التعليق السياسي// ماذا لو استبدل الدعم بسداد قيمته ودائع؟
قامت نظريّة الدعم الحكوميّ للسلع المستوردة، خصوصاً القمح والمحروقات والأدوية وعدد من السلع الغذائيّة، على ركيزتين، الأولى أن تمويل الاستيراد من دولارات مصرف لبنان، التي كانت 30 مليار دولار قبل عام تماماً، سيحدّ من الطلب على الدولار ويحول دون تسجيل سعر الصرف ارتفاعات كبيرة. والثانية أن تسجيل عمليات الاستيراد على سعر الـ 1500 ليرة للدولار سيوفر هذه السلع بالأسعار التي كانت عليها ويمنع ارتفاعها أو يجعل هذه الارتفاعات محدودة.
عملياً، لم تنجح معادلة الدعم الحكوميّ التي قادها مصرف لبنان، فبلغنا الاحتياط الإلزاميّ للمصارف التي تشكل جزءاً من ودائع اللبنانيين، وسجل الدولار سعر الـ15000 ليرة، وسجلت ارتفاعات في الأسعار بين ثلاثة أضعاف وأربعة أضعاف، هذا بالرغم من تراجع الاستيراد الى النصف أي 10 مليارات دولار بدلاً من 20 ملياراً قبل عامين، وزاد التصدير من 3 مليارات الى 4 مليارات، وبقيت التحويلات بين 6 و7 مليارات، بحيث سدّت عملياً الفجوة في ميزان المدفوعات التي تضغط على سوق الصرف لرفع سعر الدولار، وظهر أن ثقب الدعم الأسود يذهب بالدولارات الى الخارج كتحويلات للتجار والمصرفيين والنافذين بذريعة الاستيراد المدعوم، وغالبية السلع المدعومة غير موجودة في الأسواق اما بسبب عمليات استيراد وهمية، أو بسبب عمليات التهريب وإعادة التصدير.
السؤال المحوريّ هو لماذا لم يلجأ مصرف لبنان الى تحرير دولارات لازمة لسداد نسب من الودائع الصغيرة والمتوسطة، ووفقاً لإحصاءات المصرف فإن مجموع الودائع ما دون الـ 100 الف دولار تعود لأكثر من 90% من المودعين، ومجموعها قرابة 24 مليار دولار، كان ممكناً البدء بسدادها قبل عام بأقساط على أربع سنوات، ما يتيح ضخ ستة مليارات دولار سنوياً في الأسواق، ستتكفل بمنع ارتفاع الدولار حكماً، ويمكن لمصرف لبنان سدادها بالليرة اللبنانية وفقاً لسعر السوق واستعمال الدولارات للدفاع عن سعر الصرف، بما يضمن السعر على ضفاف الـ 4000 ليرة وهذا أفضل للبنانيين من كل عمليات الدعم، وضمانة لاستعادة الناس لودائعها التي يشكل الاحتياط الإلزاميّ بعضاً منها.
الجواب على السؤال كان مفقوداً ولا يزال، وكان ممكناً ولا يزال!