غداً سيقول السوريّون في لبنان كلمتهم
تفتح أبواب السفارة السوريّة يوم غد الخميس أمام السوريين المقيمين في لبنان والنازحين إليه للمشاركة في الانتخابات الرئاسية، ولم تعد المشاركة الكثيفة مفاجأة كما كانت عام 2014، بمقدار ما تشكل استفتاء على العودة الى سورية هذه المرّة. فسورية التي خاضت لعشر سنوات حرباً ضارية بين مشروعين كبيرين، بدا أنها في ضفة تختبر مشروعاً يقوم على تقسيم سورية واقتسامها، وتغييب فكرة الدولة عن مستقبلها، وتركها طعماً للفوضى والإرهاب والاحتلال. وبالمقابل ضفة فيها مشروع دولة موحّدة وسيّدة يرمز إليها رئيس وجيش وتضحيات جسام.
مهما حاول أعداء سورية إخفاء الحقائق فهم لا يستطيعون إنكار الفارق بين الغياب التام للهويّة السورية عن المشروع المناوئ للدولة، مقابل مشروع دولة حمله الرئيس بشار الأسد وجسّده الجيش السوري، بحيث بقيت الدولة السورية بهويتها محوراً فاعلاً في شبكة التحالفات التي أقامتها لمواجهة المشروع المقابل، الذي طغت عليه هويات أجنبية ظهر السوريون فيها كخدم وعبيد للأجنبي وحروبه على تعدّد هوياته، أو مجرد وقود لعمليات القتل والذبح، أو مرتزقة للقتال في أي مكان يتم تصديرهم اليه، بينما بقي غير السوريين الذين وقفوا مع الدولة السورية من دول وحركات مقاومة، حلفاء لدولة يحترمون مؤسساتها وحساباتها وهويتها، وليس أبسط من دليل على ذلك عجز المشروع المناوئ للدولة السورية عن صناعة زعامة مناوئة للرئيس بشار الأسد يجتمع خصومه حولها وتتجرأ على منازلته في صناديق الاقتراع، رغم ما يملكه هؤلاء الخصوم من فرص تفوّق مالي وإعلامي، وقدرة على فرض رقابة دولية على صدقية الانتخابات، التي هربوا منها تحت ذرائع واهية، ستراً لفضيحة غياب القدرة على المنافسة وتقبل نتائجها.
في لبنان دب الذعر في نفوس الذي راهنوا على سقوط سورية مع مشهد المشاركة الشعبية السورية في انتخابات 2014، وستكون انتخابات 2021 تأكيداً لهذا المشهد، ولكن بصورة أشد تنظيماً، وستكون استفتاء للسوريين على العودة الى سورية، في ظل دولة تضمن أمنهم وتقدم لهم الخدمات، وترعاهم بعد عذابات النزوح، وإذلال الاستغلال، والرئيس بشار الأسد رمز لهذه العودة الكريمة، واللبنانيون الذين يجمعون على وجود مصلحة لبنانية بوجود دولة سورية قادرة على رعاية العودة للنازحين، وقادرة على ملاقاة الدولة اللبنانية بخطط مشتركة لضبط الحدود والتعاون الاقتصادي وترسيم خرائط النفط والغاز، أصحاب مصلحة بتشجيع أوسع مشاركة سورية في هذه الانتخابات كعلامة على عودة التعافي الى سورية، فيما تفتح سفارات سورية في عدد من الدول العربية وغير العربية أبوابها للانتخابات للمرة الأولى، بعدما سلمت حكومات هذه الدول بما تمثله الدولة السورية من مشروع وحيد موجود على طاولة مستقبل سورية، فرض وجوده وحضوره بقوة الانتصارات والتضحيات.