تونس تطلق قمراً اصطناعيّاً محليّ الصنع
انطلق أمس، أول قمر اصطناعي مصنع بالكامل في تونس، وذلك بعد سنوات من «عمل مكثف وتضحيات كثيرة»، لتصبح تونس أول بلد مغاربي يصنع قمراً اصطناعياً ويطلقه. ويتألف فريق عمل المشروع من مهندسين تونسيين شباب، بمواكبة خبراء تونسيين في الخارج.
وأشاد الرئيس التونسي قيس سعيد بإطلاق أول قمر اصطناعي تونسي (تشالينج وان) أمس، (22 آذار 2021) إلى مداره حول الأرض في مهمات اتصاليّة. وأطلق القمر الاصطناعي صباح أمس، مع 38 قمراً اصطناعياً آخر من قاعدة بايكونور الروسية بكازاخستان، على متن المركبة الروسيّة «سويوز 2».
وبذلك أصبحت تونس أول بلد من بلدان المغرب وسادس بلد إفريقي يصنع قمراً اصطناعياً، بعد مصر وجنوب أفريقيا وغانا، وفق موقع «سبايس إن أفريكا» المتخصص. وكان من المقرر أن يقلع صاروخ «سويوز» الروسي يوم السبت، في الذكرى الخامسة والستين لاستقلال تونس. لكن الإقلاع تأجل إلى صباح الاثنين بسبب عوامل المناخ وأسباب أخرى تقنية.
وقال الرئيس سعيد، الذي حضر عملية إطلاق القمر الاصطناعيّ عن بُعد في مقر الشركة المصنعة للقمر الاصطناعي في العاصمة تونس: «ما كنتُ أتصور أنني سأحضر هذا الإنجاز الذي كان بمثابة خيال علمي نتابعه على شاشات التلفزة». وتابع سعيد: «اليوم مع هذا الشباب اليافع والمتطلع إلى المستقبل بإمكانيات تونسية خالصة، دليل أنه يمكننا أن نصعد إلى الفضاء، وأهم شيء هو التعليم. نحن شعب يقال إن إمكانياته ضعيفة ولكن إمكانياته البشرية قوية ولا متناهية».
ويسعى الآلاف من الشباب المهندسين الى مغادرة البلاد بالآلاف سنوياً بحثاً عن فرص وآفاق جديدة لإثبات قدراتهم.
وقالت شركة «تلنت» المتخصصة في التكنولوجيا والبرمجيات والأنشطة الهندسيّة وصاحبة المشروع، إن «القمر مختصّ في إنترنت الأشياء»، مشيرة إلى أنها «تقنية ستشكل مستقبل الإنترنت في العالم». وأوضحت أن «القمر الاصطناعيّ سيمكن من تبادل المعطيات في مجالات عدة، بينها النقل والفلاحة والخدمات اللوجستيّة والمناخ، من خلال استقبال المعطيات وإرسالها للمزوّدين في مختلف دول العالم».
وقال رئيس الشركة، محمد فريخة، إن «القمر الاصطناعيّ مصنع بالكامل محلياً وبكفاءات تونسية»، مضيفاً في كلمته أمس: «هذا هدية للشعب التونسي في ذكرى الاستقلال، وهو لمسة وفاء لجيل الاستقلال الذي استثمر في العمل والمعرفة، هذه خطوة أولى وستتلوها خطوات أخرى إلى الفضاء».
كما عبرت المهندسة هيفاء التريكي (28 عاماً) عن «ابتهاج كبير بعد ثلاث سنوات من العمل المكثف»، وتابعت بالقول: «من حسن الحظ أنّ هناك جوّاً جيداً لتجاوز الضغط والتدرب على التكنولوجيات الحديثة»، مضيفة: «قمنا بتضحيات كثيرة وهذا مستحق».
ويجسّد المشروع، البالغة تكلفته حوالى 1.2 مليون دولار والذي انطلق في 2018، عمل فريق من المهندسين التونسيين الشباب، بمواكبة خبراء تونسيين في الخارج، بينهم خبير شارك في مهمة «برسيفيرنس» التابعة لوكالة الفضاء الأميركية (ناسا) إلى المريخ. وتبلغ قدرة الإرسال الخاصة بقمر «تشالنج وان» الاصطناعي 250 كيلوبايت في الثانية على نطاق 550 كيلومتراً، بحسب الشركة المصنّعة.
وهو سيكون من أوائل الأقمار الاصطناعية التي تستعين في الفضاء بتقنية لنقل البيانات تُستخدم على الأرض تحمل اسم «لورا»، وهي تتيح توفير اتصال عبر الأقمار الاصطناعية بين قطع موجودة من دون الحاجة سوى لتغيير الهوائيات.
وسيحاول «تشالنج وان» تلبية الحاجة المتزايدة للوصل بين الأشياء عبر الأقمار الاصطناعية، إذ لا تغطي شبكة الإنترنت الأرضية أكثر من 20 في المئة من مساحة الأرض.
وفي مؤشر إلى الطموحات القوية في المنطقة في قطاع الصناعات الفضائية، أطلقت الإمارات العربية المتحدة الشهر الماضي أول مسبار عربيّ إلى المريخ. كما أنشئت وكالة فضاء إفريقية ومجموعة تنسيق عربية في قطاع الفضاء سنة 2019.