التعليق السياسي
حاكم مصرف لبنان والتدقيق الجنائيّ
في قلب النقاش اللبناني ملف اسمه التدقيق الجنائي وملف آخر اسمه حاكم مصرف لبنان، ولا أحد يستطيع الفصل بينهما. فرغم أهمية التدقيق الجنائي الشامل لكل مؤسسات الدولة، يعلم الجميع ان كل حسابات المؤسسات الخاصة بكل إنفاق لغير الرواتب والقرطاسية والمتفرقات، تمر عبر حجز اعتمادات من قبل وزارة المال لدى مصرف لبنان لحساب المتعاقدين في كل المشاريع التي تقوم بها الوزارات والمؤسسات والصناديق، بحيث يمثل التدقيق الجنائي في حسابات مصرف لبنان الجزء الجوهري من التدقيق في كل الإنفاق العام يستكمله التدقيق بالتفاصيل عندما يصل الى هذه المؤسسات.
في مرات سابقة تمّ طرح قضية مساءلة حاكم مصرف لبنان من قبل الحكومة المستقيلة قبل أن تستقيل، فخرجت مرجعيات دينية ترسم حول الحاكم خطاً أحمر، تحت شعار تعميم المساءلة واعتبار التخصيص مساساً بطائفة الحاكم، لكن هذه المرة كان الخطاب لافتاً، بربط التدقيق الجنائي بالحكومة الجديدة، في ظل ما يعلمه الجميع عن تمسّك الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة بحاكم المصرف وتوفير الحماية له عندما يصبح رئيساً للحكومة.
كلما شعر اللبنانيون أن تحولاً إيجابياً قيد التحقق يأتي النظام الطائفي ليقول لا تحلموا ولا تأملوا خيراً، ففي ظل النظام الطائفيّ لا أفق للخير ولا للتقدم، ولا مساءلة ولا إصلاح ولا تدقيق في ظل النظام الطائفي لا مع حكومة قديمة ولا مع حكومة جديدة، إلا عندما يتم إفراغ التدقيق من مضمونه، ويخرج بنتيجة لا تشبه الحقيقة فتلقي اللوم على الصغار لتحمي الكبار، أو تأتي النتيجة أن الشعب اللبناني يتحمل المسؤولية وأن المطلوب محاكمة الضحية بدلاً من الجلاد.