حقائق ومعلومات بشأن الشراكة الاستراتيجية بين إيران وحزب الله وروسيا
} د. حسن مرهج
في تفاصيل الحرب على سورية، برزت تحديات تتعلق بعمق التحالف بين الدولة السورية وحلفائها، وحتى بين حلفاء دمشق لجهة إيران وروسيا وحزب الله، الأمر الذي فرض مشهداً تمناه البعض أن يكون واقعياً، بغية ضرب المعادلة التشاركية التي أنتجتها تفاصيل الحرب السورية، والتي أثمرت تحالفاً استراتيجياً بين دمشق وموسكو وطهران وحزب الله، لكن في المقابل، دأبت الكثير من الأوساط الإعلامية على محاولة إظهار هذا التحالف على أنه هشّ وقابل للاختراق أو الانكسار، حتى وصل الأمر ببعض القوى الإقليمية والدولية، إلى تبني تقارير تتحدث صراحة عن إجراءات روسية قد اتخذت في سورية، بغية إخراج إيران وحزب الله من الساحة السورية، وذلك من أجل التفرّد بهذا الميدان الجيو استراتيجي. كما سُوّقت تقارير أيضاً تتحدث عن وقوع اشتباكات بين قوات روسية وأخرى إيرانية في سورية، الأمر الذي نفته دمشق على اعتبار أنها صاحبة الأرض، وكذلك تمّ نفيه من قبل روسيا وإيران.
المشهد السابق كان إحدى أهمّ أدوات الحرب النفسية التي شنّت على الدولة السورية، ولا أحد ينكر بأنّ مفردات هذه الحرب لها تأثيرات خطيرة وعميقة تمسّ بشكل مباشر الشعب السوري، ولما لهذا المسّ من انعكاسات كانت بلا شك ستؤطر الكثير من المعطيات، وتخرجها من دائرة التأثير لجهة قوة الشراكة الاستراتيجية بين دمشق وحلفائها، خاصة أنّ البعض قد لجأ في هذا الإطار، إلى تبني مقولة أنّ روسيا فقط من تمتلك التأثير في السياق السوري، وانها لا تريد شركاء لها، في إشارة إلى إيران وحزب الله، لكن في العمق، فإنّ ما يحكم يحكم العلاقة بين روسيا وإيران وحزب الله، هو تعاون على أكثر من صعيد وتقاسم للأدوار أحياناً، وعندما لا يتفق على أمر ما، كانت القضية تحلّ بتنظيم الاختلاف وبرغبات دمشق.
في الآونة الأخيرة، قام وفد من حزب الله، برئاسة النائب محمد رعد بزيارة إلى موسكو، وقد كانت هذه الزيارة مناسبة هامة أوضحت فيها القيادة الروسية موقفها من وجود الحزب في سورية.
في موسكو هناك تقدير عالٍ لأداء حزب الله العسكري في سورية، لجهة حرفية مقاتليه وانضباطهم وقدرتهم الفائقة على تحقيق أهدافهم في المعارك، وفي ذات التوقيت، تبدي موسكو إعجابها بقدرة حزب الله على تبني مفهوم المصالحات، والتي أسهمت بشكل رئيس بتعميم نموذج مناطق خفض التصعيد، وحتى على مستوى الهدن التي أقرّت بين موسكو وأنقرة، كان حزب الله مثالاً للالتزام العسكري وقواعد الانضباط بما يتعلق بهذه الاتفاقيات.
ضمن ما سبق، ترى موسكو أن تواجد حزب الله وكذا إيران في سورية، ضروري أكثر من أي وقت مضى، فأيّ فراغ يتركه الحزب وإيران في أيّ محافظة سورية، سيملأه الأميركيون لا الروس ولا السوريون، كما أنّ بعض مجموعات التسويات ومنها تلك التي تستقوي بالتفاهم مع الروس، لا ترى رادعاً يحول دون تمدّدها سوى حزب الله والإيرانيين.
بناء على ذلك، تحرص موسكو على تبني هذه الإستراتيجية، والتي ترتكز على أهمية التواجد الإيراني وكذلك حزب الله في سورية عسكرياً وحتى سياسياً، خاصة أنّ روسيا لا تنظر إلى حزب الله بصفته تنظيماً لبنانياً، بل هو جهة لها وزنها الإقليمي الفاعل والمؤثر في ساحات كثيرة، وفي اللقاءات مع المسؤولين الروس وتحديداً وزير الخارجية سيرغي لافروف ونائبه ميخائيل بوغدانوف ومسؤولين في مجلس النواب، جرى التطرق إلى الأوضاع في اليمن والعراق وسورية وفلسطين وغيرها. وشدّد الطرفان على ضرورة تعزيز سبل التواصل بينهما، واعتماد قنوات اتصال مباشرة بين الحزب وموسكو، مع درس احتمال إقامة مكتب تمثيل للحزب في موسكو.
المتابع لزيارة وفد من حزب الله إلى موسكو، يدرك أنّ هذه الزيارة وعناوينها، لم تبتعد عن إيران وعلاقتها مع روسيا، وبالقطع فإنّ هذه الزيارة وما تحمله من دلالات، تؤكد بأنّ المحاولات القائمة للإيقاع بين موسكو وإيران وحزب الله لن تنفع، بل على العكس، هناك حالة من التنسيق والتشاور الدائم، خاصة أنّ الحرب على سورية وما أنتجته من تحالفات واصطفافات على المستوى الإقليمي والدولي، تفترض تنسيقاً استراتيجياً بين دمشق وروسيا وإيران وحزب الله، الأمر الذي يشي صراحة بأنّ عمق هذا التحالف لا يمكن اختراقه عبر محاولات أميركية او سعودية وحتى «إسرائيلية»، فالجميع يعلم أنّ روسيا وإيران وحزب الله، هم شركاء دمشق الأقوياء، الذين حصدوا منجزات سياسية وعسكرية، ما كانت لتتمّ لولا عمق التحالف في ما بينهم، والذي انطلق من دمشق وتحت سقفها.