الصراع الصينيّ الأميركيّ يشمل السياسة والعالم؟
} د.وفيق إبراهيم
المنافسة الصينية – الأميركية لن تقتصر على صراع بين السلع الاقتصادية وقد تتطوّر الى ما لا يُحمَد عقباه، خصوصاً في المناطق القابلة للاشتعال.
ماذا بين الصين والولايات المتحدة؟
تقترب الصين من المستوى الأميركي في إنتاجها الاقتصادي بشكل تحتاج فيه الى أقل من سبع سنوات لإدراك الإمكانات الاقتصادية الأميركية.
ميزة هذه السلع الصينية انها شعبية وقابلة للاستهلاك وتزداد رخصاً مقابل سلع أميركية تزداد غلاء.
أما الميزة الأكثر اهمية فتتعلق بالازدياد اليومي للطلب العالمي على السلع الصينية لرخصها مقابل التراجع النسبي للسلع الأميركية لأسعارها المرتفعة.
لقد بات النزال الاقتصادي بين الفريقين واضحاً لا يحتاج تفسيرات عميقة لفك ألغازها، فالصين تطارد أميركا زمنياً وتحتاج لسبع سنين لإدراكها لكن الاميركيين يمتلكون نوعين من المطاردات التي تجعل الصين ضعيفة.
فالقتال يشمل كل السبل. ويبدو هنا ان الاميركيين يلجأون لوسيلتين لكبح الانتفاضة الصينية: التحالفات والصراعات السياسية. لجهة التحالفات، تفتقر الصين لحلفاء حقيقيين، فروسيا ليست حليفاً حقيقياً لأنها معادية للأميركيين وللصين أيضاً على مستوى الإنتاج، لذلك تتباهى روسيا بتفوقها العسكري ولا تندمج في لعبة الدعم الاقتصادي في الصين وإيران بعمق كافٍ لإزعاج الهيمنة الاميركية.
كما أن اوروبا لا تؤيد الصين وكذلك بلدان بحر الصين الجنوبي ومعظم جاراتها في آسيا الوسطى والعالم بأسره.
لذلك فإن القوة الاقتصادية الصينية لا تعتمد إلا على رخص السلع وحاجة الاقتصاد العالمي إليها.
يتبين أن تحالفات الصين بالغة الضعف ولا قدرة لها على النمو إلا من خلال الاستهلاك الصيني وحاجة العالم الفقير حالياً الى السلع الرخيصة.
وهذا يكشف مدى الاختراق الذي نجحت فيه الصين في اختراق الأسواق الفقيرة للعالم. لكنه من نوع الاختراق القابل للتراجع بعد انتهاء كورونا وعودة العالم إلى التقدم قبل هذه المراحل.
التحالفات الصينية هي هشّة إذاَ ولا تشمل بعمق كافٍ كلاً من روسيا وإيران وأوروبا وحليفها الوحيد هو المستهلك الفقير للسلعة، وحين تتماسك الدول بعد الجائحات والأمراض تتراجع الصين من دون عنف.
ماذا عن الصراعات السياسية؟ هي بدورها موجودة بكثرة ويكفي أن الصين تشتبك مع الروس والأوروبيين ومعظم آسيا الوسطى حتى يتضح أنها غير عميقة التحالفات. حتى أن بحر الصين الجنوبي مليء بدول لا توالي الصين وتناكفها كما أنها تحاول الدخول في الإنتاج الاقتصادي على اساس التنافس مع الصين في السلع الرخيصة.
هنا يمكن الجزم أن عشرات الدول المنتمية الى هذا المحور هي معادية للصين باستثناء نيانمار فقط. وهذه دولة مفككة على المستوى الدستوري والوطني مقابل عشرات الدول المناوئة والمتربّصة.
هذه المعلومات تدفع الى الاعتقاد أن الصين لن تكون من البلدان التاريخية القادرة على مواصلة السيطرة الاقتصادية على العالم. مقابل معلومات من علماء يجزمون أن الصين تهرول نحو إدراك مرحلة عالمية من السيطرة، وسببها ان الأميركيين لن يتمكنوا من حماية تقدمهم وهم بالتالي مسرعون نحو تراجعات عميقة.
هؤلاء العلماء يعتبرون أن الكتل الاقتصادية الكبرى المستقبلية لن تخرج عن اوروبا والصين وروسيا والولايات المتحدة الأميركية وإلمانيا اذا فتحت لها اميركا الطريق. كذلك اليابان المربوطة بالقرارات الأميركية.
فهل هذا هو العالم المستقبلي؟
يمكن الجزم بأن القوى الأساسية لن تخرج عن إطار هذه المجموعة التي ذكرها العلماء باعتبار ان التقييم العلمي والاقتصادي لآسيا واوروبا واميركا يؤكد ان لا قدرة لها للتأسيس لمنظومات عالمية على القياس الصيني او الأميركي ويجزمون ايضاً بأن القياسات الحالية للدول تؤكد ان مستوى تطورها لن يزيد عن أوضاع الدول الوسطى لذلك فإن الصراع الصيني – الأميركي الروسي الأوروبي مستمر ولن يسمح بنمو قوى جديدة يمكن إضافتها لمسلسل الصراعات بين الأمم.