أخيرة

«ذاكرة الناس بين الماضي والحاضر»
للدكتور قاسم سمحات

} مريانا أمين

كولونيل متقاعد في الجيش اللبناني وأكاديمي متميّز بثقافته الواسعة وعلاقاته الاجتماعية المتألقة، ينصت بتمعّن  لأصدقائه ولكلّ من يلتقي بهم ليحدّثهم عن سيرتهم النضالية وتجربتهم المعرفية خلال جلسات مبنيّة على حوارات بناءة، ليتحوّل الحديث دائماً الى قراءات تاريخية يأخذ منها العبر وينهل من خلالها الثقافة.

إنه الدكتور قاسم محمد سمحات، وبعد إصداره ستة كتب سابقة كان السابع تحت عنوان «ذاكرة الناس بين الماضي والحاضر»، وهو عبارة عن صفحات تضمّ مسيرة نخبة من المناضلين والمثقفين والأدباء والأكاديميين الجامعيين من الجامعة اللبنانية وغيرها من الجامعات العربية والعالمية الكبرى أمثال بنسلفانيا وأوكلاهوما وغيرها، وذلك خلال فترة وصلت إلى نصف قرن ونيّف من الزمن. هؤلاء النخب كان قد التقى بهم الكاتب مراراً إنْ كان في احتفالات ومناسبات او خلال لقاءات ثقافية أسبوعية كالجلسة الأسبوعية التي يشارك فيها في مركز المطالعة والتنشيط الثقافي في بنت جبيل، وهي عبارة عن خلية نحل أدبية وثقافية، حيث يطغى على الجلسات حوارات غنية في المجالات كافة وتتمّ استعادة المحطات الثقافية والسياسية والأدبية من خلال رجوع المجتمعين للماضي بتنشيط ذاكرتهم لاسترجاع أحداث خلت منها الوردية ومنها المؤلمة، فيربطون الماضي بالحاضر من خلالها.

فكتاب «ذاكرة الناس بين الماضي والحاضر» كان ترجمة لهذه اللقاءات على الورق ليحتويها الدكتور سمحات بين صفحات كتابه لتصبح مسجلة بأقلام أصحابها الذين يمتلكون ثقافة واسعة، وبقلم الكاتب نفسه الذي يدوّن الأحداث التاريخية التي عاشها البعض كي لا تبقى ذاكرة شفوية تنقل فقط من خلال الأجيال بل لتبقى مكتوبة بدقة وأمانة علمية ولغوية والكاتب يتصف بالأمانة والإصرار والحزم ربما لكونه كان ظابطاً وهذه إحدى خصال العسكر، فكتابه السابع الذي صدر مؤخراً يغدق على المتلقي كلّ جميل من طرائف ولطائف وأشعار ونصوص وحكايا نضالية مزيّنة بنكهة أدبية لائقة.

إنّه سجلٌّ متنوّع المواضيع بتنوّع التجربة النضالية لشخصيات الكتاب كلّ في ميدان عمله، فلا نستطيع إلا أن نحترمها ونقدّر تفانيها اتجاه الوطن؛ فمنهم مَن له تجارب غنية وسير حافلة بالمعاناة خاصة خلال الحرب الأهلية التي صنعت نساء ورجالاً نخبويّين سواء في تحصيلهم العلمي أو سيرهم النضالية ضدّ العدو الإسرائيلي أو مصارعتهم مع الإقطاع السياسي. ومنهم من استعرض محطات مهمة بدءاً باحتلال فلسطين ودور الفدائيين الفلسطينيين واللبنانيين فسردوا تجربتهم ليأخذ منها المتلقي العبر ويربطها بالحاضر.

في وقت يمرّ فيه لبنان بظروف صعبة اقتصادياً واجتماعياً وما أضافته كورونا من عذابات، فلا بدّ من الخروج من الظلمات كي ننهض بأفكار جديدة كفكرة كتاب يضمّ سيرة مناضلين وطنيين وقوميين ويساريين وأمميين انتموا لهذا الوطن وأخلصوا له كلّ من منظاره.

«من مفكرتي ذاكرة الناس بين الماضي والحاضر»، إصدار دار المواسم والذي أهداه الدكتور قاسم سمحات إلى أحفاده وحفيداته في الوطن وبلاد الاغتراب ليقول لهم أينما كنتم «لبنان يحلو بكم».

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى