تصعيد بين بايدن وبوتين… وواشنطن وبكين… وقصف يمنيّ لمصفاة الرياض
كلام نصرالله لتسهيل الحكومة وخطان أحمران: سعر الصرف وقطع الطرق/ المسار الحكوميّ في منعطف حاسم: تقدُّم وأسئلة ومساعٍ... والاثنين للخميس؟/
كتب المحرّر السياسيّ
رغم الكلام الفرنسي والأميركي المباشر وغير المباشر حول استراتيجيات وسياسات حول لبنان، تقول مصادر دبلوماسية إن لا شيء من ذلك على أرض الواقع، وأن الفرنسيين يريدون الإمساك بالكلام بالملف اللبناني لتعزيز وضعهم كشريك في الملف النووي الإيراني لدى الأميركيين والخليج، أملاً بإعادة صرفها أموالاً لا يملكونها للبنان، بينما الأميركيون ملتزمون بأولوية الملف النووي الإيراني قبل البحث بأي ملف آخر، من أوكرانيا إلى كوريا الشمالية، وصولاً الى سورية، ووحده اليمن يحظى بمكانة متقدّمة على الملفات الإقليمية، ويسير موازياً للملف النووي الإيراني بسبب الخشية على الوضع الأمني السعوديّ من جهة، والسعي لضمان أمن تدفّق الطاقة من جهة ثانية، والرغبة بالإمساك بأوراق ضغط على ولي العهد السعودي محمد بن سلمان.
الارتباك الأميركي كان واضحاً في الخطاب التصعيدي للرئيس الأميركي باتهام الرئيس الروسي بالقاتل، ورد الرئيس الروسي بدعوته لمناظرة تلفزيونيّة متمنياً له الصحة، في إيحاء لاهتزاز حالته الصحيّة بعدما تعثر مرات على سلم طائرته الرئاسيّة، بينما كان وزير خارجيته يشنّ هجوماً قاسياً على الصين، ما أدّى لتلاسن حاد بينه وبين وزير الخارجية الصينيّة في أول لقاء تفاوضي يجمع واشنطن وبكين.
أطلّ المشهد اليمني كتعبير عن هذا الانسداد الدولي والإقليمي، في تطورات معارك مأرب لصالح أنصار الله، وبإصابة مصفاة الرياض بغارات طائرات يمنيّة مسيّرة، فيما أعلنت وكالة الطاقة الإيرانية عن تفعيل العمل في تحضير مفاعل آراك للعمل خلال عام، بينما دخلت أجهزة التخصيب الجديدة على مفاعل نطنز.
في الشأن الداخلي يحضر هذا الارتباك الدولي والتصعيد الإقليمي، بطريقتين، واحدة هي ارتباك وعدم وضوح الصورة بالنسبة لبعض الفرقاء، وثانية هي الدعوة لفك الاشتباك بين المسار الحكومي والمتغيّرات الخارجية التي تحتاج وقتاً للتبلور، وإقامة الصلة بينها وبين الملف اللبنانيّ فيها كثير من الافتعال، وبين هذه وتلك أكدت مصادر متابعة لموقف الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، أن جوهر دعوته في الملف الحكومي هو لتسهيل التأليف ولو لحكومة اختصاصيين غير حزبيين، رغم دعوتين رديفتين، واحدة لتفضيل الحكومة السياسية أو التكنوسياسية، تركها للرئيس المكلف كنصيحة للبحث والتفكير، وليست شرطاً للتعاون والتسهيل، وثانية لتفعيل حكومة تصريف الأعمال، تُركت لما بعد السعي لإنجاح مساعي التأليف وليست بديلاً عنها إلا إذا انتهت إلى الفشل، واستغربت المصادر تسريب البعض لتحليلات تفترض في كلام السيد نصرالله مسعى لتشجيع التشدّد لدى التيار الوطني الحر، بينما السيد نصرالله يعلن التزامه بتسهيل حكومة الاختصاصيين إذا أصر الرئيس المكلف عليها.
وقالت المصادر إن الشأنين اللذين يجب اعتبارهما عناوين منفصلة عن المسار الحكوميّ من كلام السيد نصرالله، هما الخط الأحمر الذي رسمه أمام فلتان سعر الصرف متوجّهاً لمصرف لبنان وحاكمه للتدخل، وهو ما بدأ يعطي ثماره ويُنتظر أن يترجم أرقاماً يوم الاثنين. وقالت مصادر مالية إن سعر الدولار سيبقى تحت سقف الـ 10 آلاف ليرة، والخط الأحمر الذي وضعه أمام قطع الطرقات متوجهاً الى الجيش اللبناني والأجهزة الأمنية. وهو ما قالت مصادر أمنية إنه موضع دراسة متأنية لبلورة خطة تمنع تحوّل قطع الطرقات الى احتكاكات، عبر حصر المجموعات التي تقدم على قطع الطرقات وإبلاغها بتغيّر الخطط الأمنيّة بالتعامل مع هذا الشكل من الاحتجاج، وحصر الحماية والتعامل السلميّ بالتظاهرات والاعتصامات فقط.
الاتصالات المواكبة للمسار الحكومي لم تتوقف بين بعبدا وبيت الوسط، حيث العدد وتوزيع الحقائب طائفياً، وترسيم حدود مرجعيّات تسمية الوزراء من الاختصاصيين غير الحزبيين، عناوين لأسئلة يتم تبادل الإجابات حولها، في مناخات تراوح بين الجدية وعدم الثقة، وتداخل الأسئلة مع الشكوك، والأجوبة مع الآمال. وقالت المصادر المواكبة للمسار الحكوميّ إنها ترجح نجاح اجتماع الاثنين بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف بتشكيل الحكومة جزئياً، بمنع الفشل وصولاً لتأجيل ثانٍ إلى الخميس، ليحسم نهائياً مصير الحكومة العتيدة بين النجاح والفشل.
بقيت الساحة اللبنانية تحت تأثير مواقف الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله وسط حال من الترقب لمفاعيلها في ملف تشكيل الحكومة وعلى صعيد لائحة الأزمات المالية والاقتصادية والمعيشية فضلاً عن الأخطار الأمنية المحدقة بلبنان.
وانشغل الخبراء والمحليون في تحليل وقراءة أبعاد هذه المواقف وأثرها في الداخل. فأشارت مصادر مطلعة لـ»البناء» إلى أن السيد نصرالله وضع ثلاث مراحل لحل مشكلة قطع الطرقات
الأولى رسالة إلى المسؤولين المباشرين ويديرون عمليات قطع الطرقات بأن يرتدعوا لأن هذا الأمر لن يستمر.
الثاني رسالة إلى الجيش اللبناني بأن يتولى ذلك لكونه يملك الإمكانات والشرعية القانونية والشعبية لفتح الطرقات ولو بالقوة.
الثالث إذا لم يبادر الجيش والقوى الأمنية إلى فتح الطرقات فستتولى بيئة المقاومة هذه المهمة لكن من دون استخدام السلاح، لا سيما أن قطّاع الطرقات من العريضة شمالاً إلى الناقورة جنوباً إلى المصنع شرقاً لا يتجاوز عددهم 2000 موزعين على 150 نقطة أي يتراوح عدد الأفراد على كل نقطة بين 12 و15 يتحكمون بمصير عشرات آلاف الأشخاص.
ولفتت المصادر إلى أن «حزب الله وضع الخطط والبرامج للحصول على مواد غذائية وسلع محروقات وكل ما يحتاجه اللبنانيون من مصادر عدة لا سيما من إيران المستعدة لدعم لبنان بكل ما يحتاجه، لكن الحزب سيحاول أن يتم ذلك عبر الأطر الرسمية والحكومية لكن في حال تعذّر ذلك سيلجأ إلى وسائل خاصة لكسر حصار لبنان وتجويع شعبه. وهذه مسؤولية وطنية سيتولاها الحزب كما تولى معارك أخرى مع العدوين الإسرائيلي والإرهابي، لأن حصار لبنان اقتصادياً ومالياً هو أحد وجوه الحرب الأميركية الإسرائيلية الخليجية على لبنان.
فالسيد نصرالله بحسب المصادر حقق ثلاثة أمور في خطابه الأخير:
قطع الطريق بشكل مبكر على التحرك الأميركي في لبنان بعد زيارة قائد القوات المركزية الأميركية الى لبنان ومفاعيلها السياسية والعسكرية والأمنية.
إعادة النظر بجدوى نجاح المبادرة الفرنسية القائمة على تأليف حكومة اختصاصيين التي ستسقط في الشارع بعد فترة وجيزة.
أقفل الأبواب على بعض القوى السياسية التي تفكر بالحرب الأهلية.
فتح الباب واسعاً أمام مراجعة الدستور لمنع تعطيل تأليف الحكومة والدولة.
ووجّه السيد نصرالله رسالة حاسمة لمن يعنيهم الأمر بأن محور المقاومة في الإقليم حقق انتصارات عدة وفي طور استكمال الانتصار النهائي والكامل وبالتالي لن يسمح بأن يخسر في لبنان.
ولم يسجل أي جديد بعد لقاء بعبدا بين رئيسي الجمهورية ميشال عون والمكلف سعد الحريري، فيما لفتت مصادر «البناء» إلى أن طروحات السيد نصرالله أعادت خلط الأوراق وإعادة النظر بالصيغة القائمة لتأليف الحكومة من اختصاصيين يمثلون الكتل النيابية والسياسية إلى حكومة تكنوقراط لتحصين الحكومة في المواجهة المقبلة على كافة الصعد، فحكومة الاختصاصيين لا تلبي متطلبات المرحلة». واستبعدت المصادر أن تؤلف الحكومة الأسبوع المقبل كما لفتت الى أن «كلام السيد نصرالله الاخير وضع الخطوط الحمر أمام اللعب بسعر الصرف وقطع الطرقات، وبالتالي نحن أمام مرحلة جديدة في مواجهة العبث الأميركي الاسرائيلي الخليجي بالساحة اللبنانية، متوقعة مواجهة ساخنة في الأيام المقبلة لكون الأميركيين والخليجيين لن يستسلموا وسيستمروا في مخططهم واستغلال الأزمات لفرض التنازلات في قضايا استراتيجية عدة».
وفيما لاقى كلام السيد نصرالله ترحيب التيار الوطني الحر، أيد عضو كتلة لبنان القوي النائب جورج عطالله نصيحة السيد نصرالله للحريري بتشكيل حكومة تكنوسياسية، وقال عطالله: «بالأساس كنا من رأيه بأن تتمثل جميع الجهات السياسية بالحكومة لإنقاذ الوضع من قبل الجميع وتحمل المسؤولية المشتركة». مشيراً الى أنه «لا يمكننا التسليم بحكومة بأي ثمن لأن مصيرها سيكون كمصير حكومة حسان دياب». وأضاف: «الحكومة يجب أن تتخذ قرارات كبيرة خارجية وداخلية، وخصوصاً ملف رفع الدعم لأنه يمس كل لبناني وإن لم يتم التعاطي معه بمسؤولية كبيرة فهو خطير جداً، وهو ليس بسيطاً كي تتشكل أي حكومة، بل يجب أن تكون الحكومة قادرة على أن تأخذ قرارات كبيرة وتتحمل مسؤوليتها».
وأكد عطالله أن «رئيس الحكومة المكلف لديه طريقة من اثنتين، إما الاتفاق مع رئيس الجمهورية على شكل الحكومة وأسماء الوزراء من دون استشارة الكتل السياسية، والذهاب الى المجلس النيابي الذي يوافق أو لا، والطريقة الثانية الذهاب الى الكتل السياسية والاتفاق على الوزراء كي تخرج الحكومة مع ثقة من المجلس النيابي مباشرة».
وبعد تصريح الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الأخير الذي هدّد خلاله بمزيد من الضغط على السياسيين اللبنانيين سبقته تهديدات مسؤولين فرنسيين بفرض عقوبات جديدة بحق شخصيات ومؤسسات لبنانية، برز موقف أميركي حيال لبنان، حيث أكدت الخارجية الأميركية أمس أن «الولايات المتحدة الاميركية قلقة من تطورات لبنان»، وأشارت إلى أن «على قادته وضع خلافاتهم جانباً وتشكيل حكومة تنقذ اقتصاد البلاد». وذلك بحسب ما أفادت قناة «الجزيرة».
وفيما انعكس اللقاء بين عون والحريري إيجاباً على سعر الدولار الذي سجل تراجعاً ملحوظاً حيث بلغ أمس 11600 ليرة للشراء و11700 ليرة للمبيع. تابع رئيس الجمهورية الملفات المالية والاقتصادية والنقدية لا سيما موضوع ارتفاع سعر الصرف مع حاكم مصرف لبنان رياض سلامة الذي زار بعبدا والتقى عون.
وفي السياق، أعلن مكتب الإعلام في رئاسة الجمهورية، في بيان ان «بناء على توجيهات رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، وعلى اثر الاجتماع المالي والامني والقضائي الذي عقد في قصر بعبدا يوم الاثنين 8 آذار الحالي، عقد اليوم اجتماع بين حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ومستشار رئيس الجمهورية للشؤون المالية شربل قرداحي للاطلاع على الإجراءات التي اتخذها الحاكم لوضع حد للارتفاع غير المبرر لسعر الصرف وللمضاربة المشبوهة على سعر الليرة اللبنانية».
واضاف «أعلم الحاكم رئيس الجمهورية ان المصرف المركزي قرّر إطلاق العمل بالمنصة الالكترونية العائدة له بحيث يتم تسجيل كل العمليات وتصبح هي المرجع الاساسي للسعر الحقيقي للسوق. ويتضمن قرار مصرف لبنان ايضا السماح للمصارف ابتداء من الاسبوع المقبل، بالتداول في العملات مثل الصرافين الشرعيين وتسجيل العمليات بالسعر الحقيقي على المنصة، على أن تتابع لجنة الرقابة على المصارف حسن سير العمل. وسوف يتدخل مصرف لبنان لامتصاص السيولة كلما دعت الحاجة حتى يتم ضبط سعر الصرف وفقاً للآليات المعروفة». وختم «أبلغ رئيس الجمهورية حاكم مصرف لبنان ضرورة التشدد للجم المضاربات وتنظيف القطاع المصرفي والتصميم على استعادة الثقة حتى يعود لبنان قاعدة مصرفية في المنطقة».
وعلمت «البناء» أن زيارة حاكم مصرف لبنان الى باريس تتصل بطلب الفرنسيين معلومات اضافية حول عمليات فساد وتهريب اموال من لبنان الى الخارج وذلك لإضافتها الى المعلومات والمعطيات التي بحوزة الفرنسيين لاستكمال الملف في ضوء الملف القضائي المفتوح ضد سلامة في سويسرا.
وفي ضوء كلام السيد نصرالله عن العودة إلى تفعيل حكومة تصريف الأعمال، علمت «البناء» أن بعض الجهات السياسية فاتحت رئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب منذ عشرة أيام بموضوع إعادة تفعيل الحكومة. وبحث دياب أمس مع وزير المال الوضع النقدي والإجراءات التي يتخذها مصرف لبنان لمعالجة تراجع سعر صرف الليرة في السوق السوداء. وتمّت مناقشة مشروع الموازنة، والإسراع بانطلاق التدقيق الجنائي.
إلى ذلك، استقبل رئيس مجلس النواب نبيه بري في عين التينة، السفير المصري لدى لبنان ياسر علوي، حيث جرى عرض للأوضاع العامة وآخر المستجدات السياسية والعلاقات الثنائية بين البلدين.
ولفت عضو كتلة «التنمية والتحرير» النائب قاسم هاشم الى أن «ما يحمله الاسبوع المقبل من تطورات على مستوى تأليف الحكومة قد يكون مفصليا في ما ستؤول اليه أمور الوطن بعد الذي حصل من توترات وسجالات رافقت الواقع المأسوي اقتصادياً واجتماعياً، كادت تتوسع وتنبئ بالأسوأ لو لم يتم تدارك الامر من خلال الاتصالات والمشاورات التي خففت من وطأة ما حصل»، واشار لـ»البناء» إلى أنه «تم تغليب الحكمة والعقل وتجاوز السلبيات، ما يستوجب استكمال اللقاءات والاتصالات بروحية المصلحة الجامعة التي تفتح الباب امام الايجابيات وترجمتها بحكومة إنقاذية تأخذ على عاتقها وضع خطة إنقاذية لوقف الانهيار، والبدء بمعالجة الملفات الملحة لحماية الوطن من أي اهتزاز قد يدخلنا في نفق مظلم لا نعرف الى اين يقودنا في ظل ما يحصل من حولنا في المنطقة والعالم».
على صعيد آخر، تدخل البلاد من الاثنين المقبل في المرحلة الرابعة لفتح البلد. ويبقى تدبير حظر الخروج والتجول معمولاً به اعتباراً من الساعة الثامنة مساءً ولغاية الخامسة صباحاً ويستثنى من أحكام البند أعلاه العاملين في القطاعات المسموح لها بالعمل 24 ساعة. كما يُمدد توقيت العمل لجميع القطاعات التجارية ومحال البيع بالتجزئة المحدد في التعاميم السابقة لغاية السابعة مساءً ويبقى حظر إقامة التجمعات للمناسبات الاجتماعية والدينية قائماً.
وتُرفع نسبة عدد الموظفين في المصارف والمصانع لتصبح 100 في المئة من عديد الموظفين والعمال وتبقى الحانات والملاهي الليلية مُقفلة حتى إشعار آخر.
وأعلنت وزارة السياحة في بيان، عن شروط إعادة فتح المؤسسات المطعمية للمرحلة الأولى المقبلة، وذلك بناءً على القرار الصادر عن اللجنة الوطنية لإدارة الكوارث.
وأشارت مصادر اللجنة الوطنية لـ»البناء» إلى أننا نتجه الى إعادة الفتح النهائي خلال الاسبوعين المقبلين، وذلك بعدما تقدمت عملية التلقيح وتمكنا من السيطرة على الوضع الصحي بعدما وقفنا على حافة الانهيار والتفشي الكبير للوباء. ولفتت الى أننا لن نعود الى اقفال البلد، على أن تفتح بعض القطاعات أبوابها مع الاجراءات الوقائية، موضحة أننا لم نقفل البلد والقطاعات اساساً بل كل القطاعات كانت تفتح ضمن شروط معينة وحتى المطاعم كانت تعمل عبر خدمة «الدليفري».