هل يصمد الحلف الإيرانيّ – السوريّ؟
} د. وفيق إبراهيم
هذا حلف الضرورة في وجه عودة أميركيّة إلى شرق أوسط، تريد الإصرار على ابتلاع المنطقة بعمق إسرائيلي – خليجي وعلى أساس إنهاء سورية وإيران لمصلحة وضع اليد على النفط والثروات وكامل الحركة التجاريّة.
بذلك تفهم الحركة الأميركية كإصرار على إبعاد الصين وروسيا وإيران وسورية عن مسرح الصراعات الأساسيّة.
فهل هذا ممكن؟ إن اتحاد الأميركيين مع «إسرائيل» والخليج وقسم من الأوروبيّين يشكل قوة أساسيّة من الصعب تجاوزها في وجه تحالف روسي إيراني سوري فلسطيني ليس ببسيط، لكنه قد لا يكون كافياً لمجابهة الحلف الأميركي ومتفرعاته أو لا يمكنه إلحاق هزيمة كبيرة به. فالمعركة قاسية جداً وأسلحتها قوية ومتنوعة وطويلة الأمد لا تنتهي بعمليات بسيطة، فهي عسكرية ونفطية واقتصادية ومتنوعة، ما يعني طول أمدها وشراستها وعجز أيّ من طرفيها على حسمها بسرعة.
الشرق الاوسط اذاً يتجه الى نزال كبير قد يكون تتمة للمعارك التي أصابته في السنين الماضية وكان أميركي الهوى ميالاً الى الانخراط في النموذج الغربيّ بدعوى التقليد والتطور والنأي بالنفس عن الروس والسوريين والإيرانيين، وكل مَن يتشبّه بهم.
نحن إذاً على وشك الانخراط في صراع محاور قويّ جداً هدفه النفط والاقتصاد والجيوبوليتيك ولا بدّ أنه طويل الأمد لأن عناصره ليست عادية بل تكاد تحشد القوى الأساسية في العالم، وقابلة لأن تجذب قوى أوروبية ومن أميركا اللاتينية وجنوب شرق آسيا اليها ما يعني أن العالم الاساسي لن يتخلى عن الانضمام إليها وبأشكال مختلفة.
أما السؤال المركزيّ فهو هل يصمد الحلف الإيراني السوري أمام الضغوط الأميركية الخليجية الاسرائيلية أم يسجلون انهياراً سريعاً؟
بالمنطق العسكري الاقتصادي يكشف المنطق أن الحلف الأميركي قادر على إلحاق هزيمة بالطرف الآخر وبسرعة، لكن الدور الروسي المسنود صينياً ليس بحلف سهل وبإمكانه الصمود الطويل في وجه التقدّم الأميركي.
لذلك فإن معركة هذين الحلفين طويلة الأمد وقد تشمل منطقة كبيرة من الشرق الأوسط تمتد من سورية الى إيران، مع إمكانية لجذب لبنان او القسم الأساسي منه، هذا مع الإمساك بغزة واقسام كبيرة من الأردن وفلسطين ومصر وشمال أفريقيا ولبنان. هذا هو المدى الجديد للمعارك العسكرية والاقتصادية الحديثة في الشرق الأوسط وهي لن تكون بسيطة أبداً لاقترابها من خطوط عسكرية قوية في أكثر من خط عسكري قوي.
متى تبدأ هذه الصراعات؟ يبدو أنها لم تعد بعيدة لأن الرئيس الأميركي بايدن بات يستعدّ لمعركة يحدد فيها الصين عدواً أساسياً للأميركيين، لكنه يهرب من تسمية الروسي مكتفياً بتحديد الصين التي تشكل جزءاً من اهتماماته العسكرية والاقتصادية، لكنه يهرب نحو الصين لاعتبارات التفريق بينها وبين روسيا لتسهيل المعركة وجعلها ممكنة أكثر.
هذا لا يعني أن الحلف الإيراني السوري الروسي ليس متيناً ومعه حليفته الصين التي تشكل قوة عالمية أساسية لا تنفك تتوسّع اقتصادياً وتشتدّ عسكرياً وتبني تحالفات ليست قليلة في كل مكان تقريباً.
للملاحظة فإن الأميركيين أصبحوا في وضعية المذعور من الانتشار الصيني العالمي ومعه التمدّد العسكري الروسي والصعود الإيراني الملحوظ الذي يكاد يكتمل في بناء إيران حديثة ونموذجية.
كما أن سورية لم تعد بعادية، تتجه لبناء قوة عسكريّة واقتصاديّة متماسكة.
العالم إذاً في قلب صراع محاور قويّة جداً لن تكون سهلة الحسم من الصراع الأميركي الصيني الروسي الأوروبي، بما يعني أن الاشتباك الثلاثي لن يكون الا اساس الصراعات الدوليّة القاسية جداً التي قد تقوم على أساس استهلاك البترول والغاز والأموال مع كثير من التوجه نحو صراعات عسكرية قد لا تكون بسيطة؛ ما يعني ان العالم يتجه الى اختلاط معارك عسكرية اقتصادية وتجارية ومن كل اتجاه، وذلك لتأمين المحاور العالمية الجديدة القادرة على السيطرة على العالم الجديد.