ليلة الفصح والفكر الإشراقي
الياس عشّي
العقل المسيحي فكر إشراقيّ يتجذّر في ثلاثة :
الأول: في العشاء السرّي :
كرّس السيّد المسيح جسده ودمه في ذبيحة حضارية، جوهرها الإنسان المتأله في الآخرين. فبدلاً من أن يُذبَحَ الآخرون تمجيداً لـ «يهوه»، أو لآلهة وثنية، جاء السيّد المسيح ليكون هو الذبيحة؛ مكرّساً، بهذه المناقبية، خلاصاً أبديّاً لعالَمٍ غارق في النزوات .
الثاني: في الجمعة العظيمة :
« الجلجلة» و «مغارة بيت لحم» صارتا توأمين في نقطة عبور واحدة. ففي «بيت لحم» كان الطفل يسوع ملكاً في مذود، يسجد الملوك والرعاة له. وعلى «الجلجلة» كان السيّد المسيح ملكاً على صليب، تسجد السماء والظلال والأشجار لموته المتوّج حربةً في الخاصرة، وخلّاً في الفم، ومساميرَ كما الأوسمة تزيّن جسده الناحل. وفي كلا العبورين نسمع نحيب النساء في «بيت لحم» ونحيبهنّ في «القدس»، وفي كلا العبورين نلمح «هيرودس» و «يهوذا الاسخريوطي «
الثالث: في سبت النور :
بشرى القيامة، القيامة من الموت، لأنه مكتوب أنّ ابن البشر يموت ثَمّ يقوم في اليوم الثالث. والقيامة في العقل المسيحي هي بداية «العهد الجديد»، وهي بداية الإشراقة الروحية. لو لم يمتِ المسيح ويقمْ، لما كان للمسيحية هذا الحضورُ البهيُّ. قيامة المسيح فلسفة من نوع آخر انتصرت فيها القوة الكامنة في الروح على عالم لم تحكمه سوى الغرائز .
وبعدُ… ماذا، نحن المسيحيين، تعلّمنا من هذه العناوين الثلاثة المتجذّرة في ليلة الفصح؟
ما زلنا، في أكثرنا، طلّاب مسيحيّة، والشهادة على الصليب صارت إلى طقس، نحتفل بها مرّة في العام، دون أن تعني لنا شيئاً على امتداد الأيام الباقية.