وتسألون هل المسيح قام…؟
} د. رائدة علي أحمد
نعم، المسيح قام، حقاً قام… قام من صلبه، من موته، قام من الآلام والعذابات، من المجاعة والفقر اللعين، قام وفي يده الأرنب الذي سيوزع الهدايا والبيض على المحرومين، تاركاً سلطة العار تهدم ما بناه، وتقتل ما أحياه، وتشرّد ما جمعه. تاركاً العيد خلفه، وسلال البيض فارغة، وقد توشّحت بالسواد لأنّ حيتان المال احتكروا ما فيها، وتركوا دمعة الأطفال والفقراء عالقة بين قشاشها، وألسنتهم تلعق الشفاه الجافّة، وتمضغ الوعود الكاذبة.
المسيح قام، حقّا قام.
قام ليعيش غربة في منفاه الجديد، قام ليشهد على الأقزام الذين لم يصادقوا الله، بل صادقوا جيوبهم ومخازنهم، وأزلامهم ومحاسيبهم، قام تاركاً العيد خلفه، يغسل وجوه الأمهات الثكالى، ويراقب الآباء وهم يقفون صفوفاً منتظمة أمام محطات الوقود، والأفران، والسوبرماركت، يتقاتلون على المواد الغذائية المدعومة، ويتنافسون على قسمتها، ويذرف دموعه على الشباب العجزة الذين رسم الهمّ أثلاماً على وجوههم الفتيّة، وهم يبحثون عن مستقبلهم الضائع في وطن لا قيامة له.
المسيح قام، حقاً قام.
والثلث المعطّل ضائع بين بيت الوسط والقصر الجمهوري، والمقاعد الوزارية لا تكفي المحاصصة الطائفية، والستة وستة مكرر أصبحت ثمانية. المسيح قام والأرقام الحسابية خرّت هاوية على تلك المقاعد، فخاف ركاّبها من النزول في محطات العمر، وقرّروا أن تستحيل نعوشاً لعجزهم المرقوم، وقبورا لهاماتهم الشامخة.
المسيح قام، حقاً قام.
قام ليشهد الفساد وقد استفحل… واستحال شعار الإصلاح هدماً للقيم الأخلاقية والاجتماعية والسياسية، قام ليشهد كفتي ميزان العدل وهي تهوي على أقدام الزعماء والمسؤولين تمسح أحذيتهم وتعتقل المساكين الضعفاء، والشرفاء الذين رفضوا الذلّ لترميهم في السجون لأنهم حاولوا الحصول على البيض التي حمله الأرنب في سلّته هدية لأبنائهم.
المسيح قام، حقّا قام. غير أنه لم يلق من يمسح دمعته، ويخفّف آلامه، ويوزع هداياه.