مواجهة بطولية فلسطينية في القدس و«إسرائيل» لمنع الانتخابات في المدينة التاريخية
} عمر عبد القادر غندور*
هل أدرك الصهاينة والعالم بعد 73 عاماً على احتلال فلسطين انّ جريمتهم لا يطويها الزمن، والرهان على السنين والنسيان مضيعة للوقت وهدر للعمر؟
بالأمس اندفع 60 ألف مقدسي ومن وصل من الضفة الغربية للاحتشاد في باحة الحرم الابراهيمي لتأدية صلاة التراويح في الأسبوع الثاني من الشهر المبارك، على الرغم من عشرات الحواجز التي نصبتها قوات الاحتلال لمنع وصولهم الى البقعة المباركة.
وهل عاين الاحتلال كيف امتلأت حارات المدينة القديمة وباب العمود وقبة الصخرة وانّ القدس بمساجدها وكنائسها لا تقبل القسمة على اثنين، وستبقى عاصمة فلسطين ولو فني جيل بعد جيل من الفلسطينيّين؟ وقد ينسى قطعان المستوطنين من أين جاؤوا، ولن تنسى الأجيال الفلسطينية قضيتها، لأنها قضية الأرض والسماء.
وذهل المراقبون كيف تواصلت المطاردات بين الفلسطينيين وقوات الاحتلال من العشاء إلى صلاة الفجر، وأبدى الفلسطينيون شجاعة وصموداً رغم قسوة المواجهات وتنوّع وسائل القمع أدّت إلى اصابة خمسين مقدسياً واعتقال 115 آخرين.
ولم يكن قمع ووحشية قوات الاحتلال هذه المرة لمنع إقامة صلاة التراويح، بل للتعبير عن رفض السماح للمقدسيين من المشاركة في الانتخابات التشريعية الفلسطينية على ثلاث مراحل تبدأ في 22 أيار المقبل وتنتهي في 31 تموز بانتخاب رئيس جديد للسلطة الفلسطينية.
ويرى الصهاينة أنّ القدس يجب ان تبقى خارج النزاعات بين سلطات الاحتلال والسلطة الفلسطينية التي ترفض مثل هذا التدبير مؤكدة أنها كانت وستبقى عاصمة فلسطين، وعندما طلب رئيس جهاز المخابرات الصهيوني (حسب تقارير «إسرائيلية») من رئيس السلطة محمود عباس إلغاء الاستعدادات التنظيمية للاقتراع في القدس أجابه محمود عباس: لا تتدخل في شؤوننا الداخلية. وهو ما نشرته الصحف «الإسرائيلية» تحت عنوان: عباس يوبّخ رئيس جهاز المخابرات.
وكان مندوب أوروبا مارس ضغطاً لإجراء الانتخابات التشريعية في القدس وإرغام «إسرائيل» على احترام الاتفاقات الموقعة ومن بينها إجراء الانتخابات الشرعية في القدس، ويمارس الاتحاد الأوروبي ضغوطاً بهذا الشأن وأرسل طلباً الى سلطات الاحتلال للسماح بوصول فريق مراقبين، إلا أنّ «إسرائيل» لم تردّ على الطلب الأوروبي.
وكان اللافت يوم الأحد الفائت ما قالته صحيفة «هآرتس الإسرائيلية» انّ زعيم حزب المستوطنين بتسليئيل سموتيرتش الحليف الأقوى لنتنياهو، هاجم نتنياهو لتقاعسه في حماية المستوطنين في اشتباكات القدس التي أظهر فيها المصلون الفلسطينيون شجاعة لافتة في الاشتباكات في الوقت الذي كانت فيه عشرات الصواريخ الآتية من قطاع غزة تنهمر في غلاف القطاع في حين واصلت قوات الاحتلال أنواع التنكيل والقمع ضدّ المتظاهرين الفلسطينيين وأصيب منهم المئات، وقالت «واشنطن بوست» انّ التوتر تصاعد حول مدخل «بوابة دمشق» في القدس القديمة بعد ان أقامت الشرطة حواجز حدّت من تجمع الفلسطينيين خلال شهر رمضان، وأدانت وزارة الخارجية الأميركية العنف في القدس وقالت بضرورة توقف ذلك.
وفي غضون ذلك، طالبت حركة فتح بموقف عربي وإسلامي لشمول القدس بخارطة الانتخابات واكتفت السفارة الأميركية في القدس بإبداء القلق.
والسؤال المستجدّ: ما هو موقف الدول العربية المطبّعة من الأمر؟
*رئيس اللقاء الإسلامي الوحدوي