أمسية تكريمية للشاعر الراحل أمين الذيب في صالون الأدب الوجيز في سوسة – تونس وقراءات ومشاركات تونسية لبنانية مغربية
نظّم صالون الأدب الوجيز في سوسة أمسية أدبية لتكريم الشاعر اللبناني الراحل أمين الذيب مؤسّس ملتقى الأدب الوجيز، يوم السبت 10 نيسان 2021 في منتدى دار الثقافة في مساكن.
في البدء تمّت الإشارة إلى علاقة الشاعر الراحل «أمين الذيب» بهذا الصالون. إذ كان له الفضل في إطلاق الأدب الوجيز في العالم العربيّ كهويّة تجاوزيّة ثم في التمهيد لنشوء فكرة هذا الصالون الرائد، أوّل صالون مختصّ في الأدب الوجيز في تونس، تحت إشراف المندوبية الجهويّة للثقافة في سوسة. فكان خير داعم له ومتابع لأنشطته فكان رجلًا مبدعًا طموحًا يحمل من المنطلقات الفكريّة التي مكّنته من تأسيس ملتقى الأدب الوجيز في بيروت منذ 2017 وفق مراحل يطول شرحها.
وكانت الفكرة الأولى تنظيم ملتقى تونسيّ لبنانيّ في الأدب الوجيز بالتعاون مع الرابطة العربيّة للفنون والإبداع وانعقد سنة 2018 في تونس العاصمة.
ثم كان المؤتمر الأوّل الذي نظّمه ملتقى الأدب الوجيز في بيروت سنة 2019 تحت عنوان «الأدب الوجيز هويّة تجاوزيّة جديدة»، بحضور عددٍ من الأدباء والنّقّاد من البلدان العربيّة ومنها تونس، وناقشوا على مدى يومين المسائل الفكريّة التنظيريّة. وكانت حافلة بالتّساؤلات حول هويّة هذا الجنس الأدبي وهل هو جنس أدبي؟ وما معناه وخصائصه وعلاقة المتلقّي به؟
وشكّل هذا المؤتمر قاعدة انطلاقٍ للأدب الوجيز من خلال المرتكزات النقديّة الّتي طُرحت في المؤتمر والانطلاق من خلالها لتأسيس ملتقيات للأدب الوجيز في البلدان العربيّة والمساهمة في تركيز جهاز نظريّ اصطلاحيّ خاصّ بهذا الأدب.
ومن هنا كانت فكرة الصالون وانبثقت ليُسهم بما لديه من منطلقات فكريّة ونقديّة وإنتاجات أعضائه في تطوير حركة الأدب الوجيز. وكان الصّالون يعتزم تنظيم ملتقى دوليّ كان مبرمجاً في 28 و29 مارس 2020 وتمّ تأجيل هذا الملتقى بسبب جائحة كورونا إلى الموسم الثاني من نشاط الصالون حتّى تنقشع هذه الجائحة.
وعبّرت هيئة صالون الأدب الوجيز/ تونس عن بالغ أساها لرحيل مؤسّس ملتقى الأدب الوجيز الشاعر اللبناني الراحل أمين الذيب الصديق الوفيّ للصالون بتنظيم هذه الأمسية الأدبية لتكريمه لمسة وفاء منهم لهذا الرجل الذي أحبّ تونس وزارها مراراً في تظاهرات ثقافية عديدة.
وانطلقت الأمسية بالتّرحيب بالحاضرين من الشّعراء والأساتذة الجامعيّين والطلبة والإعلاميّين والجمعيّات والمتابعين لكلّ ما هو جديد في الشأن الثقافي. وتمّ استقبال الضيوف العرب والترحيب بهم عن بُعد عبر تطبيق ستريم يارد.
وبتنشيط من الرّوائية إلهام مسيوغة أحيلت الكلمة في البدء إلى السّيدة سعاد بن حسن مديرة دار الثقافة لتليها كلمة ابنة الشاعر الراحل تمارا أمين الذيب وكلمة رئيسة ملتقى الأدب الوجيز ببيروت د. درية فرحات. وتأثّث اللّقاء بمداخلات عديدة، فقدّم د. الحبيب الدّائم عبد ربّه من المغرب مداخلة أولى حول ديوان ومضة لأمين الذيب، ثم مداخلة ثانية من لبنان مع عضو ملتقى الأدب الوجيز في لبنان د.باسل الزين، لتعقبها مداخلة ثالثة من سوريا مع د.عبد الله شاهر ومداخلتان من تونس مع الأستاذين محمد علي السالمي وجمال مسيوغة.
وكانت المداخلات تثير قضية الاختلاف في مفهوم الومضة وخصائصها من خلال ديوان ومضة كمستوى التكثيف وآليات تشكيل الصورة والإيقاع ومظاهره وهندسة البياض في الديوان واتّساع اللّغة وطاقة المفردة ولعبة التأويل وصورة المرأة ورؤية الشاعر الشعرية للعالم…
وتخلّلت المداخلات فواصل موسيقيّة وقراءات شعريّة من ديوان ومضة بصوت تمارا الذيب ترافقها الشاعرتان سهام شكيوة بترجمة انجليزي للومضات نفسها والشاعرة زهرة النابلي بترجمة فرنسية، وقراءات أخرى وامضة لأعضاء صالون الأدب الوجيز لتتوّج برقصة «الفراشات» تحت إشراف القاصّة منيرة الصالحي.
وبعد إحالة كلمة الختام إلى ابنة الراحل تمارا الذيب تختم مديرة الصالون الأستاذة الشاعرة ضحى نويصر بشكر كلّ المشاركين في نجاح هذا اللقاء التكريمي، وجدّدت التعبير عن الأسى لفقدان عَلَمٍ بل رمز من رموز الأدب الوجيز «أمين الذيب»، علمٍ كان مؤمنًا بهذه الحركة إلى حدّ النّخاع وقبل رحيله نجح في خلق روحيّة العمل الجماعيّ وتضافر الجهود بين كلّ المهتمّين بالأدب الوجيز من منظّرين ومبدعين ومتابعين. لم يكن أمين الذيب ذاتيّ النّزعة في هذا المشروع، بل آمن بروح الجماعة في تأسيس المشروع وسعى جاهدًا إلى التنسيق بين مختلف الجهود مشرقاً ومغرباً وهو ما بوّأه هذه المكانة الرمزيّة في العالم العربي.
وفي الختام أعلنت عن التوأمة الأدبيّة والثقافية بين صالون الأدب الوجيز في سوسة وملتقى الأدب الوجيز في بيروت وعن إطلاق ملتقى أمين الذيب في دورته الأولى في تونس سنة 2022 وإطلاق جائزة باسمه لما يحتلّه هذا الرجل من مكانة الرّيادة في حركة الأدب الوجيز في العالم العربي.
لا بدّ من التنويه بتعاون أعضاء الصالون للمساهمة في تأصيل حركة الأدب الوجيز وتوجّهاتها وطموحاتها، انطلاقًا من المعايير التي وضعت بجهود ملتقى الأدب الوجيز في لبنان، حيث سعى ملتقى الأدب الوجيز في لبنان إلى تنسيق الجهود العاملة على الأدب الوجيز مشرقًا ومغربًا في الالتفاف حول حركة الأدب الوجيز ودعمها بتعميق تجربة مُطْلِقها الأستاذ أمين الذّيب وتعميمها والانطلاق من خلالها لتأسيس ملتقيات للأدب الوجيز في البلدان العربيّة، وتنظيم مؤتمراتٍ تؤسّس لنظريّةٍ نقديّةٍ أو لنقل لمذهب أدبيّ جديد يتناول الأدب الوجيز وتأصيل النّوع من حيث المصطلح والتّكثيف والاستشراف والدّهشة والمفارقة الشّعريّة، والتقنيّات والخصائص والحدود الفاصلة بين الأجناس الأدبيّة استنادًا إلى مفاهيم النّقد الجديد وآليّاته.
فأمين الذيب كان منطلقا ومحفّزا وهو جدير بكلّ تكريم في تونس وخارجها.