمـتـنـا
ما خـطّـه النـورُ في تاريخـنا، وذُرى
فـسِــرُّ آذار أن نـحـيـا ولادتــنـا
بالـروحِ والنورِ حتى نـُصلحَ العـُمُـرا
ولـغــزُ تـشريـن تأكـيـدٌ لـنـهـضـتـنـا
بالحــقِّ والعــدلِ إرشـــاداً لمـن كـَفـَـرا
ومـجـدُ تـمــوز يـبـقى فـي بـطــولـتِـنـا
في وقــفـةِ العـزِ حتى نُـوقــِظَ البَـشـَـرا
هـيَ الهــدايـةُ مـا عـَـمَّــت بـمـجـتـمـع ٍ
وامـتـازَ بالحُـبِّ إلاّ خـيـرُهُ انـتـشـَـرا
هـيَ الأصـالـةُ في أبـنــاءِ مـقـدسـنـا
بـقـوةِ الحـقِّ صـارتْ تُـنـطـِقُ الحـَجـَرا
هـيَ الإرادةُ في بـغـــدادنـا انـطـلـقـتْ
تـُجـَـدّدُ السـمعَ والإحسـاسَ والبَـصـَرا
هـيَ البـطـولـةُ في لبنانـنـا فـعـلـتْ
فـصار لبنـانُ مـحـرابـاً لمـن شَـــكـَرا
هـيَ الحضارةُ في الشام التي اختَصرتْ
مـواهــبَ الـكـون إلهـامـاً لمـنْ نَـظــرا
مشاعـلَ الـنـورِ أشـعـلـنا بـنـهـضـتـنا
لـنـطـردَ الـويـلَ مـهـما اشـتـدّ أو كـَبـُرا
كـلُّ الحـقـيـقـةِ للأجـيــالِ نُـعـلـنُـها :
مـن مارسَ الوعيَ حازَ المجـدَ وانتصرا
بُـطــولــةُ العـقـلِ أرقى ما نـُمـارســهُ
ونـهـضـةُ الوعيِّ تـبـقى للعـُلى القـَـدَرا
لا شيءِ في الكـونِ أجـدى من بطولتـنـا
لـولا البـطـولات شــاخَ الكـونُ وانـدثـَرا
فـنـحـنُ في الكــونِ ثُــوّارٌ عـقـيـدتـنـا
أن نـنشـرَ الـوعيَ والأخــلاقَ والعـِبـَرا
هـذا هـو العــزُّ في مـفـهــومـنـا، وبــهِ
نـستأصـلُ الجـهــلَ والأرزاءَ والكـدَرا
مـيلادُنـا الـوعـيُ لا حـــدّ لـطـاقــتـهِ
كـأنـما الكـونُ في أطـوارهِ انـحـَصـَـرا
آذارُ يـعـني بـأن نــزدادَ مـعــرفـــة ً
تـُطـَـوِّرُ الـفـكـرَ في الإنسـانِ والنَظـَرا
مـا كــان آذارُ إلاّ فَـجــر يـقـظـتــنـا
والفـجـرُ يعـني بـأنّ الليـلَ قــد دُحـِـرا
وروعةُ الفـجـرِ أن تـبـقى مطـامـحُـنـا
تـمـتـدّ تـَمـتـَدّ لا نـرضى لـهـا أُطـُــرا
فـروحُ آذار فـي الأجـيــالِ زوبـعــة ٌ
مـستـقـبـلُ العـزِّ فـيـها نـورُهُ انحـصـَرا
جـهـنـمُ الـناسِ في الجـهـلِ الـذي سَحَــرَ
والـويـلُ للناسِ في الحُـمـقِ الـذي غـَمـَرا
وجـنـةُ الناسِ في الـوعيِ الـذي انـتـَشـَرَ
وراحـةُ الناسِ في الحـُبِّ الـذي انـتـَصـَرا
هـذي المفاهـيـمُ مـن آذارنا انـبَـثـقَـتْ
لـتـجـعـَـلَ العـلـمَ بالأخــلاقِ مُـعــتـَـبَــرا
هـِيَ الـهـــدايــــةُ مـيــــلادٌ نـُجَــدّدهُ
ما دام في الكـونِ مَـنْ شمسَ الهُـدى نَـكَرا