حراك حكوميّ يقوده برّي: «شهر نيسان آخر الفرص ما قبل السقوط… والحل داخليّ» / نصرالله : ـ محور المقاومة إلى صعود ـ أميركا إلى أفول ـ صفقة القرن سقطت ـ إيران بخير ـ حل اليمن بشرط فك الحصار ـ«إسرائيل»مربكة ـ حلحلة حكوميّة
كتب المحرّر السياسيّ
أكدت مصادر متابعة للملف الحكوميّ أن شهر نيسان هو آخر فرص الإنقاذ، في ظل كل المعطيات التي تشير الى حجم التعقيدات التي سيحملها عبوره من دون حل حكوميّ، فسلفة الكهرباء تكون قد دخلت الشهر الثاني والأخير من فرص تفادي العتمة، وسعر الصرف سيطال سقف الـ 20 ألف ليرة بسهولة مع غياب الأفق السياسي لحلحلة، والشارع سيكون أمام مخاطر سيولة عالية تهدّد بالفوضى، والمؤشرات الأمنية المقلقة تقول بخطر خروج الأمور عن السيطرة مع تفاقم الفقر من جهة، ووجود مشاريع مخابراتيّة للعبث بالأمن وتأجيج المناخات الطائفية والمذهبية، وأخذ البلد نحو مخاطر الفتن الأهلية. وقالت المصادر إن التقارير التي رفعت لجميع المعنيين بالملف الحكومي داخلياً وخارجياً تتقاطع عند هذه النقطة، سارعوا لحلحة قبل نهاية شهر نيسان، وأن هذا التحذير حاضر بقوة في المقاربات الجديدة التي التقط إشاراتها رئيس مجلس النواب نبيه بري، وعبر عنها في خطابه التحذيري الذي شبّه فيه لبنان بسفينة تايتانيك آيلة للغرق، والمقاربات الجديدة داخلية وخارجية، عبرت عنها مواقف لبكركي والنائب السابق وليد جنبلاط، وحملتها حركة السفراء وفي طليعتهم السفيرة الأميركية، وما حمله المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم العائد من باريس. وتقول المصادر عطفاً على ما نشرته “البناء” أمس، عن صيغة متدرجة لولادة المبادرة خطوة خطوة، وعن مضمون المبادرة القائمة على صيغة حكومية من 24 وزيراً، أن التعاون بين الرئيس بري وقيادة حزب الله يتخذ هذه المرة شكلاً مباشراً حيث ينخرط الحزب في العمل لإنجاح المبادرة. وهذا ما يوفر للمبادرة التي تتقدم بحذر وتروٍّ، فرصة التأثير المتوازن على طرفي المعادلة الرئيسية المعنية بتشكيل الحكومة، رئيس الجمهورية من جهة، والرئيس المكلّف من جهة موازية، ووصفت المصادر تفاؤل الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في كلمته أمس بوجود مساعٍ جادة لحل الأزمة الحكوميّة بالدعم المعنوي للمبادرة، التي قد تتظهّر عملية نضوجها من خلال زيارة رئيس مجلس النواب لرئيس الجمهورية.
السيد نصرالله كان قد قارب الملف الحكوميّ بالتأكيد على وجود فرص داخلية للحل، وهو ما سبق وقاله سابقاً وأكده الرئيس بري مراراً، وتحدّث نصرالله عن سياق دولي وإقليمي إيجابي يحكم العالم والمنطقة، ويستدعي الثقة بأن الأمور إلى الأفضل، مشيراً إلى الأفول الأميركي، وتصاعد عناصر نموّ وحضور محور المقاومة، مستعيداً المعطيات التي تشير الى سقوط صفقة القرن والارتباك “الإسرائيلي”، والى سقوط كل محاولات فرض حلول تتجاهل الوقائع الجديدة في المنطقة، من إيران الى اليمن، حيث لا حل من دون فك الحصار.
أكَّد الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله أنَّ هناك حربًا إعلاميةً وسياسيةً على المجاهدين في اليمن من خلال تصوير المشهد بشكلٍ خاطئ، والقول بأنّ السعودية تُريد وقف الحرب وأنصار الله يرفضون وقفها.
وفي كلمة له خلال الاحتفال التأبيني للراحل الشيخ أحمد الزين، دعا السيد نصرالله السعودية والولايات المتحدة لإدراك أنَّهم يضيِّعون الوقت بعد اختبارهم اليمنيين الذين لن يُخدعوا، مشيراً إلى أنَّ وقف إطلاق النار من دون رفع الحصار يعكس الرغبة في تحقيق ما عجزوا عنه في الميدان العسكري. واعتبر أنَّ المبادرات المقدَّمة هي دعوة لحوار تحت ضغط الجوع والمرض، بينما ما يطلبه اليمنيون هو «وقفٌ عسكري إنسانيّ» للحرب على بلادهم.
ولفت الأمين العام لحزب الله إلى أنَّ الصمود الفلسطيني هو السّبب في عدم تمرير صفقة القرن واختفائها من التداول، والتي ماتت بسبب هذا الصمود بالإضافة لسقوط أحد أضلاعها وهو الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب. وأضاف: «أنَّ الضّلع الثاني لسقوط صفقة القرن هو الوضع الصعب لرئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو والأزمة الداخلية في الكيان الصهيوني وهو ما تعكسه الانتخابات».
كما أشار السيد نصر الله إلى أنَّ «الإسرائيليين» قلقون من تطوُّر محور المقاومة الذي يعمل في المقابل على تراكم قدراته، مؤكّدًا أنَّ المحور عبر أسوأ وأخطر مرحلةٍ في تاريخه، حيث بات يقابل التهديدات بالعمل الجاد وتراكم القدرات.
وأوضح أنَّ هناك تطورات دوليّة مهمة جدًا في ضوء وضع إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن للصين أولويّة في سياستها ثمّ روسيا.
وحول الجمهورية الإسلامية الإيرانية، أكَّد السيد نصر الله أنَّ ما لم تعطه إيران في ظلّ أقصى العقوبات والتهديد اليومي بالحرب لن تعطيه اليوم، وهي على عتبة تجاوز مرحلة الحصار والعقوبات بعد أن أثبتت قوَّتها وقدرتها. وطلب السيد نصر الله عدم انتظار أميركا والعالم والتطورات، داعيًا لحواراتٍ داخليةٍ وإقليمية لمعالجة المشاكل.
ورأى أنَّ أميركا تسير نحو الأُفول وهي في نزولٍ بينما محور المقاومة في تقدُّمٍ تصاعديّ.
وحول الوضع الداخلي اللبناني، قال السيد نصرالله: «الكل يُجمع أن المدخل الذي يساعد على وضع الأمور على طريق الحل هو تشكيل الحكومة»، مؤكداً للبنانيين أنَّنا لسنا في مرحلة يأسٍ، بل هناك جهودٌ جادةٌ وجماعيةٌ من أكثر من جهةٍ للتعاون لتذليل العقبات الحكومية.
وفي سياق ذلك، تترقب الأوساط السياسية تبلور المبادرة التي يعتزم رئيس المجلس النيابي نبيه بري طرحها على بساط البحث ووضعها بين يدي القوى السياسيّة كافة. وتنتظر عين التينة نضوج الظروف الملائمة واستكمال عناصر المبادرة للإعلان عنها. وأشارت أوساط عين التينة لـ»ألبناء» إلى أن «لا تقدّم عملي حتى الساعة لكن الأجواء العامة تميل نحو الإيجابية تجاوباً مع الأفكار التي طرحها الرئيس بري». وشدّدت على أن «الاتصالات عادت لتتفعّل على أكثر من مستوى وعبر عدة قنوات ومحورها عين التينة التي تواصلت مع بيت الوسط وتعتزم التواصل مع رئيس الجمهورية ورئيس التيار الوطني الحر». ولفتت إلى أن «الرئيس بري قد يزور بعبدا أو يتواصل بطريقة ما مع رئيس الجمهورية ولا مانع من أي اتصال أو زيارة تسهل تأليف الحكومة، فالرئيس بري كلما يرى أن الأمور تستدعي اللقاء كان يبادر رغم الظروف الأمنية التي تحكم حركته وتنقلاته». وأضافت: «دائماً كان الرهان على الدور الإنقاذيّ للرئيس بري»، كاشفة أن «الفرنسيين أبلغوا الرئيس بري تأييدهم حركته ودوره في هذه الظروف الصعبة التي يمر بها لبنان».
وأوضحت الأوساط أن «أفكار الرئيس بري ترتكز على حكومة اختصاصيين غير حزبيين ومن دون ثلث معطل لأي فريق على أن يتم الاتفاق على العدد وليس بالضرورة 18 وزيراً بما يسهل ويسرع التشكيل وحكماً آلية لاختيار الوزراء».
وعن موافقة رئيس الجمهورية ميشال عون عون التخلي عن الثلث المعطل وقبول الرئيس المكلف سعد الحريري التنازل عن صيغة الـ18 وزيراً والسير بصيغة الـ24 قالت الأوساط: «بالنهاية الطرفان محكومان بالتوافق والتسوية».
وعلمت «البناء» أن «الموقف الفرنسي الأخير كان واضحاً ومتشدّداً وحذّر بشكل حاسم من التعطيل المتعمد ما دفع بالقوى السياسية كافة الى تفعيل الجهد والاتصالات واللقاءات للبحث عن مخرج للأزمة الحكومية». كما علمت أن «رئيس الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط ابلغ الجميع تأييده أي تسوية تُخرج البلد من المأزق الحكومي ومن الانهيار وهو يؤيد أفكار الرئيس بري وينصح الحريري السير بالموافقة على صيغة الـ42 وزيراً الأقرب لتحقيق تمثيل التوازنات السياسية والطائفية».
وسجلت حركة لافتة للمدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم العائد من باريس حيث تنقل بين المقار الرئاسية، وزار عين التينة والتقى الرئيس بري وعرضا الأوضاع العامة والمستجدات الأمنية والسياسية. في موازاة ذلك، عرض الرئيس بري التطورات السياسية أيضاً وشؤوناً تشريعيّة، مع الأمين العام لحزب الطاشناق النائب هاغوب بقرادونيان.
وفي سياق ذلك، لفتت مصادر قناة «المنار» إلى أنّ «خلال لقاء الرئيسين بري والحريري الأسبوع الماضي، عاد ملف تشكيل الحكومة إلى المربّع الأوّل، أي النقاش على عدد الوزراء والحقائب والأسماء». وأشارت إلى أنّ «هذه العودة كانت انطلاقة لإحراز تقدّم، يمكن أن يحقّق خاتمةً منتظرةً منذ أشهر»، مبيّنةً انّ «الحراك في الكواليس، أوّل أحرفه كُتب في عين التينة». وأوضحت أنّ «مقاربة بري للحلّ لم تتحوّل بعد من فكرة إلى مبادرة كاملة، بانتظار تأمين مقوّمات النجاح لها». وركّزت على أنّ «نتائج حراك الأيّام الماضية والساعات الأخيرة تحديدًا، مِن المتفرض أن تظهر خلال الـ48 ساعة المقبلة»، مؤكّدةً أنّ «الضوء ليس ببعيد، وقد يكون أقرب من أيّ وقت ماضٍ، والتعويل على عدم بروز ما قد يطيل النفق المظلم».
وفي ضوء تقدّم الأجواء الإيجابية سجل سعر صرف الدولار في السوق السوداء تراجعاً ملحوظاً اذ بلغ 12250 ليرة للشراء 12300 للمبيع.
في غضون ذلك، اعتبر رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب، أن «انفجار مرفأ بيروت في 4 آب 2020، شكل ضربة قوية أدت إلى تفاقم الأزمة غير المسبوقة والحادة والمتزامنة التي يواجهها البلد، مخلفاً مآسي لا توصف على اللبنانيين مدمّراً الأعمال التجارية في جميع أنحاء البلاد، نظراً إلى أن مرفأ بيروت يعد أكبر نقطة شحن وتخليص في لبنان، حيث إن ما يقرب الـ 70 في المئة من مجموع الصادرات والواردات التجارية اللبنانية يمر عبره».
وخلال ترؤسه الاجتماع الأول لإطلاق عمل المجموعة الاستشارية الخاصة بإطار الإصلاح والتعافي وإعادة الإعمار التي وضعتها مجموعة البنك الدولي والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي بالتعاون مع الحكومة اللبنانية والمجتمع المدني بعد تفجير مرفأ بيروت، لفت الى «أن 60 في المئة من اللبنانيين يعيشون تحت خط الفقر، بينما تستضيف بلادهم بسخاء ما يقرب من مليوني لاجئ ونازح». وأكد أن «تعزيز صمود الشعب اللبناني، وشبكة الأمان الاجتماعي، ومقدّمي الخدمات من القطاعين العام والخاص، ودعم الشركات الصغيرة والمتوسطة المتضررة بشدة من الانفجار، كلها عوامل أساسية للارتقاء بسبل العيش في المرحلة الأولى من مراحل تنفيذ إطار الإصلاح والتعافي وإعادة الإعمار».
على خط موازٍ، استقبل وزير المالية في حكومة تصريف الأعمال غازي وزني، وفداً من الاتحاد العمالي العام برئاسة الدكتور بشارة الأسمر. وقد تمّ التباحث في موازنة الضمان الاجتماعي ومعالجة قضية مصالح المياه وعائدات الجباية والتعويضات المتأخرة والسلفات المستحقة لمؤسسة مياه البقاع.
وأكد وزني خلال الاجتماع أن موضوع الرواتب والأجور للقطاع العام مؤمن لعام 2021.
أما بشأن المنصة الالكترونية التي أطلقها مصرف لبنان، أشار وزني إلى أنها «حل موقت لا يعالج أزمة الليرة في لبنان وإنما الحل الدائم يكون من خلال تفعيل دور الحكومة وما يترافق معها من إصلاحات».
وفي ما خصّ الموازنة شدد وزني على أنها تركز على هدفين الأول اجتماعي صحي والثاني لدعم المؤسسات الاقتصادية، مشيراً إلى أنها لم تتضمن أي إجراءات ضريبية.
في المقابل، أعلن رئيس اتحادات ونقابات قطاع النقل البري بسام طليس خلال مؤتمر صحافي أن «الاربعاء المقبل هو يوم إضراب عام وتحرك واعتصامات وتجمعات ومسيرات سيارة لقطاع النقل البري على جميع الأراضي اللبنانية، ونحن من نختار ونحدد المواقع التي سنعتصم أمامها».
ولفت الى أن «ما يجري اليوم في مراكز المعاينة الميكانيكية مصيبة وذلّ للمواطنين، وبالنسبة لنا لا مشكلة لأن المجلس النيابي أقرّ مشروع إعفاء 100 بالمئة من رسم الميكانيك لسائقي السيارات العمومية، لكن المصيبة عند المواطنين».
وسأل «ما السر؟ وما القطبة المخفية وراء الإبقاء على نسبة معينة من الرسوم على السيارات الخصوصية؟». وقال: «إذا كان الهدف هو إفادة الشركة التي تعمل خلافاً للقانون سنسلّم، لأنه يبدو أن أصحاب هذه الشركة أقوى من القانون والأنظمة مرعية الإجراء».
وطالب وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال محمد فهمي ورئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب بإقرار قانون يلزم كل اللبنانيين دفع رسوم الميكانيك يُضاف لها رسوم بدل المعاينة الميكانيكية في أي مكان ووقف تعريض للمواطنين للذل.