الانتخابات الرئاسيّة السوريّة طعنة خنجر في صدور العابثين
} د.وفيق إبراهيم
يكرّر الشعب السوري قريباً انتخاب بشار الأسد رئيساً له في خطوة تؤكد مجدداً على ثقته المطلقة بقيادة سورية وتحمل أعباء سورية في وجه الغرب واسرائيل والسعودية والمضطربين في لبنان ومصر وسواهم.
لذلك فهذه الانتخابات هي صفعة اولى قاسية للإقطاع السياسي اللبناني الذي يسيطر على طوائف بكاملها دينياً وإقطاعياً، يكفي أن الوزير وليد جنبلاط يمسك ببضعة آلاف منذ 1516 على الطريقة الإقطاعية العمياء. ولا يتورع عن الادعاء بالصفة التقدميّة مؤيداً المعارض المتوفي ميشال كيلو لسبب وحيد فقط وهو العداوة لآل الأسد ووقوفه الى جانب الاستعمار. للانتباه فقط فإن ميشال كيلو الذي انتقل الى رحمة ربه كان من مؤيدي الغرب الأميركي الأوروبي في استهدافه لبشار الأسد، والعاملين تحت لواء المعارضة التركية – الغربية العاملة لإسقاط بشار الأسد.
ولا يستطيع المرء أن ينسى أن هذا الغرب الأميركي – الأوروبي – التركي استعمل مناطق وليد جنبلاط الجبلية لنقل السلاح والمال الى سورية في حرب طويلة الأمد تتواصل منذ 2010 بالإعلان الغربي عن النية بإسقاط بشار الأسد واستبداله ربما بوليد جنبلاط أو بأشباه له.
هذا نموذج بسيط للصراع على سورية الذي يحاول الغرب الأميركي الأوروبي التركي السيطرة عليها وخصوصاً في مناطقها الشرقية الفاصلة بين الجزء الغربي الدمشقي منها ومناطق العراق بعمقه الهام.
المعارك لا تزال مندلعة حتى الآن وسط مرابطة أميركية أوروبية لجيوش منها وتقدم مواز للجيش التركي وانتشار هائل لمنظمات القاعدة وداعش في شرقي سورية تهدف الى قطع الطريق الى العراق وهذا ما تفعله يومياً.
الملاحظ إذاً أن بشار الأسد وريث القائد العظيم حافظ الاسد يتعرّض لحملات غربية خليجية عربية ترمي الى إبعاده، فكيف يمكن طرد رئيس مثله تنتصر قواته منذ 2010 على قوى عظمى مدجّجة بكل أنواع السلاح والتمويل ولا تزال تسجل الانتصارات، يكفي ان دولة بشار الأسد تتعرض لحصار بحري وجوي وبري وقطع لكل خطوط التموين والأعمال المصرفية، ويبقى شعب سورية وفياً لقيادته مقاتلاً تحت لوائها من اجل هذه السورية التي لا تنكسر.
لذلك يجب الاعتراف ان الدور السوري المتحالف مع الإيرانيين وحزب الله وروسيا هو اكثر من ضرورة لتحقيق توازن إقليمي يريد الأميركيون كسره.
لكن قوات الجيش السوري تتمسك به لاعتبارات استراتيجية، يكفي أن السياسة السعودية ومعها الإمارات تعمل يومياً على تمويل وحدات كبيرة في شرق سورية لقتال الجيش السوري، هذا وسط اجماع كبير على ان الخليج يربط بين ثلاثة حروب بشكل استراتيجي وهي اليمن والعراق وسورية. لذلك يجب الانتباه الى ان الدعم الاسرائيلي الخليجي في وجه الاسد له علاقة بهذه الحروب جمعاء.
بشار الأسد هو اذاً حافظ الاسد الذي رفض أي صلح مع الإسرائيليين منذ سبعينيات القرن الماضي، وأبى الانضمام الى فريق الانحطاط من جماعات السادات الذين باعوا القضية الفلسطينية بما فيها منطقة القدس ومحيطها.
هذا هو الرئيس الذي تريده سورية رئيساً لها ولا يندرج التجديد له في اطار الألعاب العربية التقليدية، اليس هناك كبير فارق بين حركات التجديد لمبارك والسادات والقذافي وأمثالهم والتجديد لرئيس يحمل على منكبيه همين متراصين: حماية سورية من «إسرائيل» ودعمها في سبيل التقدم الاقتصادي والسياسي.
بذلك يتضح أن الشعب السوري الممثل الحقيق للقوى المقاتلة في سبيل نهضة المنطقة هو الذاهب الى صناديق الاقتراع للتجديد لبشار الأسد في حركة قنوعة تربط بين سورية قلب بلاد الشام وبين تحالفاتها من روسيا الى إيران وبين إيمانها بأن لبنان وفلسطين والأردن ليسوا إلا أجزاء منها.
الم يعرف السوريون أن السعودية ارادت اسقاط الاردن لجعله جسر اتصال وعبور بين الخط السعودي الأردني الإسرائيلي وذلك للمزيد من تطويق سورية الأسد ومشروعها الدفاعي عن المنطقة.
لا بد في خاتمة الأمر من التأكيد ان انتخاب الاسد على جزء من سورية التاريخية إنما هو تأكيد على استمرار هذا الجزء في أداء أدواره في الدفاع عن التاريخ الوحيد في هذه المنطقة الذي يجيد فنون الدفاع عن شعب سوريّ مقدام يحمل راية حماية المنطقة العربية السورية من «إسرائيل» والغرب والخليج المتخلّف.