القرار السعوديّ والرسالة السياسيّة
– يمكن أن يكون لدى الأجهزة الأمنيّة السعوديّة وقائع كافية للشكوى من تهريب مخدرات عبر استغلال الصادرات اللبنانية الى السعودية، لكن النقاش لا يدور حول صحة او عدم صحة هذه المعلومات، بل حول كيفية معالجتها بين دولة مقتدرة كالسعودية، ودولة تقارب الانهيار الاقتصادي كلبنان تتطلع نحو مساعدة بسيطة من شقيق بذل اللبنانيون ماء وجوههم وهم ينتظرون تجاوبه مع دعواتهم، التي وصلت بالبعض حد إعلان الحرب الشعواء على شركائهم في الوطن، أملاً بأن ترضى السعودية جرياً على عادات الشعوب القديمة بتقديم القرابين للأنهار الكبيرة من أبنائهم وبناتهم أملاً بنيل الرضى.
– الغضب السعوديّ من لبنان بذريعة الغضب على حزب الله غير كافٍ للإقناع بتفسير كل الخطوات السعودية التصعيدية وهذه أكبرها بعد قرار منع السياح السعوديين من زيارة لبنان، خصوصاً أن أمامنا مشهد شقيق آخر هو سورية دأب فريق لبناني كبير على الإساءة إليه، وصولاً إلى إرسال المتفجّرات وليس المخدرات فقط، وعندما قصده اللبنانيون طلباً للمعونة لم يبخل بما يستطيع. وسورية تحت الحصار وتعاني ظرفاً أصعب من ظرف لبنان.
– القرار السعودي لولا وجود اعتبار سياسيّ كان ممكناً ان يترجم دعوة لمدير عام قوى الأمن الداخلي، كمسؤول أمني كبير قادر على وضع آليات للتعاون لكشف شبكات التهريب وقطع دابرها، لكن تحويل الأمر مدخلاً لإعلان سياسي عن إقفال الحدود، هو فتح لباب سياسي عنوانه تحرّك للمتضررين وهم كثر وفي ظرف الانهيار الاقتصادي يمثلون مصدراً لحاجة حيوية للبنان، فيتسابقون على أبواب السياسيين الذين يعتقدون أنهم يقدرون على دق باب السعودية طلباً للتعاون وتعليق القرار، ونيل موافقتها. وهنا سيكون بيد السعودية إعلاء شأن مَن تشاء، وإظهار أبوابها المقفلة أمام مَن تشاء، وفي ذلك رسالة داخلية وخارجية ليست بعيدة عن كل المسار الحكومي، وعلينا أن نترقب النتائج لنعرف صحة ما يُقال عن أن القرار مدخل لإعلان غير مباشر لخطوط مقفلة بين الرياض والرئيس المكلف بتشكيل الحكومة سعد الحريري وتظهير عجزه عن الحل، وربما لبداية تظهير عالي المستوى لمكانة شقيقه بهاء عند ولي العهد السعودي، للقول للبنانيين الذين يريدون الحكومة لنيل دعم مالي، يقولون إن السعودية مصدره الرئيسي، من يمكن أن تقبل به السعودية مرجعاً للتخاطب معها!
التعليق السياسي