عميد الإعلام في «القومي» معن حمية: التصعيد الأميركي تجاه روسيا محاولة للهروب من واقع التحوّلات والتغيّرات التي طرأت على المشهد الدولي
روسيا الاتحادية بإدارة الرئيس فلاديمير بوتين أمسكت بزمام المبادرة ما شكل تحدّياً رئيسياً للسياسة الأحادية القطبية الأميركية المشهديّة الأميركيّة في العالم مزعزعة كمشهد الانتخابات الأميركية الأخيرة واتهام روسيا بالتدخل أظهر هشاشة أميركية فاضحة... كذلك حالة تمرّد رئيس سابق على نتائج الانتخابات ومحاولة احتلال مبنى الكابيتول
تحدّث عميد الإعلام في الحزب السوري القومي الاجتماعي معن حمية إلى قناة «الإخبارية» السورية، في برنامج «استديو العاشرة» الذي يقدّمه الإعلامي اياد خلف، عن التوتر في العلاقات الأميركية ـ الروسية ومآلات التصعيد المتبادل بينهما، فأكد أنّ مؤشرات التصعيد والتوتر في السياسة والاستراتيجية الأميركية تجاه روسيا واضحة منذ كلمة الرئيس الأميركي جو بايدن في مؤتمر الأمن في ميونيخ، إلى مسلسل طرد الدبلوماسيين الروس والذي لقي رداً مباشراً من روسيا، إلى تصريحات وزير الخارجية الأميركي وغيرها من المواقف التي أظهرت تصعيداً غير مسبوق وانتهك الأعراف والقيم الدبلوماسية في العلاقات بين الدول. وهذه مؤشرات تدلّ على ضعف اساسي في البنية والهيكلية الأميركية التي لم تعد تستطيع استيعاب التحولات والتغيرات الجديدة التي طرأت على المشهد الدولي.
وتابع حمية «نحن نعلم أنّ الولايات المتحدة الأميركية، ومنذ تفكك الاتحاد السوفياتي، لم تخفف من وطأة الضغط على روسيا الاتحادية، فهي ورّطت ودعمت كلّ جمهوريات آسيا الوسطى المنسلخة عن الاتحاد السوفياتي السابق في تجارة المخدرات ودعم المجموعات الانفصالية والارهابية لتطويق موسكو وتهديم المجتمع الروسي بكلّ هذه الموبقات. غير أنّ روسيا الاتحادية بإدارة الرئيس فلاديمير بوتين عادت وأمسكت بزمام المبادرة ما شكل تحدّياً رئيسياً للسياسة الأحادية القطبية الأميركية التي اعترت إدارتها أعراض الجنون الأميركي».
ورداً على سؤال، قال «ظنّ المحافظون الجدد الذين انتعشوا مع غزو العراق وقبله مع تفكك الاتحاد السوفياتي أنّ واقع التفرّد الأميركي ثابت ودائم ولن يتعرّض لتغيير في أي مرحلة لاحقة».
واستطرد: نعتقد أنّ التصعيد الأميركي للمواقف ضد روسيا هو ردّ فعل ومكابرة سببهما عدم تصديق ما أنتجته الأحداث الأخيرة لا سيما صمود سورية في مواجهة الحرب الارهابية الكونية. هذا الصمود الذي ساهم في رسم مشهد جديد للتوازنات الدولية. وهذا ما لم تستوعبه الادارة الأميركية محاولةً بالتصعيد أن تثبت للعالم وللمجتمع الدولي بأنها ما زالت تمثل القوة الأحادية القطبية في العالم. وهذا مخالف للواقع ولا يمكن الاستمرار فيه. والمشهد السياسي المقبل سيكون حافلاً بإخفاقات أميركية عدة. وهذا يولد قلقاً أميركياً يجعل المشهد العام «مهرجان جنون أميركي».
وإذ لفت عميد الإعلام إلى أن روسيا تستطيع أن تؤثر في مناطق ودول عدة وأن تحافظ على نسق علاقات متبادلة مع مختلف الدول الأوروبية، وبينها ألمانيا، تحاول الولايات المتحدة الأميركية كسر الجرة بين دول الاتحاد الأوروبي وروسيا، غير أن روسيا تمسك بأوراق كثيرة ومنها بناء العلاقات على قواعد احترام سيادة الدول وحقها في تقرير مصيرها والصداقة والاحترام المتبادلين.
وحول إمكانية تطوّر المواجهة الدبلوماسيّة لتصبح عسكرية؟ أجاب العميد حمية أن المواجهة المباشرة مستبعَدة فهناك إدارة روسية حكيمة في إدارة العلاقات السياسيّة والأداء السياسي على كل المستويات.
وإذ اعتبر أن «من الممكن أن يتطور التصعيد الى أكثر من هذه التصريحات لكن الولايات المتحدة الأميركية تُعيد حساباتها باستمرار»، استنتج أن «التصريح الأميركي الأخير شدّد على ضرورة فتح خطوط التحاور مع روسيا الاتحادية، لذلك فإن الأمور رهن بالمعادلات التي سترتسم، والمعادلات التي أصبحت في متناول الرأي العام، خصوصاً أن العالم على يقين بأن الولايات المتحدة إذا صعّدت في هذا الاتجاه إنما هي تهدد الأمن والسلم الدوليين. فمن يتحمّل التبعات؟»
واستكمل جوابه بقوله: في حال سلّمنا ان الولايات المتحدة الأميركية قادرة على السير في هذا الاتجاه، فنحن نخطئ القراءة لأن ما تشكل حالياً على المستوى الدولي مختلف عما سبقه، فالصين تمثل قوة اقتصادية ـ عسكرية صاعدة وقادرة على منافسة الولايات المتحدة الأميركية عدا عن مكامن القوة التي تتمتع بها روسيا الاتحادية.
وجواباً على سؤال، توقع حمية أن تركز الولايات المتحدة الأميركية على اتجاه تحريك بعض المناطق المحاذية لروسيا ولمجالها الاستراتيجي، كما فعلت في السابق إبان تفكك الاتحاد السوفياتي، من أوكرانيا الى القرم الى ناغورني كراباخ الى غيرها للضغط على روسيا، لكن كي لا ننسى فإنّ روسيا تمتلك أوراقاً راهنة مختلفة تماماً عن السابق، قد لا تكون كوبا هي المنطقة الوحيدة في العالم التي تضغط بها روسيا على الولايات المتحدة الأميركية.
وتابع عميد الإعلام حديثه أن في سياق الصراع الدولي نلاحظ أن الولايات المتحدة الأميركية حركت مؤخراً مسألة القاعدة الروسية في السودان، وستحرك مناطق غيرها ومنطقتنا أساسيّة، لكن روسيا تعرف جيداً كيف تردّ بالمثل كحالة تبادل طرد الدبلوماسيين.
وخلص إلى أن «التنافس كرّ وفرّ، لكن في النتيجة هناك سياسات ثابتة وراسخة، وروسيا تستطيع أن تؤذي مصالح الولايات المتحدة الأميركية في أكثر من منطقة وإقليم، أذى يصعب تحمّله، لأنها غير قادرة على تحمّل المزيد من الخسائر، خصوصاً أنّ المشهديّة الأميركيّة في العالم مزعزعة، كمشهد الانتخابات الأميركية الأخيرة واتهام روسيا بالتدخل أظهر هشاشة أميركية فاضحة، كذلك حالة تمرّد رئيس سابق على نتائج الانتخابات ومحاولة احتلال مبنى الكابيتول. هذا التفكك لا يمكن إخفاؤه.»
وختم عميد الإعلام مؤكداً بأن لروسيا أوراقها وهي قوة عالمية عظيمة موازية للولايات المتحدة الأميركية وتعاظم تأثيرها بالتنسيق الاستراتيجي مع جمهورية الصين الشعبية والجمهورية الاسلامية الايرانية. وفي الساحة السورية أثبتت الدولة السورية بدعم حلفائها صموداً جباراً في وجه كل المحاولات الأميركية لإخضاعها، التي فشلت رغم أدوار الوكلاء والأصلاء. وسورية إذ تواجه اليوم حصاراً، لكنها تتغلّب على هذا الحصار، لأنه سياسة سقط دورها بصمود الشعب السوري والجيش وتماسكهما والتفافهما حول قيادة الرئيس بشار الأسد التاريخيّة.