مصرف لبنان مسؤول نعم
– كثيراً ما يختبئ المدافعون عن سياسات مصرف لبنان ومواقف الحاكم تحت عناوين غير مباشرة، مثل تكبير الحجر بالحديث عن الأسباب البنيوية للأزمة الاقتصادية مرة، ورفع السقف بمهاجمة الفساد تضييعاً للطاسة، وتحميل مجلس النواب والحكومات المتعاقبة مسؤولية الإنفاق الفوضويّ الذي يلزم مصرف لبنان بتأمين تمويله. وهذه كلها عناصر صحيحة، لكنها لا تعفي مصرف لبنان من المسؤولية الحصرية عن أمرين، هما مسؤولية مصرف لبنان وحاكميته حصراً، أي مسؤوليته من دون سواه، ومسؤوليته من دون مسؤوليات أخرى.
– مسؤولية مصرف لبنان قبل أي شيء آخر، ومسوؤليته من دون سواه، أن يحمي سعر النقد الوطني، وأن يحفظ ودائع اللبنانيين واستقرار نظامهم المصرفي، ويحق لمصرف لبنان وحاكمه التنصل من أي اتهام أو انتقاد لسياساته طالما هو ينجح بتحقيق هذين الهدفين، ويسقط كل كلام عن مسؤوليات لسواه عندما يفشل في تحقيق هذين الهدفين.
– هذا يعني أن مصرف لبنان عندما يدرك أن اتجاه ميزان المدفوعات ذاهب للاحتلال عام 2012 ملزم بأن يبدأ بالتحكم التدريجيّ بسعر الصرف صعوداً، بحيث تتلاءم معه الأسواق من دون أزمات، بدلاً من أن يضع يده على ودائع اللبنانيين ويمنح المصارف فوائد عالية عليها وصلت عبر الهندسات المالية الى 100% ليحمي سعر صرف منخفض ويعلن عجزه بعدها عن التدخل لحماية سعر النقد الوطني، ويتركه للعابثين والمضاربين، ويصمت عن تحويل الدولارات من الداخل الى الخارج، فيسقط الهدفان معاً، تطير الودائع وينهار النقد الوطني.
– في الأزمة الأخيرة بعدما تراجعت المستوردات الى 10 مليارات وزاد التصدير الى قرابة 4 مليارات وبقيت التحويلات من الخارج بين 6 و7 مليارات، لا يوجد سبب اقتصادي ومالي لارتفاع سعر الصرف، خصوصاً ان جزءاً كبيراً من فاتورة الاستيراد يمولها مصرف لبنان وليس السوق، ولا تفسير لارتفاع سعر الصرف 100% خلال أسابيع قليلة إلا بالمضاربات، تحت عين مصرف لبنان، الذي يتذرع بحفظ ما تبقى من ودائع اللبنانيين لعدم التدخل، وهو يستطيع ان يحفظ هذه البقية من الودائع بإعادتها تدريجياً الى أصحابها ليتم ضخها عبرهم في سوق الصرف، بأن يقرر شهرياً مثلاً فتح الباب لسحب 200 مليون دولار من الودائع يوزعها على الراغبين من أصحاب الودائع بتلقيها بالليرة اللبنانية على سعر السوق، ويضخ الدولارات الموازية في سوق القطع بالمقابل.
– حاكم المصرف مسؤول حكماً عن التدهور الأول والتدهور الأخير، ولا يستطيع التهرّب من المسؤولية.