أما آن الأوان…؟
} منجد شريف
لم تعد الشكوى تجدي عما آل إليه واقع الحال في بلادنا، فعلى نفسها جنت براقش، إنّ شعباً ينتخب الفاسدين والسارقين والجلادين، لا يُعدّ ضحية بل هو شريك في الجريمة.
إنتقدنا حكم السلالات لما أورثت من ذلّ وخراب ودمار، لنقع في ما هو أشنع وأفظع وأكثر إيلاماً، أيّ في سياسيّين لا تجمعهم سوى المغانم، بينما في الظروف الحساسة فلا تحسّس لديهم لأدنى المشاعر الإنسانية والوطنية، تلك الوطنية المزعومة بفعل طلاسم «سايكس بيكو» وما أنتجته من حدود استعمارية فصّلت على مقاس الحركة الصهيونية، ليتمّ الاستفراد بالثروات والدول، فتحلّ البركة على هذه واللعنة على تلك، وما اللعنة التي نواجهها اليوم، سوى لأنّ في الأفق لاحت قوة ردع أمام آلة القتل الجماعي، المتجسّدة بكيان العدو. فلا المطلوب إصلاح ولا خير ولا خلافه، المطلوب مزيد من الضعف والعجز والاستسلام، كي يتمّ الانقضاض على ما تبقى من الكرامة العربية وإنجاز ما بقي من المخططات، لتقويض القدرات التي من الممكن أن تعيد التوازن المفقود، بعدما أقلع قطار التطبيع، وأصبحت الكيان الغاصب «قطراً شقيقاً» عند البعض من البلدان التي يُطلق عليها اسم دولة عربية، والواقع أنّ بينها وبين العروبة آلف الأميال.
سيطرت علينا عقلية البادية وروح الانتقام والثأر، فباتت تصفية الحسابات شيمة من شيمنا، وصار الغزل بالعدو وأميز العلاقات معه مطية للنيل من بعضنا البعض. وكأنَّ انهيار الدولة في الأندلس حين اقتتل الأب وإبنه، والإخوة في ما بينهم، لم تكن عبرة لنستخلصها، ومن بعدها سقوط الحضارة العربية بيد المماليك والتتار والمغول فالسلطنة العثمانية.
أما آن الأوان ليعود الوعي من منفاه، فنفقه كنه المعرفة لما حيك لنا منذ ما سُمي بـ «سايكس بيكو»، وما تبعه من أحداث؟ أما آن لهذا الوعي أن يعود من ثباته ليبتكر فكراً جديداً ينبذ الأنانية، وشبق الشهوة لطلب السلطة والمال كيفما اتفق!
أما آن لنا أن نعلم أنّ كلّ أحداث الوطن العربي نسخ طبق الأصل لما يُراد لها أن تكون عليه من التخلف والفوضى والعشوائية؟
فها هو لبنان يدفع الثمن الأكبر من تلك المؤامرة الخفية، لا لشيء إلا لأنه ساحة لتصفية الحسابات على تنوعها، بينما أبناؤه يتوزعون في المحاور كافة، وعلى المواطن فيه السلام…
وهذا إنْ دلّ على شيء فهو يدلّ على أنه من غير المسموح أن يكون هناك دولة عربية واحدة من الحدود الاستعمارية لديها الأمن والطمأنينة، فعندما نصل لذلك المستوى من المعرفة والوعي يكون إشارة لانبعاث الروح في الوجدان العربي والأمل في استعادة مكانتنا المفقودة بين الأمم.
أما آن الأوان…؟