القدس باتت أقرب
} السيد سامي خضرا
الذي يجري على أرض فلسطين هذه الأيام لا يمكن اعتباره حدثاً عادياً في سياقٍ ألِفْناه بل هناك مُتغيِّرات عديدة سوف تؤدي إلى تطورات حتمية على أرض الواقع لتشمل واقع العدو من جهة والجانب الفلسطيني من جهة أخرى والمحيط العربي من جهة ثالثة.
وكلها تُشير إلى أفقٍ ومستقبلٍ جديدين.
فالعدو الذي اعتاد على حروبٍ محدودةٍ أو مُفصَّلة بقياسات محدّدة لا تستمرّ أكثر من مدةٍ وجيزة ويضمن فيها التفوّق والإنتصار نتيجة المدد الغربي.. تغيّرت حاله اليوم فلم يعُد هناك عدوان 56 الذي تتدخل فيه دول عالمية وعلنا كَتِفاً بكتف إلى جانب العدو «الإسرائيلي» ولم يعد مجالٌ لحرب الأيام الستة ذات القياسات المحدّدة والتي تُخاضُ بضمانات مُسبقة..
وهكذا الحروب والإعتداءات الأخرى.
فالعدو اليوم يواجه أزمة داخلية غير مسبوقة ومقاومةً لا يمكن أن تُقاس بما سبق.
بل عندما نقول «مقاومة» لا نقصد فصيلاً أو حزباً معيّناً إنما وبعد جملة خطوات تراكمية في العقود الماضية أصبحنا نتحدث عن «محور المقاومة» وفي هذا تغيّر استراتيجي لم نألف له مثيلاً من قبل.
فنحن نتحدث عن قوى متعددة متفاوتة القدرات والإنتشار تُنسق في ما بينها لتخوض عند الحاجة حرباً في جبهةٍ متناسقةٍ مرصوصة.
وهذا شيء جديد.
وهذا المحور تُسجَّل له انتصارات عديدة في سِجله من بينها انتصار عام 2000 في الجنوب اللبناني وحرب تموز المُظفرة والتي كانت حدثاً مِفْصلياً تاريخياً بحدّ ذاتها فأصبح كيان العدو مُكْلفاً لرُعاته.
لِذا نحن أمام مشهدٍ تاريخي خاصةً بعد أن دخلت إلى ساحات المعارك في السنوات الأخيرة الصواريخ الحديثة التي تلعب وسوف تلعب دوراً هاماً في المستقبل من دون أن ننسى المُسيَّرات الطائرات التي تُحرَّكُ عن بُعد والتي تلعب دوراً هاماً على أكثر من ساحة.
والأهمّ من كلّ ذلك وبعيداً عن العدد والعُدة، الأهم القرار بالمواجهة والمُنازلة وليس بالخضوع أو التطبيع أو المفاوضة.
كلّ ما تقدّم لا يُقصد به أننا أمام نزهة ولكننا أمام مُعادلة حيثُ قوة ورصيد محور المقاومة يزداد شيئاً فشيئاً.
ولا يعني هذا أنّ العدو لن يفتك بالأبرياء بل نحن لم نعرف منه إلا الإجرام والدموية.
وما يحصل اليوم هو إنجازٌ حتى لو كان مُكلفاً فهناك خسائر بشرية لكن منذ متى ومن سبعين عاماً لم ندفع أثماناً من أرواحنا ودمائنا؟!
ولكن الأكيد أنّ أفعاله هذه لم تعد رفاهيةً له ولا نزهة بسيطة بل هناك أثمانٌ سوف يدفعها:
فإذا كنا اليوم نرى في ساحة العدو الإرباك وانعدام الأمن والخوف والرعب وانقلاب حياته… وهو لا يواجه إلا بقعةً محدودة في الجغرافيا والإمكانيات فعلينا أن نتصوّر معارك الغد المفتوحة في مساحاتٍ جغرافية تتعدّى ما يواجهه اليوم بعشرات المرات إنْ لم نقل مئات المرات وبإمكانيات بلا شك هي عشرات أضعاف ما يواجه اليوم على عدة مستويات تسليحية وتكتيكية وأمنية… ناهيك عن «سلاح المفاجأة» الذي دائماً هو حاضرٌ في الساحة ويتطوّر.
وخلال الساعات الماضية أفصَح العدو عن عدم رغبته في المُضي تدحرجاً في تصعيد المعركة ولا يريد أن يتطوّر الحالُ إلى المجهول وفقط يريد استعادة هيبته.
لكنه كلامٌ لا قيمة له لأنّ هيبته وهذا المؤكد والملموس قد سقطت:
فمنذ متى تتعرّض عاصمة كيانه لهذه الكمية من الصواريخ خلال ساعاتٍ معدودة؟!
إذاً نحن أمام واقعٍ جديد ومنه إنفضاح جديد لبعض الدول المُطبِّعة والتي سوف دفعت أثمانا غالية من دون مردود.
ليس العدو متفاجئٌ اليوم فقط بل كلّ من كان يُسانده لذا كان على الجميع أن يعيد الحسابات:
فلا المُطبِّعين العرب يُسعِفون هذا الكيان ولا الكيان ومَن خلفه قادرٌ على إسعاف المُطبِّعين.
وما يجري ومهما كانت النتائج هو بلا شك لصالح محور المقاومة.
ونحن اليوم أكثر أمناً واطمئناناً وأقرب إلى القدس من أي وقت مضى.