الوطن

الحريري ما له وما عليه…

} عمر غندور

ما كانت الخلافات والاختلافات في لبنان تدور يوماً حول المصالح العامة، بل حول المصالح الخاصة، رغم براعة السياسيين في تصوير الأمور على غير حقيقتها وغاياتها.

بالأمس انعقد مجلس النواب لمناقشة رسالة رئيس الجمهورية التي شرح فيها أزمة تشكيل الحكومة، وهي شبيهة برسالته الى الرئيس الفرنسي في وقت مضى، ولم يورد جديداً حول الأسباب التي أدّت الى ما نحن عليه اليوم.

وقدّم رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل بياناً طوباوياً مسهباً حاول فيه ان يكون «لطيفاً»، مؤكداً براءة الذئب من دم يعقوب، وخلص الى انّ فريقه لا طلبات له ولا شروط، بل الإسراع في تشكيل الحكومة.

بدوره رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري أدلى ببيان «مشغول» عالي السقف وفيه تفنيد للتفاصيل، مبيّناً ومؤكداً أنه لن يشكل الحكومة من غير الاختصاصيين ولن يعتذر عن التكليف، ولكنه لم يقفل جميع الأبواب وأبقى على قابلية تشكيلته الوزارية للحياة.

وهناك تسريبات تقول انّ الرئيس الحريري سيبقى على موقفه حتى انتهاء ولاية العهد ما لم تصله براءة ذمة من المملكة السعودية ترفع الحظر عن تشكيل الحكومة برئاسته.

وفي ضوء انعدام ايّ حلّ للأزمة السياسية يبدو واضحاً انّ علاقة الرئيس المكلف برئيس الجمهورية غير قابلة للصرف، ولا نعلم انْ كانت التفاصيل التي أوردها الرئيس المكلف سعد الحريري جرى عرضها على الجانب الفرنسي، وما إذا كان خطاب جبران باسيل له علاقة بمآل المفاوضات الأميركية ـ الإيرانية بشأن الملف النووي والاتصالات السعودية ـ السورية، وما إذا كانت تحالفات نيابية جديدة وضعت على النار.

وكالعادة استطاع الرئيس نبيه بري أن يلملم الأوراق المبعثرة و «يُبرّد» حرارة المواقف، وكان واضحاً حرصه على موقع الرئيس سعد الحريري، حتى انّ القرار الذي خرجت به الجلسة النيابية كان معداً سلفاً وفيه كلّ براعة وحنكة وخبرة الرئيس بري.

هذا في حسابات السياسيين، بينما العديد من دول الجوار تحذر من مخاطر كثيرة تهدّد استقرار لبنان، وفرنسا كانت أكثر وضوحاً عندما حذرت من فوضى كبيرة وهي تخشى ان يصبح لبنان دولة فاشلة كليبيا والصومال.

وبات واضحا انّ ايّ رئيس للحكومة لا يرغب في التقاط كرة النار في بلد الفساد فيه عصيّ على المعالجة ويفتقر الى الإرادة الوطنية، وعلى مشارف رفع الدعم عن الكثير من الحاجات الاستهلاكية او ترشيد هذا الدعم في أحسن الحالات وعلى المحروقات والدواء والبطاقة التموينية، وامتناع الدول المانحة عن تقديم اي مساعدة للبنان في غياب حكومة مسؤولة…

لذلك نتمنى على فخامة الرئيس والرئيس المكلف تناسي الخلافات والعمل على تشكيل الحكومة التي ينتظرها الجميع للبدء بالإصلاحات الموعودة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى