هل انتهى الأردن نموذج 1930؟
} د. وفيق إبراهيم
الانقلاب الذي أصاب الحكم الأردني منذ عدة أيام، ليس عملاً عادياً يُراد منه تغيير أمير بملك كما يحدث في معظم البلدان.
الاشارة الأولى الى ان الانقلاب كان ضخماً ولم ينجح، وسكتت عنه قوى مجاورة، لم يكن أحد يعتقد أنها قادرة على الصمت، يكفي ان المتورطين هم أصحاب أحجام كبيرة وارتباطات خارجية أكثر.
يبدو أن الملك عبدالله الثاني انتبه منذ مدة قياسية الى شيء ما يدور في الأجنحة العسكرية والسياسية لمملكته بهدف إقصائه فاحتاط بانياً شبكة امان من حوله لأسباب عديدة، اولها ان الغليان يضرب المنطقة من سورية الى فلسطين مروراً بلبنان ومصر، لقد شعر أن تغييراً كبيراً يستهدف الكيان الأردني السياسي بهدف إنهاء قضية فلسطين، وهذا غير ممكن إلا بإنهاء الاردن السياسي وإيجاد حلول نهائية لنحو مليون ونصف فلسطيني مقيمين ويرتبطون بأعداد مماثلة منهم في سورية ولبنان، ما يعني أن ثلاثة ملايين فلسطيني كانوا عرضة لقبض تعويضات محترمة من جهات إسرائيلية ودولية لينتقلوا الى بلدان آسيوية وغربية. وهذا أمر سهل ليس له ما يحول دونه. فالسيسي مثلاً مستعدّ بنخوة القادر على التلاعب بقناة السويس بدمج أكثر من مليون فلسطيني مقابل مبالغ معلومة وتأييد غربي سياسي.
وكذلك بعض بلدان شمال أفريقيا المتأهبة لدمج فلسطينيين مقابل تأييد غربي سياسي لها كحال المغرب وليبيا والجزائر.
الانقلاب الأخير إذاً ليس مجرد تغيير عادي في الحكم بقدر ما أراد الذهاب نحو إنهاء القضية الفلسطينية على أساس إبعاد ملايين الفلسطينيين من الأردن وإلغاء الدور السياسي للأردن المتأسس منذ 1930 كفاصل بين فلسطين المحتلة والاردن له وظائف استيعاب المهاجرين الفلسطينيين وإقفال طرق الخليج من جزيرة العرب وفلسطين المحتلة.
فهل أراد انقلاب الامير حمزة بين الحسين تحقيق إجراءات سياسية عديدة تجري دائماً عقب كل انقلاب عسكري ام ان الذين يقفون خلفه، نحوا منحى إلغاء الاردن السياسي وانهاء القضية الفلسطينية؟
خصوصاً أن الجهود المبذولة لإنجاح الانقلاب لم تكن عادية لأنها شملت مراكب قوى كبرى في دولة عادية كالأردن، ولا يمكن لأحد ان يصدق أن الاميركيين والاسرائيليين لم يكونوا على علم بذلك ويذهبون مذهب تشجيعه؟
أما لماذا التشجيع فلإنهاء القضية الفلسطينية بإنهاء دور الأردن لأنه لم يعد مطلوباً كما كان في الثلاثينيات.
هنا يقول المتورّطون الخارجيون إن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان أراد بقوة تأييده لـ«إسرائيل» فنحا منحى تأييدها بإنهاء قضية فلسطين وهذا لا يكون الا بإنهاء قضية فلسطين المتمركزة سياسياً وايديولوجياً وبيولوجياً في الأردن، لذلك دعم محاولة انقلاب أوهم فيها حمزة بن الحسين أنه يريد الانفتاح على اسرائيل بانقلاب أردني، لا يؤدي الى تغييرات بيولوجية عميقة، بل ينتج تحالفاً أردنياً – إسرائيلياً سعودياً.
بدوره صدّق الحمزة خصوصاً بعد تلقيه كميات كبيرة من المال معتقداً أنها دليل تأييد سعودي وغربي وإسرائيلي في آن معاً.
الهدف اذاً كما يبدو هو تحويل الأردن الى لعبة لإنهاء قضية فلسطين بالتعاون بين ثلاثي رأسه محمد بن سلمان السعودي الذي يريد بقوة حلفاً إسرائيلياً سعودياً، والعرب و«إسرائيل» بأجنحتها اليمينية واليسارية والدينية المتطرفة.
هل هذا يعني انتهاء مرحلة الدلال الأردني مع الأميركيين والإسرائيليين بعد واقعة الانقلاب الأخير؟
يبدو أن هذا الانقلاب ذهب نحو تجديد ممر النظام الأردني من طريق غربي إسرائيلي وسعودي أردني من جهة ثانية، فأصبح صعباً إحداث تغييرات بيولوجية عميقة باستثناء بعض التحسينات السياسية وهذا شيء ممكن قد يدفع اليه الأميركيون والبريطانيون.
ويبدو أن المعونات المالية للأردن الآتية من الإنجليز والسعوديين والإسرائيليين قد تشهد تطوراً كبيراً له وظائف متعددة أهمها تأكيد استمرارية النظام السياسي الأردني كحال الأنظمة العربية المماثلة.
كما أن الأميركيين أخذوا على عاتقهم تأمين دعم خليجي كبير للأردن من السعودية والإمارات والكويت ودولة الإمارات. وهذا يعني العمر المديد لأصحاب الأعمار القصيرة.
هذا ما أكده أمين سر المملكة باسم عوض الله الذي كشف أن الاردن اجتاز مرحلة جديدة برعاية أميركية سعودية إسرائيلية وأمراء أردنيين.
سياسياً، يذهب الملك الأردني عبدالله ناحية بناء تحالفات مع مصر و«إسرائيل» والإمارات ومحمد بن سلمان والغرب الاميركي والأوروبي لتأمين استقرار قوي لمملكة الأردن التي لا تنتج شيئاً وتتلقى رواتبها من الدول الأجنبية كل شهر جديد، كالعمال تماماً. أهذه دولة؟
لم تنته اذاً خدمة الأردن التاريخية مع تأمين انضباط كبير لكامل أمراء العائلة المالكة، على ان يتولى الراعي الأميركي توفير الحماية للراعي الملكي واخواته والعاملين عنده من كافة الاتجاهات مع منع الفلسطينيين من أية اتجاهات مستقلة والبقاء تحت رايات الهاشميين يصِلون سعودية محمد بن سلمان وبن غوريون وجيش العدو بقوات فلسطينيّة.