رغم الوضع الإنسانيّ الصعب الاحتلال الأميركيّ و10 آلاف عنصر من ميليشيا “قسد” يقتحمون أكبر مخيم للاجئين في محافظة الحسكة
بلاك: واشنطن تشنّ حرباً همجيّة على سورية ومن الضروريّ وقفها
جدّد السيناتور الأميركي السابق ريتشارد بلاك التأكيد على أن الولايات المتحدة الأميركية تدعم التنظيمات الإرهابية لتدمير سورية وتسرق ثرواتها وتفرض العقوبات لحرمان شعبها من مقوّمات الحياة الأساسية في واحدة من أكثر الحروب “قسوة وهمجية”، مشدداً على ضرورة وقف “هذا الجنون”.
وقال بلاك في كلمة خلال مؤتمر معهد شيللر العالمي في الولايات المتحدة حول (عدوانية أميركا والحرب الإرهابية على سورية ودور الولايات المتحدة والناتو في ذلك): “أشعر بالذهول من فاحشة العدوان الأميركي على سورية”، مشيراً إلى أنه “من المهم الاعتراف بعد عشر سنوات من الحرب أن الغرب يحبّ الإرهابيين الذين يمقتهم الشعب السوري”.
وأوضح بلاك أن الولايات المتحدة لا تخوض حرباً على الإرهاب، كما تدّعي، بل إنها متحالفة بشكل وثيق مع الإرهابيين مثل تنظيم “القاعدة” لتنفيذ أجنداتها السياسية وتدمير الدول التي ترفض إملاءاتها.
وأشار بلاك إلى أن واشنطن وضعت منذ العام 2006 مخططات مفصلة لزعزعة الاستقرار في سورية تم نشرها على نطاق واسع في البنتاغون وأرسلت إلى حلف الناتو، مضيفاً أن “الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا هاجمت ليبيا في آذار 2011 ثم سلمت الولايات المتحدة السيطرة على مطار ليبي إلى الأتراك الذين استخدموه لنقل أسلحة متطوّرة نهبت من ليبيا لتزويد الإرهابيين الذين كانوا يجندونهم للقتال في سورية”.
ولفت بلاك إلى أن الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما أضفى عام 2013 الطابع الرسميّ على الدعم الأميركي طويل الأمد للإرهابيين من خلال التصريح سراً لوكالة المخابرات المركزية بتدريب وتسليح ودفع آلاف الإرهابيين للقتال ضد سورية، وقال: لقد “كانت تلك الجيوش الإرهابيّة تحت سيطرتنا تماماً”.
وأعاد بلاك التذكير بالجريمة التي ارتكبها إرهابيو (حركة نور الدين الزنكي) عام 2016 عندما أقدموا على اختطاف طفل فلسطيني صغير من أحد المستشفيات وتعذيبه وقطع رأسه في ريف حلب لترويع الناس واتخاذهم دروعا بشرية لعرقلة تقدّم الجيش العربي السوري. وقال: “لقد دفعنا رواتب كل رجل قطع ورفع رأس ذلك الصبي عالياً.. أعطيناهم أسلحتهم.. أعطيناهم كل ما يحتاجون إليه”.
وأشار بلاك إلى الحملة الدعائيّة المكثفة التي تشنّها الولايات المتحدة والناتو ضد سورية واتهاماتهم الباطلة للجيش العربي السوري باستخدام أسلحة كيميائيّة لإيجاد ذريعة للعدوان على سورية، لافتاً إلى أنه وفي العام 2018 اعترف وزير الدفاع الأميركي حينها جيمس ماتيس بأنه ليس لدى الولايات المتحدة دليل على هذه المزاعم.
ولفت بلاك إلى أن برلمانيين تركيين اثنين اتهما بـ “الخيانة” بعد أن كشفا عن لائحة اتهام جنائية أظهرت كيف تسللت خلية تابعة لتنظيم “القاعدة” لتهريب 2,2 كيلوغرام من غاز السارين عبر الحدود من تركيا لاستخدامها ضد المدنيين في سورية.
وبيّن بلاك أن “القوات الأميركية غزت في عام 2015 بشكل غير قانوني شمال سورية واستولت على النفط السوري وتمّ تفويض شركة نفط أميركية لبناء مصفاة بتكلفة 150 مليون دولار والتنقيب عن مزيد من النفط على أرض سورية ذات السيادة”. وقال: “سرقت الولايات المتحدة ثروة هذا الشعب تاركة السوريين يتجمّدون في الشتاء بينما نسرق وقودهم”.
وأضاف بلاك: “المنطقة نفسها في الشمال هي سلة خبز سورية وقد سرق هذا أيضاً.. أعطيناها للمرتزقة الذين يشحنون القمح السوري إلى التجار الأتراك بينما يتضوّر السوريون جوعاً”.
وأضاف بلاك: يجب على العالم أن يرفض هذه الحروب التي لا تنتهي.. لقد قاتلنا 10 سنوات ضد السوريين.. وقمعنا الشعب العراقي لمدة 30 عاماً وأسقطنا أكثر من ربع مليون قنبلة على العراق وقمنا بقصفهم حتى ونحن نجلس في معسكرات وقواعد عسكرية تحتلّ بلدهم.. يجب أن يتوقف هذا الجنون.
وفي سياق متصل، اقتحم جيش الاحتلال الأميركي مدعوماً بنحو 10 آلاف مسلح من ميليشيا “قسد” الموالي له، مخيم الهول شرقي محافظة الحسكة السورية، والذي يعتبر أكبر مخيم للاجئين والنازحين في شرق الأوسط، وذلك بعد يومين من زيارة رئيس اللجنة الدوليّة للصليب الأحمر للمخيم وصدور عدد من البيانات من المنظمات الدوليّة تدين الوضع الإنساني السيئ للمخيم.
وأفادت وسائل إعلام غربية في محافظة الحسكة نقلاً عن مصادر محليّة أن عشرة آلاف مسلح موالٍ للجيش الأميركي من تنظيم “قسد”، وبإشراف ضباط الجيش الأميركي، اقتحموا مخيم الهول (45 كم شرقي مدينة الحسكة) اليوم الأحد 26 آذار/ مارس، بعد ارتفاع أعداد القتلى من عملائه المتعاونين مع تنظيم “قسد” داخل المخيم، خلال الفترة الماضية، خصوصاً من حملة الجنسية العراقية.
وتابعت المصادر أن الحملة العسكرية الكبيرة التي يشهدها المخيم، تأتي بعد يومين من زيارة رئيس اللجنة الدولية للصليب الأحمر السويسري بيتر ماريرو إلى المخيم، والذي أبدى انزعاجه من الحالة الإنسانية السيئة التي يعيشها قاطنو المخيم، مطالباً جميع الدول العربية والأجنبية بضرورة العمل السريع على نقل مواطنيها من المخيم إلى بلدانهم بمن فيهم مسلحو “داعش” المحتجزون في سجون الجيش الأميركي وتنظيم”قسد” في شمال شرقي سورية.
وقالت المصادر إن الجيش الأميركي ومسلحي تنظيم “قسد” الموالين له، اقتحموا بادئ ذي بدء، القسم الأول (فيز المهاجرات) وهنّ زوجات مسلحي تنظيم “داعش” مع أطفالهن، وقاموا بتصوير جميع الأشخاص عبر جهاز بصمة العين مع البحث عن أسماء وأشخاص معينين.
وبينت المصادر بأن 10 آلاف مسلح من تنظيم “قسد” وبإشراف وقيادة ضباط وجنود الجيش الأميركي ودول ما يُسمّى “التحالف الدولي”، قاموا خلال الساعات الماضية بضرب طوق محكم حول المخيم، مع إغلاق جميع المنافذ والاستيلاء على عدد من المنازل المدنية وتحويلها مقار إدارة عمليات، ونشرت حواجز ونقاط تفتيش على طول الطرق التي تربط المخيم في مدينة الحسكة، مع استمرار قيام مروحيات أميركية بالتحليق على أطراف بلدة الهول والمخيم.
وكانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة “يونيسيف” قالت في بيان لها السبت إن “الوضع الأمني في مخيم الهول، والذي تقطنه آلاف العائلات من تنظيم” داعش”، والذي تديره “قسد” في شمال وشرق سورية، يثير المخاوف، لا سيما مع الإبلاغ عن مقتل 40 شخصاً بالغاً وطفلين منذ بداية العام، من بينهم 16 شخصاً خلال شهر آذار الحالي”.
وأكدت المنظمة أن هذه الزيادة الأخيرة في العنف في المخيم تسلط الضوء على الحاجة الملحة لوضع حلول طويلة الأمد لأطفال مخيم “الهول”، وشدّدت على ضرورة إعادة إدماج الأطفال السوريين بشكل آمن في مجتمعاتهم المحليّة، وإعادة الأطفال الأجانب إلى بلدانهم الأصليّة بأمان وكرامة.
وطالبت المنظمة السلطات المسؤولة عن المخيم بتأمين سلامة الأطفال وجميع المقيمين فيه، وذكرت أن المخيم يؤوي نحو 40 ألف طفل سوري وأجنبي، ويضم مخيم الهول أكثر من 62 ألف لاجئ ونازح، من بينهم نحو 22 ألف نازح سوري، وأكثر من 30 ألف عراقي، ونحو 9500 من عائلات مقاتلي تنظيم “داعش” الأجانب، الذين ترفض دولهم استعادتهم.