التعثر في تشكيل الحكومة مقدّمة لشيء كبير…!
} عمر عبد القادر غندور*
كثيرون ظنوا أنّ تصريح رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط بأنه ليس متمسّكاً بحكومة من 18 وزيراً هو مؤشر على اقتراب الحلحلة في أزمة تشكيل الحكومة، لاعتقادهم انّ «الزعيم الجنبلاطي شمّ» دون غيره انفراجاً يلوح في الأفق، وعزا ذلك انّ التنازلات في هذه الحالة يفرضها الانهيار الذي سيولد انفجاراً اجتماعياً لا محالة. وهو ما دفعه الى التقدّم بمقترحه أملاً في تقدير هذه الخطوة، ولكن سرعان ما جاءه الردّ من التيار الوطني الحر ومفاده انّ عقدة «التوزير» الدرزي ليست إلا عقدة من عشرات العقد التي تحول دون الاتفاق على تذليل بقية العقد ومن أهمّها «بركة السعوديين» كشرط للإفراج عن التشكيل.
ولعلّ الرئيس المكلف ينتظر «حياد لبنان» ليضرب عرض الحائط ببركات السعوديين والفرنسين والإيرانيين!
ما أكثر جعجعة الكلام في لبنان، وما أقلّ الفعل والأفعال!
والطريف، حتى لا نقول المضحك، انّ ازمة تشكيل الحكومة مربطها عند توزيع الحصص وتقاسم المكاسب ومقولة الثلث المعطل، ولا يبدو في الأفق بصيص أمل بعد سقوط جميع المبادرات وآخرها مبادرة اللواء عباس ابراهيم التي اصطدمت برفض الرئيس المكلف وكأنه يعوّل على تدخل خارجي ولا نقول تدخل فرنسي لأنّ الفرنسيين «آخد على خاطرهم» من لعبة إهدار الوقت وتمييع المبادرات مع انّ البلد يحتاج الى تدخل سريع لوقف انهياره والتحسّب لانتفاضة شعبية غير الحراك الذي شاهدناه على مدى سنة ونيّف، والتوجّس من خروج مئات آلاف الجياع والمفلسين والعاطلين عن العمل إلى الشوارع، ولن يستطيع أحد في مثل هذه الحالة أن يقف في وجه هذه الجموع التي فقدت الكثير من مقوّمات العيش الكريم.
ولأن الجوع كافر، فإننا نتوجّس من انعدام الأمن الاجتماعي، وعن مثل هذا التطوّر يحضرنا قول للصحابي الجليل أبا ذر الغفاري يقول: «عجبت لمن لا يجد القوت في بيته كيف لا يخرج الى الناس شاهراً سيفه». وبالأمس حاول مواطن حرق نفسه عند مفرق العباسية بعد أن صبّ على جسده البنزين ولكن الدفاع المدني أنقذه في الوقت المناسب حسب الوكالة الوطنية للإعلام.
ساعتئذ لا ينفع ترقيع، ولا تعود للقيادات الدينية والسياسية القدرة على الإمساك بمجاميعها، ولا يعود مهماً ان يقبل الرئيس المكلف بوزارة من 18 أو 22 أو 24 وزيراً، ولا يهمّ أن يغمز من قناة حزب الله لإرضاء السعوديين، ولا باعتكاف رئيس حكومة تصريف الأعمال، ولا بغياب الحليف المفترض للحكومة الموعودة ولا بمشاركة حزب القوات من عدمه، ولا بسحب التكليف الذي يُنسب الى التيار الوطني، ولا إذا كان حاكم المصرف المركزي متهماً أميركياً أم لا، ولا لمن تكون وزارة الداخلية، ولا لمن تكون وزارة العدل، ولا من يكون المعرقل في بعبدا او بيت الوسط.
وليس بسيطاً أن يدعو أحد النقابيّين الى محاصرة منازل المسؤولين ووضعهم قيد الإقامة الجبرية، معتبراً انّ القضاء يتهرّب من مسؤولياته وقسم من القضاة مستزلمون لدى السلطة السياسية، والشرفاء منهم خائفون…!
وكشف رئيس جمعية المستهلك زهير برّو انّ السوبرماركت تخزن المواد الغذائية المدعومة، وترتفع الأسعار بشكل جنوني، والسبب هو السياسات والإجراءات التي اتخذتها السلطة السياسية منذ 17 تشرين الأول 2019 كانت عكس ما يقتضيه العلاج وصرفت ثمانية مليارات دولار واستفاد من هذه الأموال كبار التجار على حساب العائلات الفقيرة.
ولذلك تنفجر هذه الأيام الاحتجاجات وتتقطع الطرق، ولا يلوح في الأفق أيّ بصيص من أمل، وتبقى الخشية من تطوّر هذه الاحتجاجات، ويتحوّل البلد الى جهنم، حتى يصبح المواطن يخشى الخروج الى الشارع، فيما يستمرّ ارتفاع سعر الدولار، ونخشى ان يكون ذلك مدبّراً لشيء أكبر نجهله.
*رئيس اللقاء الإسلامي الوحدوي