لبنان واحتمالات الحرب
ليس الوقت الآن للدخول في نقاش الفرضيات التي يمكن أن تجعل لبنان أمام خطر حرب مع كيان الاحتلال. فالمناورات التي أعلن جيش الاحتلال تجميدها كانت مناورة استعداد لحرب على لبنان، والذين لا يشاركون في برامج الترويج للسياسات المعادية للمقاومة يعرفون أن احتمال الحرب قائم دائماً عندما تعتقد قيادة الكيان أن احتمالات الخروج من الحرب من دون خسائر وجودية صارت بمتناول اليد، وأن الذي يمنع ذلك هو ما تملكه المقاومة من قدرة ردع وليس أي سبب آخر يقع في حسابات السياسات الدولية والإقليمية.
هذه المرة عندما تصل المواجهات في فلسطين إلى فشل كبير لجيش الاحتلال ويبدو أن صواريخ المقاومة في غزة، ترافقها انتفاضة في الضفة والأراضي المحتلة عام 48، وثبات المقدسيين وبسالتهم، وأن عمليات المقاومة عادت الى أيام مجدها السابق في عمق الكيان، وأن الطريق الوحيد لوقف المواجهات هو تسوية مذلة تقوم على التسليم بحرمة المسجد الأقصى والامتناع عن مسار تهويد القدس الشرقية وإخلاء المنازل من أهلها لتسليمها للمستوطنين، سيخرج مَن يقول في قيادة الكيان أن الأفضل هو توسيع دائرة المواجهة لاستدراج العالم لفرض تسوية أشمل تضيع في قلبها التنازلات الخاصة بالقدس، وسيكون لبنان هو الوجهة الطبيعيّة للحرب. وسيحدث الشيء نفسه إذا تمكن الكيان من قمع المقاومة والانتفاضة وإجهاض قدراتهما على فرض وقائع جديدة، فعندها سيتوجه جيش الاحتلال نحو لبنان ليصرف أرباحه في تثبيت قواعد اشتباك جديدة، وستقع الحرب.
في ظل الاهتراء السياسي والاقتصادي الذي يعيشه لبنان، من حق اللبنانيين الذين يعرفون مقدرات مقاومتهم ويثقون بأهليتها لتدير المرحلة بحكمة وشجاعة، أن يسألوا كل المتعاطين في السياسة ماذا يفعلون، وما هي مسؤولياتهم تجاه بلدهم في لحظة مصيرية كهذه؟ وهل تستحق العناوين التي ينقسمون حولها أن يكون البلد في حال فراغ؟ وهل سيبقى من عناوين خلافاتهم شيء له قيمة عندما تقع الحرب أو عندما تنتهي؟
هل يتحرّك المسؤولون في بلدنا بحسّ المسؤولية ليكون لبنان على قدر من الاستعداد لمخاطر لا تبدو مجرد تكهنات؟