رسالة مفتوحة من كاهن سوري إلى قداسة البابا فرنسيس
} الأب الياس زحلاوي
صاحب القداسة،
غداً تقفل دائرة السنوات العشر من الحرب الكونية الظالمة على وطني سورية، ولمّا تنتهِ.
طوال هذه السنوات الجهنّمية، استطعتَ مع سلفك البابا بينيدكتوس السادس عشر، أن تحتفظ بصمت يثير أكثر من سؤال… وكنتما تكتفيان بالدعوة إلى الصلاة من أجل سورية.
ولكَم تساءلتُ أنا الكاهن، وسألتك في رسائل مفتوحة متلاحقة، أوَليس لديك سوى الصلاة من أجل سورية، حتى خلال رحلتك الأخيرة إلى العراق؟
أتراك لا تعلم ما حلّ بسورية من أهوال، وما يُراد له أن يحلّ بها أيضاً، حتى يُقضى عليها؟
أتراك نسيت أنّ السيد المسيح شاء، منذ ألفي عام، أن يختار له في دمشق بالذات، وليس في القدس، من كان عدوّه الألدّ، شاول الطرسوسي، ليجعل له، منه، فيها بالذات، أعظم مبشّر عرفته المسيحيّة؟
أتُراك نسيتَ أيضاً، ما كان لسورية آنذاك، من دور حاسم، وطوال القرون السبعة الأولى، من حيث ترسيخ المسيحية وانتشارها، ومن ثم، بدءاً من عام 636، من حيث ابتكار وتأسيس نمط من العلاقات الطيبة بين المسلمين والمسيحيين، ومن ثم بينهم جميعاً وبين اليهود، طوال القرون التالية حتى يومنا هذا، يجدر بالغرب كله، اليوم بالذات، أن يستلهمه قبل فوات الأوان؟
صاحب القداسة،
دعني أسألك بكلّ بساطة وجرأة: هل تُراك تجهل من الذي أغلق أمامك «الطريق إلى دمشق»، ولمَ؟ ليفتح لك أبواباً وهميّةً في العراق، ثم في لبنان؟
أوَليس للسيد المسيح ما يقوله لك الآن، وللكنيسة الغربية كلها، بهذا الشأن بالذات، وفي هذا الزمن بالذات، وفي دمشق بالذات، قبل فوات الأوان؟
أوَليس لك أيضاً ما تقوله وتفعله – أخيراً! – بهذا الشأن بالذات، وفي هذا الزمن بالذات، بوصفك ممثل السيد المسيح، في حين أنك ترى بعينيك، وتعرف يقيناً أنّ تلاشي المسيحيّة في المشرق كله، يكاد يكون وشيكاً، بدءاً من فلسطين، أرض مولده وصلبه وقيامته؟
أوَلم يبلغك بعد، ما آل إليه معظم الشعب السوري، من ضائقة مادية توازي المجاعة، من جرّاء حرب وحصار، فرضتهما عليه دول الغرب الخارجة أصلاً ودائماً عن كلّ قانون، بزعامة الولايات المتحدة الأميركية؟
لكَم يؤلمني، أنا الكاهن، أن أسمع أصواتاً في الغرب، مثل أصوات السادة ميشيل رامبو، وأوسكار فورتان، وتييري مارياني، تندّد علناً، وفي جرأة تتحدّى كلّ الاحتمالات، بمثل هذه المظالم، مع أنهم لا يملكون شيئاً من الحصانة الكاملة التي لك، ولا يمثّلون سوى ضمائرهم، في حين أنك، أنت، تمثّل يسوع الذي مات على الصليب، حبّاً بالإنسان، كلّ إنسان!
صاحب القداسة،
دعني في الختام، أذكرك بأنّ دمشق المصلوبة باتت اليوم، ولأمد بعيد، بوّابة القيامة لسلامٍ تحتاج إليه الأرض كلها!
وأنا الكاهن، أهديك من دمشق، رجائي الأخير هذا.