مواقف حذّرت من خطورة دعوة الراعي إلى التدويل: العراضة في بكركي وضعت لبنان على شفير الفتنة
توالت أمس المواقف المحذّرة من خطورة دعوة البطريرك بشارة الراعي إلى مؤتمر دولي تحت عنوان حياد لبنان، منبهةً إلى أن العراضة التي جرت في بكركي السبت الماضي وضعت لبنان على شفير فتنة دموية لا يعرف أحد تداعياتها ونتائجها.
وفي هذا السياق، حذّرت «رابطة الشغيلة»، برئاسة أمينها العام، النائب السابق زاهر الخطيب، في بيان، من خطورة الدعوة التي أطلقها البطريرك الراعي لعقد مؤتمر دولي بعنوان حياد لبنان «وسط شعارات «قواتية» تنفث سموم العداء للمقاومة وسلاحها، الذي بات هاجساً يقض مضاجع كيان العدو الصهيوني».
وأكدت الرابطة أن دعوة الراعي للمؤتمر الدولي بعنوان الحياد الإيجابي «إنما هي، في واقعها ومضمونها، دعوة للوقوف على الحياد في الصراع الدائر بين محور الحق الذي تجسده قوى المقاومة والتحرّر في المنطقة، ومحور قوى الباطل الممثلة بقوى الاستعمار الغربي والعدو الصهيوني والرجعية العربية، بل وأيضاً هي دعوة للاستقواء بالدول الكبرى، خصوصاً الدول الغربية الاستعمارية منها، لإعادة فرض الوصاية على لبنان لتحقيق الانقلاب السياسي على المعادلة الداخلية، في محاولة يائسة لتغيير وجه لبنان العربي المقاوم، والتخلص من المقاومة المسلحة والشعبية، التي حرّرت الأرض وهزمت جيش العدو الصهيوني وجعلت من لبنان قوة رادعة تحميه من العدوانية الصهيونية وأطماعها في ثروات لبنان من نفط وغاز ومياه. وإعادته إلى بيت الطاعة الأميركي الصهيوني، خاضعاً تابعاً، ومنصة للتآمر على سورية وكل قوى التحرر العربية».
ودانت «الهجوم على رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، الذي رفض في السابق، ولازال يرفض التخلي عن دعم المقاومة ضد الاحتلال وأسهم ويسهم، من خلال تحالفه، والتيار الوطني الحرّ مع حزب الله، في وأد الفتنة ودرء شرورها عن اللبنانيين».
ورأت أنّ «المطلوب اليوم بإلحاح التمسك أكثر من أي وقت مضى بالمقاومة وسلاحها وعدم السماح بكل المعايير الوطنية والأخلاقية والإنسانية التطاول على المقاومة، التي أسسها في جنوب لبنان سماحة السيد موسى الصدر، كما أن المطلوب التمسك بمعادلة قوة لبنان «الجيش والشعب والمقاومة»، التي حرّرت الأرض، وتحمي لبنان وثرواته، والتي بات العدو يحسب لها ألف حساب، وليس التفريط بالمقاومة وسلاحها».
وأكدت أنّ «الأكثر حرصاً على الدولة هو من مكّنها، يا سيادة البطريرك، من استعادة سيادتها وبسط سلطانها على أراضيها المحرّرة بعد تحريرها، من العدو الصهيوني والإرهاب التكفيري، وليس من يسعى إلى منع تحريرها من الارتهان والتبعية للدول الغربية، ويريد الاستقواء بالخارج لفرض الوصاية الكاملة عليها وعلى جميع اللبنانيين».
أضافت «ونحن بالفعل نسأل ونتساءل يا سيادة البطريرك لماذا ترفض المعادلة التي تصب في مصلحة لبنان واللبنانيين والتي تقول، نصادق من يصادقنا ونعادي من يعادينا، ولماذا يجري العداء لمن مدّ يد المساعدة للبنان، مثل الجمهورية الإسلامية الإيرانية، ولماذا يجري رفض قبول مشاريع المساعدات الإيرانية، العراقية والصينية، ويتم القبول بالذل الأميركي تحت التهديد والضغط؟ هل هذا من مصلحة لبنان واللبنانيين أم هو يصبّ في منحى استغلال معاناة اللبنانيين وإخضاعهم للتدخلات الأميركية الغربية وشروطها بفرض الوصاية على لبنان؟».
كما أكدت أنّ «المطلوب اليوم بإلحاح التصدي للأزمة الاقتصادية والمالية والاجتماعية، والعمل بالضغط لتشكيل حكومة إنقاذ وطني للخروج من الأزمة المتمادية، تعمل على تغليب المصلحة الوطنية على أي مصلحة أخرى، وترفض التدخلات الخارجية، لا سيما الضغوط الأميركية الغربية الممثلة بالحصار المالي المفروض على لبنان، والذي أدى إلى تسعير نار الأزمة، وليس العمل لاستحضار هذه التدخلات والاستجابة لأهدافها في إخضاع لبنان للشروط الأميركية عبر تشكيل حكومة على قياسها تقبل بشروط صندوق النقد الدولي لإقراض لبنان، وتوافق على ترسيم الحدود البحرية والبرية بما يحقق الأطماع الصهيونية، وتعمل على محاصرة المقاومة بهدف التخلص منها ومن سلاحها. وبالتالي محاولة إعادة لبنان إلى الزمن الذي كان فيه تحت الوصاية والهيمنة الاستعمارية وحكم القناصل. وهو الزمن الذي ولّى عهده، بعد انتصارات المقاومة على العدو الصهيوني وقوى الإرهاب التكفيري».
بدوره، رأى رئيس «حركة الشعب» النائب السابق نجاح واكيم في بيان «أنه في ذروة الأزمات التي يمر بها لبنان على الصعد كافة، السياسية والمالية والإجتماعية والصحية، جاءت عراضة 27 شباط في بكركي لتنقل لبنان إلى مرحلة جديدة وخطيرة من أزماته، ولتضعه على شفير فتنة دموية لا يعرف أحد تداعياتها ونتائجها».
وسأل «هل أدّت العراضة إلى تعميق الانقسامات في الشارع، سواء ذلك الذي احتشد في بكركي أو الذي واجهه في اليوم التالي؟ ألم تؤد الشعارات التي أطلقت وما استدعته من ردود إلى زيادة الاحتقان بين اللبنانيين وتسعير السجلات بينهم؟».
وتابع متسائلاً «ألم تلاحظ يا صاحب الغبطة أن الساسة الدجالين الذين طبلوا لمبادرتك كانوا أول من نزع عنها ورقة تين الحياد؟».
وختم «كنّا في السابق نستنكر كل ما من شأنه إثارة الانقسامات بين اللبنانيين وإذكاؤها، أما اليوم، وبعد عراضة 27 شباط، فإننا ندين. نعم ندين. حمى الله لبنان الذي أُعطيَ مجده للعقلاء من أبنائه».
وأشار «تجمّع العلماء المسلمين» إلى أن «بقايا 14 آذار والمتواطئون مع الولايات المتحدة الأميركية وأعداء لبنان يقومون برفع شعارات تقسيمية وفتنوية. وللأسف، فإن هذه الشعارات أطلقت، بشكل سافر، من ساحة بكركي وأمام مسمع البطريرك الذي لم يحرّك ساكناً لمنع هذه الشعارات التي لا تتناسب مع المكان الذي يجب أن يحرص، كما كل المقامات الروحية على الترفع عن لغة السباب والشتائم».
وأكد رئيس «لقاء الفكر العاملي» السيد علي عبد اللطيف فضل الله في بيان، أنه «لا يمكن الجمع بين الحياد وبين مقتضيات السيادة الوطنية التي تحتم النهوض بمسؤولية تحرير الأرض والإنسان ومقاومة المحتلين والعابثين بأمن واستقرار ووحدة لبنان»، مشدداً على أن «مشروعية المقاومة لا تستمد من مراكز القرار الدولي المشبوه بل من الحالة الشعبية والوطنية».
ورأى أن «التدويل إسقاط لكل الرهانات على الحوار الوطني الجامع لكل العقلاء والمخلصين، وتسليم بوضع لبنان تحت رحمة المشاريع الدولية التي لم تُنتج إلاّ الخراب والفتن والانقسامات والحروب الأهلية بين أبناء الوطن الواحد»، داعياً الجميع «للارتقاء إلى مستوى الانتماء للبنان الرسالة الحضارية التي تصون الأديان من منزلقات السياسة وعبث استثمارات الخارج الذي يعمل على تمرير مصالحه على حساب وحدة اللبنانيين»، داعياً المرجعيات الدينية إلى «اعتماد خطاب وطني يجمع على قيم التعايش الإنساني، وينبذ كل مناخات العصبيات الطائفية والمذهبية، ويسقط كل الارتهانات الخارجية». وسأل عن «المصلحة الوطنية في تحويل المقار الدينية إلى ساحة لإطلاق الشعارات التي تسيء إلى المقاومة التي حفظت عزّة وكرامة ومجد لبنان؟».
واعتبر أن «التفاهمات الداخلية هي الأساس وهذه لا تحصل في الساحات بل بالحوار الوطني الجامع».