معركة الأميركيّين في اليمن تترنّح في مأرب
} د. وفيق إبراهيم
هناك مَن يعتقد أن هزيمة قوات هادي الموالية للسعودية في مارب هي أكبر من هزيمة للمشروع الأميركي – السعودي في اليمن.
فمأرب التي حقق أنصار الله تقدماً ملحوظاً في معظم اتجاهاتها ليس مجرد ناحية جغرافية تتمتع بمميزات بشرية ونفطية وموقع جغرافي هام وكتلة بشريّة لا بأس بها ودور أساسي في الحرب على اليمن من جهات أخرى.
لذلك من الواجب التنويه أن مأرب تجمع بين أهميات استراتيجية واقتصادية وتاريخية وزراعية ونفطية وقوة بشرية معتدلة 700 ألف نسمة وهي البوابة الى الشمال ومخازن النفط والغاز.
والمعروف عن أهلها شدّة بأسهم كما كانت تصفهم ملكة سبأ وحافظوا على هذا الوصف بتطبيق فعليّ مشكلين تلك الهراوة اليمنيّة التي لا تكل ولا تمل في دفاعها عن منطقتها مع كامل يمنها السعيد.
هذا جزء من تلك المعارك التي تدور رحاها على أرض مأرب وتثبت أن المعركة أميركية صرفة، والدليل أن خط الدفاع عن مأرب هو أميركي سعودي الى ان يتبين ان المنطقة ملأى بالنفط والغاز ما يؤكد الاهتمام الأميركي بها والتلاعب السعودي بها أسبابه نفطية وغازية وموقع استراتيجيّ على علاقة بضرورات استمرار الحرب على اليمن ومنع أي انتصار يمنيّ يصل بقبائلها إلى خط الحدود مع السعودية. وهذا يعني سقوط السعودية نفسها وتضعضع جزيرة العرب.
يتضح الاستنتاج أن الشماليين من أنصار الله نجحوا في السيطرة على القسم الأكبر من مأرب ولولا التدخل الأميركيّ السعوديّ للسيطرة عليها بكاملها وربطها بخط تعز. ما يعني سيطرة انصار الله على منطقة القاعدة المنتشرة في مأرب وتعز. والمعروف أن المنظمات الإرهابية مدعومة عسكرياً ومادياً من الفريق الأميركي السعوديّ ولولا وجود القاعدة في مأرب لكانت هذه المنطقة مع أنصار الله منذ مدة طويلة من الزمن.
يجب الانتباه أيضاً إلى أن مأرب هي آخر المعاقل الأميركية السعودية في حرب اليمن الأمر الذي يكشف مدى الاهتمام الخارجيّ بها وحرصهم على منع أنصار الله من الإمساك بها نهائياً، فمعركتها هي معركة الحرب الأكثر أهمية في اليمن وربما في جزيرة العرب.
بعد التقدّم الشماليّ في مأرب لا بدّ من تأكيد أن المعارك في اليمن لن تقف عند خطوط حمر.
لكنها أصبحت معروفة ومكشوفة أنها حرب الأميركيين على اليمن والحرب التي تشنها السعودية لمنع اليمن من تحقيق استقلاله وعنفوانه.
هناك جوانب أخرى لحرب مأرب فالانتصار فيها معنوي قتالي نفطي، ويشكل مادة أساسية لجعل حرب اليمن تترنّح من جهة وتصبح غير قادرة من جهة أخرى على الاستمرار بقوة خصوصاً أن مأرب هي بوابة الشمال.
اما النقاط الإضافية فحرب مأرب هي أم المعارك التي تسمح بتقدّم اليمانية نحو الحدود السعوديّة. وهذا يعني تلقائياً تقدّم القوات الإصلاح نحو جزيرة العرب. ما يطرح السؤال التالي: لماذا يدافع الأميركيون عن الهجمات اليمنية على السعودية ويحمون آبار النفط وقصور الملك خالد ومحطات البترول التي يقصفها.
هذه أسئلة كبيرة وتحتاج الى أجوبة غير موجودة حتى الآن، فها هي مواقع السعوديين تتعرّض لقصف يمني صائب يضع كامل إمكانات النفط والقصور السعوديّة تحت مرمى صواريخ عاديّة يمنيّة تنطلق وتخترق الحمايات الأميركيّة والسعوديّة وتسجل إصابات دقيقة في مرمى آل سعود وممتلكاتهم.
فلماذا يصمت الأميركيون والأوروبيون والسعوديون والإماراتيون والأردنيون؟
إنّها الحبكة في الإجابة عن هذه الأسئلة التي تؤكد أن كل هذه القوى الغربية تفرّ وتهرب لأسباب تقنيّة أما القوات السعودية فضعيفة ولا قدرة لديها على مجابهة أدوات الحرب اليمنية التي تسجل تطوراً من صواريخ بسيطة وقاذفات الى طائرات مسيّرة وصواريخ بالغة التعقيد.
أما التفسير الوحيد للقرار الغربي من حروب السعودية فهي رفض الانخراط في حروب إيرانية سورية ويمنية. وهذا يعني أنها حروب قاسية قابلة للاتساع من جزيرة العرب الى إيران وسورية ولبنان وربما الى أمكنة أكثر اتساعاً.
حرب اليمن إلى أين؟ إنها نموذج لحروب إدلب واليمن المنتصر هو القابل لإلحاق هزيمة بالكتلة الغربية السعودية ومعها أحزاب الجنوب التي أصبحت ترفض المعارك عليها من السعودية وحلفائها.