لِمَ كلّ هذا التنمّر؟!
تعودنا في مجتمعاتنا الشرقية على الصوت العالي والصراخ والكثير من الثرثرة، فلِمَ كلّ هذا التنمّر؟!
تعودنا في مجتمعاتنا الشرقية على الصوت العالي والصراخ والكثير من الثرثرة، فكل إنسان يعيش في هذه المنطقة هو بالفطرة غير راضٍ على ما يحدث بمعظم الأحوال، لكنّ أن يصل عدم الرضى إلى التنمّر لهو شيء مزرٍ للغاية..
قرأت منذ أيام مرافعة طويلة لأحدهم يبرهن فيها على أنّ الكاتبة المصرية الراحلة منذ أيام (نوال السعداوي) يجب أن تدخل نار جهنم!
السعداوي رحلت، ذهبت بمنهجها بفرضيّاتها بصمودها بقناعات خالفت فيها الشرق، لكن الشرق بقي.
حتى نكون منصفين. فالنساء لهنّ كيد وغرور وعن المثالية لسنا السباقات فهنّ كالرجال تماماً الخير والشرّ موجود، لكنّ وازعاً ما، قناعة ما، يفصلنا عن أحد الطريقين فقط لنكون ميالين للأفضل أو للأسوأ. ويبقى الخيار لنا.
رغم كل الفوضى، كل الجدال، كل المفاهيم المتحررة، كل تعابير الحرية، كل التساؤلات، كل التعجب، رغم كل هذا وذاك ينبغي أن تبقى المسؤولية عامرة بيننا.
العالم المثالي الذي كانت تبحث عنه السعداوي غير موجود في مجتمعاتنا العربية، هنا يوجد ضربٌ للزوجات، وخيانات وخداعات وأكل ميراث ومكاسب تكاد تصنف بسلسلة الجرائم، لا مثالية في أي مجتمع قط، هذا ما كان ينقص السعداوي ولم تقتنع به.
كفى.. لوّثنا المناخ وأججنا العنصرية وأقمنا الأسوار والأسلاك الشائكة وأضحت المقاطعة الاقتصادية وفرض العقوبات شيئاً عادياً لا ترفّ منه الجفون ومع كل هذا يلجأ الأكثرية إلى التنمر سواء على شخصيات سياسية أم ثقافية أم غيرها!
مخطئ من وصف المــرأة ضعــيفة فهــي المكــون الأساس لتكميل صورة الرجــل، فلــن ينجـــح بلا امرأة تدفــع به، ولن يولد ولي عهــد بلا امرأة، ولن يفخــر بصلبه من دون تربــية امرأة، ولن يجــد جدلياً ينــاصفه الغضب، الحزن والفرح، الحب والعشــق، المودة والرحمة سوى امرأة.
المحاكمة التي قرأتها عن جزاء السعداوي كانت محاكمة بليغة ومنطقية ودينية مدعمة بأدلة وبراهين نقلية وعقلية، ظهر فيها (المرافع) بارعاً فقد مثّل أغلب الأدوار، دور القاضي والمدّعي وحتى دور حاجب المحكمة، الدور الوحيد الذي لم يؤدِه وأوكله إلى الله هو دور الجلّاد (منفّذ القرار)؟؟!!
كيف استطاع الإنسان أن يحوّل الخالق «عزّ وجل» مطلق الرحمة والقدرة إلى مجرّد شرطي جلّاد ينفّذ القرارات الصادرة عن ذلك الإنسان؟!
لَمَ كلّ هذا التنمر؟ على شخصيات كثيرة في مجتمعاتنا؟ لِم الأكثرية تمثّل دور المُحاسِب وكأنهم ملائكة ولا يخطئون؟!
لسنا نسخاً متشابهاً ولو كنّا كذلك لم وجد يوم حساب..
صباح برجس العلي