بروكسل وموسكو.. قضايا شائكة وعلاقات معقدة
رغم الحشد العسكري الروسي الضخم على الحدود الأوكرانيّة، لم يفرض الاتحاد الأوروبي مزيداً من العقوبات على موسكو فيما لم يزد رد فعل التكتل الأوروبي حيال معاملة المعارض الروسي أليكسي نافالني على مناشدات لإطلاق سراحه.
رداً على أحداث ميانمار؛ قرر وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي فرض عقوبات إضافية ضد المجلس العسكري في ميانمار، شملت شركتين من كياناته الاقتصادية، هما «ميانمار الاقتصادية القابضة المحدودة (MEHL)» و»ميانمار الاقتصادية القابضة المحدودة (MEHL)».
لكن الموقف الأوروبي مختلف تجاه روسيا. فرغم أن علاقات روسيا مع الاتحاد الأوروبي حالياً تشهد توتراً، طغى على مباحثات وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي الأخيرة في بروكسل، إلا أن موقف الأوروبيين لم يتجاوز حد توجيه المناشدات لرجل الكرملين القوي، الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
ووصف وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل التعزيزات العسكرية الروسية في شرق أوكرانيا خلال مباحثاته مع نظرائه الأوروبيين (عقدت الاثنين 19 نيسان) بأنها «أكبر حشد عسكريّ روسيّ على الإطلاق على الحدود الأوكرانيّة».
وذكر المسؤول الأوروبي أن «روسيا نشرت قرابة 150 ألف جندي»، لكنه لم يتمكّن من الإشارة إلى مصدر هذا الرقم، فيما سعت الناطقة باسم مفوضية السياسات الخارجية بالاتحاد الأوروبية إلى تعديل هذا الرقم لاحقاً في مقابلة مع وكالة الأنباء الألمانية (د ب أ) وقالت إن «أكثر من 100 ألف جندي روسي» ينتشرون على الحدود الأوكرانية.
بوريل قال أيضاً إن «روسيا تعمل على إنشاء مستشفيات ميدانية وتقوم بعمليات شحن لمعدات أكثر تعقيداً»، محذراً من «أن خطر مزيد من التصعيد واضح. وعندما تنشر الكثير من القوات فإن شرارة يمكن أن تنطلق هنا أو هناك».
ورغم المشاورات مع وزير خارجية أوكرانيا دميترو كوليبا الذي دعا إلى فرض عقوبات إضافية على روسيا، فإن «الاتحاد الأوروبي لم يتبنَ هذا الموقف في نهاية المطاف».
فقد قال بوريل «علينا أن نشيد بردّ أوكرانيا المنضبط على الاستفزازات الروسية».
بدوره أيضاً، شدد وزير الخارجية الألماني هايكو ماس على أن «المهم في الوقت الحالي هو منع أن يؤدي الانتشار العسكري الذي نراه هناك إلى إحداث دوامة من التصعيد العسكري، والتي قد تفضي إلى أحداث غير مقصودة… يجب تجنب ذلك بأي ثمن. هذا ما نركز عليه الآن». ودعا ماس إلى اتخاذ «تدابير ترمي لبناء الثقة والتهدئة».
وقال ماس إن الدول المشاركة في ما تعرف بـ»صيغة نورماندي» (ألمانيا وفرنسا وروسيا وأوكرانيا) ستواصل بذل جهودها من أجل تنفيذ اتفاقية مينسك بشكل نهائي.
وبالنظر إلى الانتشار الهائل للقوات في المنطقة، فليس من الواضح مدى الخلاف الأوروبي الذي يقبع وراء هذه الصيغ الدبلوماسية. لكنّ ماس قال إن «الاتحاد الأوروبي في الوقت الحالي لن يتردد تجاه أحد في ما يتعلق بتوقيع عقوبات»، في إشارة منه إلى حزمة العقوبات المفروضة منذ سنوات جراء ضم روسيا غير القانوني لشبه جزيرة القرم.
وقال وزير الخارجية الألماني إنه «من الواضح أن نشر قوات غير مقبول بالنسبة للتكتل الأوروبي وسيكون له عواقب، لكن يبدو أن التكتل الأوروبي لا يزال يدرس كيف ستكون هذه العواقب».
أما الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون فكان أكثر صراحة خلال مقابلة مع شبكة «سي. بي. إس» الأميركية إذ قال إن «الحوار مع موسكو هام»؛ لكن يتعيّن على المجتمع الدولي رسم «خطوط حمراء واضحة» مع روسيا.
وأضاف ماكرون «هذه هي الطريقة الوحيدة ذات المصداقية ولا أعتقد أن العقوبات وحدها كافية، لكنها جزء من حزمة (الرد)».
مجدداً، دعا وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل وكذلك وزراء خارجية التكتل ورئيسة المفوضية الأوروبية، روسيا إلى «إطلاق سراح المعارض أليكسي نافالني»، في ضوء وضعه الصحي السيئ.
وقال بوريل إنه تلقى خطاباً من فريق نافالني يفيد بأن حالته الصحيّة تتدهور.
ورحّب المسؤول الأوروبي الاثنين الماضي بالأنباء التي جاءت من روسيا تفيد بأن نافالني قد تم نقله إلى مستشفى سجن آخر لكنه طالب بضرورة توفير أطباء يثق فيهم نافالني لمتابعة حالته الصحية.
وأضاف بوريل أن «السلطات الروسية مسؤولة عن سلامة نافالني وصحته. ونحن نحملهم مسؤولية ذلك».
رغم تدهور الحالة الصحية للمعارض أليكسي نافالني؛ لم يتجاوز الاتحاد الأوروبي حد توجيه مناشدات إلى الكرملين.
بيد أن التهديد لا يزال غامضاً فمن المفترض أن الاتحاد الأوروبي في تحالف مع الولايات المتحدة، التي حذرت روسيا من عواقب وفاة نافالني في محسبه، وفقاً لمسؤولي البيت الأبيض.
ووضعت التطورات الأخيرة جمهورية التشيك في مواجهة واضحة مع روسيا ما يُنهي «حالة الغزل» بين البلدين.
فقد قالت الاستخبارات في التشيك إن «عملاء روس وراء انفجار مستودع ذخيرة أودى بحياة شخصين اثنين عام 2014». وقدم وزير خارجية التشيك يان هاماتشيك تفاصيل هذا الأمر لنظرائه الأوروبيين.
وأشارت السلطات في التشيك إلى أن الشخصين المتورطين في الهجوم استخدما جوازات سفر مماثلة، استخدمها المشتبه بهم في الاعتداء بغاز الأعصاب السام «نوفيتشوك» على العميل السابق سيرغي سكريبال وابنته يوليا في مدينة سالزبري البريطانية عام 2018.
وأضافت أن «كافة الأدلة وأصابع الاتهام تحوم حول جهاز الأمن الفيدرالي الروسي (إف. إس. بي)»، مشيرة إلى أن «مخزن الذخيرة، الذي وقع فيه الانفجار، يمتلكه تاجر سلاح من بلغاريا يزود أوكرانيا بالأسلحة في معاركها ضد الانفصاليين الموالين لروسيا في منطقة دونباس شرق أوكرانيا».
وأعربت حكومة التشيك عن غضبها إزاء وقوع أعمال تخريب على أراضيها فيما وصف برلمان التشيك الحادث بأنه أخطر اعتداء على سيادة البلاد منذ عام 1968، ليبدأ مسلسل تبادل طرد الدبلوماسيين بين التشيك وروسيا.
ويُنظر إلى الحادث باعتباره جرس إنذار للحكومات الأوروبيّة بأن عليهم إعطاء اهتمام كبير للدبلوماسيين والعملاء الروس.
وبينما أعرب الاتحاد الأوروبي عن تضامنه مع التشيك، لا تزال المناقشات مستمرة، وفقاً لوزير الخارجية الألماني.
وتزامن هذا مع عزم التشيك استبعاد روسيا من مناقصة لبناء محطة طاقة نووية جديدة، فيما ألغت طلبات لاستراد لقاح سبوتنيك «V» الروسيّ ضد فيروس كورونا.
واصطفت حكومة التشيك إلى جانب المنتقدين لروسيا داخل الاتحاد الأوروبي فيما يمثل صوتاً آخراً لصالح مزيد من الإجراءات العقابية.