هل فات أوان المعالجات؟
} منجد شريف
منذ اللحظة الأولى لبدء صعود الدولار في صيف العام ٢٠١٩، لم يتمّ التعاطي مع الحدث بالمستوى المطلوب. إنّ قانون النقد والتسليف ولو أجاز للحاكم الكثير من الصلاحيات، فهذا لا يعفي السلطات الأخرى من التدخل عندما يتعرّض الاستقرار النقدي للاهتزاز.
جاءت الحركات الاحتجاجية في ١٧ تشرين الأول، ومنذ تلك اللحظة أدرك المطلعون أنها محطة مفصلية، فأيّ ثورة تلك التي لا يلتقي أبناؤها على الحدّ الأدنى من الأهداف والتطلعات؟ فمع الأسف كانت تلك المحطة تعمية لتجفيف ما تبقى من سيولة الدولار في المصارف وتحويلها إلى الخارج، وحتى الآن لم يصدر بيان رسمي يسمّي أولئك الخوَنة الذين حوّلوا أموالهم، لكي يتمّ العمل على استرجاعها وإنزال القصاص اللازم بالمهرّبين. يومها أقفلت المصارف أسبوعين ولم يكن الأمر يستدعي ذلك الإقفال، وارتسمت علامات استفهام كبيرة عن الذي حصل خلال الإقفال، وغابت مقاصة البنوك، التي تشكل ٩٠% من تبادل العملات، ليحلّ مكانها السوق الموازي بفوضوّيته وفلتانه وعشوائيته ومنصاته التي لا تعدّ ولا تحصى، وبتنا تحت رحمة ذلك السوق الضال الذي لا تحكمه قواعد سوى العرض والطلب، ومن خلفه ما اندسّ من منصات تدار خارجياً من أجل استهداف الليرة لمزيد من الإنهيار، وما يكتنف تلك المنصات من أسرار وأهداف، إنه حصار مالي مطبق، وبتنا جميعاً دمية تتلاعب بها منصات الدولار بالثانية، فصارت مشترياتنا خاضعة لتلك السوق المجنونة، فيما القوى السياسية لا تزال تتعاطى بالخفة نفسها، وهنا التساؤل:
ـ لماذا غاب دور المصارف مباشرة في ١٧ تشرين الأول 2019؟
ـ لماذا لم يتمّ إقرار وتطبيق قانون «كابيتال كونترول» والاستمرار في تقنين ضخ السيولة بالدولار منعاً لانهيار سعر الصرف؟!
ـ لماذا لم يمنع عامة الناس من التداول بالدولار وحصره فقط بين الصرافين ومن يجيز لهم البنك المركزي بيع وشراء الدولار في هذا الظرف الحساس والاستثنائي؟!!
فلو تمّ مسك قصة الدولار من أولها لما لاقى هذا الصعود الهستيري، لكن حتى اللحظة ليس هناك خطوات معينة للجمه، ويبدو انه متروك قصداً ليفعل فعله في الشارع وفي الناس وفي السياسة.
إنّ الدولار سياسي بامتياز، وهنا يتطلّب الأمر وعياً جماهيرياً لمواجهة هذا الاستهداف بواسطة ارتفاع سعر الصرف، وهيهات نستطيع المواجهة كشعب مفكك مشتت مبعثر، لذلك يمكن القول ختاماً «تصبحون على وطن»…