الحركة العسكريّة الأميركيّة في لبنان
يؤكد الأميركيون أنه ليس لديهم حتى الآن سياسة واضحة تجاه لبنان، سوى مواصلة اعتبار حزب الله وحلفائه موضوع استهداف حتى تتبلور سياسة أميركية إقليمية جديدة من مدخل مستقبل التفاهم على الملف النووي الإيراني، مروراً بفرص حل سياسي يوقف حرب اليمن، وصولاً لتفحص مستقبل التفاهم مع الروس في سورية، وفي قلب كل ذلك انتظار تبلور رؤية لموقع الأمن الإسرائيلي، وكلها لا تزال فرضيات دونها الكثير من العقبات، ومخاطر التآكل في ظل الأثمان التي تفرضها التسويات وصعوبة التوفيق بين الأولويات التي تراها الإدارة الأميركية الجديدة، وتريدها جميعها معاً.
في هذا الوقت الذي يبدو في الظاهر أن القادة العسكريين الأميركيين ينتظرون مستقبل المساعي السياسية المعقدة، يبدو في الواقع أنهم يراهنون على فشلها، أو يسعون إلى إفشالها، سواء من خلال تحفيز إعادة تنظيم داعش كخطر حاضر في سورية والعراق، أو الرهان على تصادم مع قوى المقاومة في العراق يفرض أمراً واقعاً للبقاء، أو رفع أهمية قوات قسد ومشروع الدويلة الكردية إلى مصاف الثوابت التي لا يجوز التخلي عنها، وبالتوازي دائماً منح الأولوية لأمن «إسرائيل» المجمع عليه أميركياً، ورفع درجة الخطر التي تجلبها التسويات الإقليمية على هذا الأمن، إلى مرتبة المخاطرة الاستراتيجية، وصولاً للرهان على استهلاك الوقت للحفاظ على سياسة إدارة الأزمات، ضمن الثوابت ذاتها، على قاعدة فرضية لا تصادم ولا تسويات.
يقع لبنان من خلال مقاربة ثلاثيّة، العداء لحزب الله، والتحالف مع كيان الاحتلال، والنظرة لمستقبل الوضع في سورية، في قلب الرؤية الأميركية العسكرية. وهذه الرؤية التي يترجمها الجنرال كينيت ماكنزي، تستهدف أمرين، الأول استثمار الأزمة الإقتصادية والمالية لربط الجيش اللبناني أكثر وأكثر بالمساعدات الأميركية، والثاني تكريس المكاسب الأمنيّة الأميركيّة، بحريّة الحركة الجوية والبحرية كأمر واقع.
في كل مناسبة يتاح للقيادة العسكرية الأميركية أن تتحرك لتثبيت الاستباحة للمياه والأجواء اللبنانية بصفتها مكاسب أمر واقع، تحت عنوان التنسيق مع الجيش اللبناني الذي يُراد له أن يتحول الى رهينة للمساعدات الأميركية التي تتوسع لتشمل ما هو أبعد من الشق العسكريّ، سوف نرى الجنرال ماكينزي في مياهنا أو أجوائنا، ليحطّ في قرية أو مدينة، مفتتحاً مزرعة أبقار أو بئر مياه أو توزيع كمامات.