المخادعون خَدم الأعداء
هاشم حسين
ليس كلّ شعار مرفوع هو حقيقة أو مطلب عادل!
كثير من الشعارات تتمّ صناعتها بعناية عالية في الغرف السوداء ثم يتمّ تسريبها للعامة من الناس عبر وسيط مأجور يتقدّم غالباً الصفوف ويظهر للآخرين أنه جندي في خدمة الشعب بينما في الحقيقة هو أفعوان خطير.
عدوّنا ليس عدواً غبياً تنقصه الحيلة، عدونا يخطط ليل نهار للقضاء علينا، ويصنع لنفسه أسلحته الفتاكة دائماً، وأخطر أسلحته هو سلاح الإلهاء… نعم الإلتهاء ببعضنا البعض هو أخطر سلاح يستغله عدونا فينا للقضاء علينا.
انّ حرب تحطيم الشعب من الداخل هي أخطر حرب يخوضها الأعداء ضدّ بلادنا.
ولكن الأخطر من حرب الأعداء علينا هو الخطر الداخلي الذي يمارسه ضعفاء النفوس وذلك عبر إسهامهم الفاعل في تحطيم نفسية الشعب واضعين أنفسهم دمية بأيدي أعداء بلادنا، يمارسون كلّ قباحة ضدّ الشعب عبر تحقيره بكلّ الوسائل، وأخطرها عبر بث تسجيلات مبرمجة وشعارات منظمة لإظهار الوهن الاجتماعي من خلال استغلال حوادث معينة يتمّ تظهيرها بالإعلام بشكل مهين يستغلها هؤلاء بحجة أنهم يمارسون فعلاً ثورياً.
ثم تبدأ الأحداث بشكل متدحرج عبر شعارات محقة ومخادعة في آن لجذب الناس إليها لا سيما المتضرّرين الفعليين من الأزمات المعيشية والحياتية الضاغطة، وتظهر في بدايتها أنها عفوية لا تلبث أن تصبح أكثر تنظيماً وتبدأ برفع شعاراتها الحقيقية ثم يتقدّم الصفوف النفعيون، الذين فجأة يصبحون ثورجيين ويمارسون ويحاضرون بالعفة بينما هم قمة السقوط الأخلاقي يتقنون فن تسلق المراحل.
هؤلاء هم أنفسهم بأوقات سيطرة القوي يسيرون خلفه، ويضربون بسيفه، ويطلبون رضاه، ويزحفون على ركبهم من أجل كرسي تافه ولو في غابات الأمازون، ويتملقون له ليل نهار، ويتسلّقون المراكز عبره، وفجأة عندما تتغيّر الظروف ينقلبون ضدّه ويصبحون ملائكة يطالبون بحقوق الناس والتغيير وغيرها من الشعارات الفضفاضة.
انّ مطالب الناس محقة… هذا صحيح، ولكن هل من أجل رغيف الخبز يجب أن نهين البلد ونضعه لقمة سائغة بفم الأعداء؟
هل من أجل حقوق المذاهب والطوائف وأصحاب النيافة والسماحة يجب ان نبيع الوطن وكرامته؟
هل من أجل شعارات السلام المخادعة مع عدو يهيّئ لنا للحرب بكلّ قواه العقلية والمادية يجب ان نرفع راية الاستسلام؟
هل من أجل كيس حليب أو لتر بنزين أو مطلب هنا أو هناك يعمل عليه عدونا ليل نهار ليوصلنا له عبر المال والدولار سنقضي على كلّ مكتسبات إرادتنا الحقيقية وانتصارتنا التاريخية ونرمي أنفسنا في أتون الحرب الأهلية ونظهر للعالم بأننا شعب لا نستحق الحياة ولا نستحق الحرية ولا نستحق حتى هذا الوطن؟
أيها الشعب، “الحرية صراع” وليست فوضى وضياعاً وانهزاماً.
صونوا أنفسكم قبل السقوط في الهاوية التي لن تبقي ما يستحق البكاء عليه إن وقعتم فيها.
صونوا أنفسكم، واجعلوا هذا البلد المشلع بين أصحاب المطامع والمنافع والمصالح الخصوصية يتوقّى شرّ أنفسكم قبل فوات الأوان
حماية الوطن والمجتمع واجب قومي عام وقرار قومي اجتماعي ودون ذلك الانكسار الأخير والهزيمة النكراء…
هل نستيقظ قبل الفوات؟!
نحن درع الوطن، ولن نعجز وسيلة في الدفاع عنه، ولن نتركه لقمة سائغة سهلة يبتلعها ثعبان الجوع والوهن الداخلي.
نحن سياج هذا الوطن وسيجدنا عند الضرورة سياجه وخط دفاعه الأول وحصنه الأخير.