أيها المسؤولون الفرنسيون: Attendez!
} السيد سامي خضرا
الأخبار الآتية اليوم من الداخل الفرنسي لا تَشي بالراحة بل يطفو على سطحها القلق والتخبُّط والإجتهادات المُتضاربة والتي كان آخرها أنهم لا يستبعدون فرض عقوبات على لبنان خاصةً أنهم يعلمون أنّ في لبنان مُصفِّقين ومُطبِّلين لهم ومُريدين إلى درجة العشق بل القداسة وإقامة الصلوات والقداديس لهم دون غيرهم من دول العالم في تصرُّف لا يخلو من هِجنة وغرابة!
فقد اعتاد المسؤولون الفرنسيون ومنذ أن استعمرت فرنسا لبنان بعد تقسيم منطقة بلاد الشام وسَمَّوا استعمارهم انتداباً.. اعتادوا أن يتعاملوا معنا بطريقةٍ فيها الكثير من الإطمئنان والراحة نتيجة خضوع المستفيدين ومجمل الطبقة الحاكمة لهم، فكانت كلُّ أمورهم وأوامرهم وطلباتهم «وتمنيَّاتهم» تمرُّ عبر قنواتٍ معلومة قَلَّما يعترضها رفضٌ أو مفاجأة.
وبقِيَ الفرنسيون يتعاملون مع اللبنانيين وعلى مختلف الأصعدة والمجالات على هذه الوتيرة التي لا يُنغِّصها توترٌ أو إزعاج ما دامت مُجمل القوى والشخصيات الفاعلة في لبنان كانت على إرتباطٍ معهم بطريقةٍ أو بأخرى.. ومَن خرج عن هذا السياق كانت تنتظره علاجاتٌ خَبِرَها الفرنسيون في كثيرٍ من بلدان العالم بدءاً من فيتنام قبل حربها المشهورة وليس انتهاءً بالجزائر ودول الساحل والوسط الأفريقيين والجزر النائية في المحيطات.
فالفرنسيون جاهزون دائماً للحلول البديلة التي لا تخلو من دماءٍ واغتيالات وبات هذا مُعلناً ومعلوماً من اعترافاتهم ومصادرهم الرسمية وبعض اعتذاراتهم الخجولة لأسباب «إنسانية»!
لكن أيها الفرنسيون.. مهلاً:
1 ـ فإنْ أردتُم أن تَسلكوا مسلك الأميركيين في فرض عقوبات فعَليكم أن تنظروا إلى نتائج تلك العقوبات والتي لن تكون لصالحكم أبداً أبداً… بل سوف يكون لذلك أثمانٌ لا تتمنَّونَها.
2 ـ وإنْ كنتم تُريدون أن تتعاملوا مع الساحة اللبنانية كما اعتَدْتُم خلال قرنٍ فعليكم أن تعلموا أنّ «زمن الأول تحوَّل».
وبناءً عليه:
على كلّ أجهزتكم ووزارة الخارجية والطاقم الدبلوماسي عندكم والأجهزة المخابراتية لديكم بما فيها التي تعمل للإغتيالات والتصفيات (وهي بالمناسبة مؤسساتٌ عريقة وسِجِلُّها واسع) أن تعلموا أنّ لبنان تغيَّر كثيراً في ميزان القوى والشخصيات وعوامل التأثير والنوعية.
وأنّ تاريخاً جديداً كُتبَ في لبنان في العقدين الأخيرين هو حتماً على خلاف سياستكم وما تُريدون.
بل إنّ المنطقة برُمَّتها تغيَّرت وأيضاً على خلاف ما تريدون.
وللتفاصيل توسعةٌ خاصةٌ، لكنَّ الكلمة الوحيدة التي يُمكن أن نقولها لكم الآن:
أيها الفرنسيون مهلاً مهلاً،
لا تستغرقوا كثيراً في الوقوف على أطلال الماضي
بل انظروا إلى واقع اليوم لتعلموا ماذا يمكن أن يحدث غداً، فمقولات «الأمُّ الحنون» و«مربط خيلنا» والكلمات السخيفة المشابهة انتهت صلاحيتها.
أيها الفرنسيون تمهَّلوا وتَعَقْلَنوا…