أنطون سعاده بعين مصلحة طلاب زواريان لحزب الطاشناق
كريس تشوبوريان*
في زمن قلّ فيه الوطنيون وكثر فيه العملاء، يفتقد وطننا لبنان اليوم لرجل بقيمة أنطون سعاده. “نحن أمّة قوية عظيمة: قوية بمواهبها، غنية بمواردها، نشيطة بروحها”، وماذا كان ليقول أنطون سعاده اليوم حيث مواهب بلادنا القوية هاجرت، ومواردنا نُهبت، وروحنا النشيطة استُنزفت؟ “لا نريد الاعتداء على أحد ولكننا نأبى أن نكون طعاماً لأمم أخرى” وماذا كان ليقول أنطون سعاده اليوم في زمنٍ ارتهن فيه معظم زعماء بلادنا للخارج، فباعوا الوطن والكرامة وشرف المقاومة مقابل المال والسلطة وشرف الجلوس مع أمراء؟ “إننا نريد الإقطاعيين والرسماليين أن يسلموا للشعب بحق الأمة، ويعترفوا بحق العمال والفلاحين، بحق هذا المجموع العظيم في الحياة والعزّ”. ماذا كان ليقول أنطون سعاده بعد أن استولى الإقطاعيون على الوطن منذ ما قبل الحرب الأهلية وحتّى يومنا هذا وحوّلوه إلى ممتلكات عائلية، وبعد أن اشترى الرأسماليون الوطن وقراره منذ التسعينيات وحوّلوه إلى شركة خاصة؟
نحن في زمنٍ، غاب عن وطننا أنطون سعاده ليقول لعديمي الوطنية “نريد حقوقنا كاملة” لا سيما في ملف ترسيم الحدود البحرية حيث تبيّن أنّ المفاوضين في السابق كانوا قد وافقوا على التخلّي عن جزء من حقوقنا، وغيرها من الملفات. نحن في زمنٍ، غاب عن وطننا أنطون سعاده ليذكّر اللبنانيين أن “مصيبتنا بيهودنا الداخليين أعظم من بلائنا باليهود الأجانب” في ظلّ كثرة عملاء الداخل الذين يحرقون البلاد ويخدمون العدو خدمةً لمصالحهم السياسية والمالية الضيّقة.
لمَن لا يعرف الراحل أنطون سعاده، يكفي أن يقرأ أقواله ورؤيته للوطن وللعروبة، ليعلم ماذا خسر لبنان حينها برحيله وربّما سبب التخلّص منه، فلو بقي سعاده لما استطاع الإقطاعيون والرأسماليون تنفيذ مشروعهم بالاستيلاء على الوطن، وكأنّ الشعب أيضاً تخدّر بعد رحيله وسهّل مهمّة أمراء الحرب وحيتان المال. في زمن انهيار الاقتصاد اللبناني وتردّي الأوضاع المعيشية، تذكّروا أقوال أنطون سعاده ربّما يعود الأمل لنشقّ طريق الخلاص لوطننا. تذكّروا حين قال “إنّ أزمنة مليئة بالصعاب والمحن تأتي على الأمم الحيّة”. فهل تقبلون أن تكونوا شعباً ميّتاً يستسلم أمام أوّل حاجزٍ؟ فكم من صعوبات مرّ بها أنطون سعاده من الاعتقال وصولاً إلى الإعدام، بقي صامداً ولم يقبل الاستسلام فرحل مرفوع الرأس واسمه محفور في أذهان اللبنانيين كإسمٍ محفورٍ على صخرةٍ لا يمكن حتّى للزمن أن يمحوه. تذكّروا حين قال “إنّ أشدّ حروبنا هي الحرب الداخلية. وهي آلمها وأمرّها، لأنّها بيننا وبين فئات من أمّتنا نعمل على رفعها وتعمل على خفضنا، نريد لها العزّ وتريد لنا الذلّ، نتوجّه إليها بالاحترام وتتوجّه إلينا بالاحتقار، نأتيها بالجدّ وتأتينا بالاستهزاء”. ألم يحن الوقت أن نكفّ عن العمل على خفض واحتقار بعضنا البعض لمنع نشوب حرب أهلية جديدة التي ستولد أمراء وحيتان مال وجدد وستدمّر ما تبقى من الوطن؟ أليس من الأفضل أن نتحد لنهضة وطننا؟
أقوال ورؤية أنطون سعاده ستبقى راسخة في أذهاننا، متمنّين أن يأتي يوم تتحقق فيه رؤيته وأهدافه.
* منسق في لجنة العلاقات السياسية
في مصلحة طلاب زاواريان لحزب الطاشناق