فلسطين انتصرت وانطلقت منها شعلة الحياة مجدّداً و«إسرائيل» تعيش حشرجة النهاية
} اياد موصللي
ما حققه الفلسطينيون وباقي الأشراف من الأمة أعطى يمثل دليلاً ساطعاً على استمرار شعلة الحياة ومدّها بأسباب الاستمرار وتغذيتها بروح العطاء، ولم تبقَ ذكرى النكبة في 15 أيار 1948 مجرد ذكرى سنوية ومهرجان لعرض العضلات، بل تبيّن أنّ الأمة بإمكانها تحقيق ذاتها وإثبات وجودها رغم كلّ محاولات ومؤامرات عملاء هذه المرحلة من الأعراب. وعلينا ان نعي دائماً بأنه ليس عاراً ان ننكب ولكن العار كلّ العار ان تحوّلنا النكبات من أمة قوية الى أمة ضعيفة.
انّ ما يبشرنا بالخير هو تلك الروح المقاومة الرافضة لكلّ أنواع المؤامرات التي تحاك بإرادة داخلية امتداداً للإرادة الخارجية. هذه المقاومة استطاعت ان تثبت إرادة الحياة وأجهضت المؤامرات التي تعد بسيناريوات مختلفة، أعطت المقاومة الأمل وكوّنت بذور جيل يتضمّن صنع البطولة ويفتح طريق الحياة.
أميركا متحمّسة بشكل جنوني لتحقيق أطماع «إسرائيل» وأحلامها مهما كان الثمن باهظاً على المدى البعيد، حتى قال الرئيس الأسبق للولايات المتحدة باراك أوباما بصفاقة لا مثيل لها «إنّ إسرائيل هي أميركا وانّ أميركا هي إسرائيل».
لـ «إسرائيل» حلمها التاريخي الذي تزعم انّ ربها وعدها به «أرضك يا إسرائيل من الفرات النيل»… رب إسرائيل كما صوّرته لنا هو غير رب العالم رب السماوات والأرض… الرحمن الرحيم… رب إسرائيل هو غير الرب الذي نعبد. رب «إسرائيل» كما رسمت صورته تصرفات وأعمال وأقوال اليهود هو غير الرب الذي نعبد. رب «إسرائيل» يأمرهم بقتل الآخرين وسحقهم وتدميرهم كما يقولون في كتبهم وفي التلمود تحديداً والآخرون الذين يقصدونهم هم المسيحيون والمسلمون، ويحدّد التلمود بوضوح وصراحة نظرة اليهود الى غيرهم من الشعوب. وأصبحت تعاليم التلمود برامج ومخطط لبروتوكولات حكماء صهيون…
انّ الارتكابات اليهودية قبل الصهيونية وبعدها حافلة بالقتل والبطش مما يعكس أدبياتهم ومعتقداتهم القائمة على الدم والذي تفسّر كتبهم بأنّ «الغوييم» ايّ غير اليهود قتلهم هو السبيل لنيل رضى الرب وبركته حيث ورد في البروتوكول الثاني حرفياً: «فكلّ ضحية منا تضاهي عند الله ألفاً من ضحايا الغوييم…» لهذا نراهم يقصفون المدنيين ويقتلونهم أطفالاً نساءً رجالاً. قتل هؤلاء هو تعويض عن شعب الله المختار…
انّ هدف «إسرائيل» الذي تعمل اليهودية العالمية بأجهزتها السياسية والاقتصادية لتحقيقه هو «الشرق الأوسط الجديد»…
تحاول «إسرائيل» اليوم ان تعيد رسم حدودها كما هي في وعد ربها لها كما تزعم. وترسمها سياسياً انْ لم ترسمها جغرافياً.. «أرضك يا إسرائيل من الفرات الى النيل». كما تحلم بضبط الحدود بينها وبين العراق وسورية ولبنان.
التطبيع الذي لمسنا عناوينه أخيراً مع إمارات ومشايخ الأعراب الذين وصفهم الله بكتابه الكريم: «والأعراب أشدّ كفراً ونفاقاً…»
هذا التطبيع هو الخطوة الأولى في المشروع الذي بدأت «إسرائيل» محاولة تنفيذه وما يجري في فلسطين الآن في غزة والقدس والمدن الأخرى هو محاولة تنفيذ التوطين والإسكان للاجئين حيث يقيمون اليوم ومنع عودتهم إلى أرضهم..
انّ الجرائم التي ترتكبها «إسرائيل» اليوم في القدس وغزة والشيخ جراح وغيرها هي ثمن التطبيع. فإذا عدنا الى البروتوكول الثاني من بروتوكولات حكماء صهيون توضحت لنا صورة المخطط الإداري الصهيوني للسيطرة.. فقد ورد في النص ما يلي:
«انّ غرضنا الذي نسعى اليه يحتم ان تنتهي الحرب بلا تغيير حدود ولا توسع إقليمي وينبغي تطبيق هذا ما أمكن فإذا جرى الأمر على هذا قدر المستطاع تحوّلت الحرب الى صعيد اقتصادي.. وهنا لا مفرّ من أن تدرك الأمم من خلال ما نقدّم من مساعدات ما لنا من قوة التغليب.. تغليب فريق على آخر ومن التفوّق وفوز اليد العليا الخفية.
وهذا الوضع من شأنه أن يجعل الفريقين تحت رحمة عملائنا الدوليين الذين يملكون ملايين العيون اليقظة التي لا تنام ولهم مجال مطلق يعملون فيه بلا قيد وحينئذ تقوى حقوقنا الدولية العامة على الحقوق القومية الخاصة.. فيتسنّى لنا ان نحكم الشعوب بهذه الحقوق.
تأسّست «إسرائيل» على العنف والإرهاب واستمرّت. فهذا جزء من معتقدها الديني ومخططها وهدف قيامها.
انّ الأحداث المرعبة التي جرت وتجري في سورية والعراق من قتل وذبح وتدمير وهدر للقيم وقلب للمفاهيم الدينية والقومية هي للأعمال الإجرامية باسم الدين، وما جرى في لبنان من تفجيرات في الضاحية الجنوبية لبيروت وطرابلس من أعمال إرهاب. كله جزء من هذا المخطط، تأمّلوا هذا لا صوت ولا طلقة في اتجاه «إسرائيل» أو لحماية المسجد الأقصى فيما المليارات الخليجية تصرف بسخاء من أجل تدمير ما تبقى من إمكانيات هذه الأمة.
يقول أنطون سعاده: لم يتسلط اليهود على جنوبي بلادنا ويستولوا على مدن وقرى لنا إلا بفضل يهودنا الحقيرين في ماديتهم الحقيرين في عيشهم الذليلين في عظمة الباطل.
انّ الصراع بيننا وبين اليهود لا يمكن ان يكون فقط في فلسطين بل في كلّ مكان حيث يوجد يهود قد باعوا هذا الوطن وهذه الأمة بفضة من اليهود، انّ مصيبتنا بيهودنا الداخليين أعظم من بلائنا باليهود الأجانب».
وأوضح الصهيوني الملتزم فلاديمير جابوتينسكي في كتابه (الجدار الحديدي) نحن والعرب: إما أن ينتهي الاستعمار الصهيوني وإما أن يستمرّ ضدّ رغبة السكان الأصليين».
التسوية الطوعية مع العرب لا وجود لها، فبدون السلاح لا يمكن ان يتحقق الاستعمار. من المهمّ التكلم بالعربية ولكن الأهمّ هو القدرة على إطلاق النار…»
«إسرائيل» لم توجد لتكون وطناً لليهود وضمان مستقبل شعب مشرّد مضطهد وإنما وجدت لتكون قاعدة لتحقيق الأهداف الاقتصادية وتحقيق السيطرة للدول التي صنعتها كلّ حسب دوره. لذلك تقوم بكلّ الأعمال غير المشروعة وترتكب الجرائم ضدّ الإنسانية. تسرق المياه تضرب بالقوانين الدولية عرض الحائط ولا من يسأل ولا من يبالي. وحدها تخالف القوانين الدولية تبني المفاعلات النووية وترفض التفتيش وسؤال واحد ما فيش».
انّ أوهام وأحلام مخططاتهم تدفعهم لمزاعم السيطرة. ففي بروتوكولات صهيون ورد ما يلي:
«جاء على لسان الأنبياء، أننا نحن اختارنا الله لنحكم الأرض كلها، والله منحنا العبقرية لنطلع بهذا العبء ولو كانت العبقرية في المعسكر الآخر لبقيت حتى اليوم تناهضنا».
ويقول سعاده: «نواجه الآن أعظم الحالات خطراً على وطننا ومجموعنا. فنحنن أمام الطامعين المعتدين في موقت يترتب عليه إحدى نتيجتين أساسيتين هما الحياة والموت واية نتيجة حصلت كنا نحن المسؤولين عن تبعتها».
وورد في البروتوكول الخامس صفحة 205: «إذا قام في وجهنا غوييم العالم جميعاً، متألّبين علينا، فيجوز ان تكون لهم الغلبة، لكن قوّتنا، ولا خطر علينا من هذا، لأنهم هم في نزاع في ما بينهم، وجذور النزاع عميقة جداً الى حدّ يمنع اجتماعهم علينا يدا واحدة، أضف الى هذا أننا قد فتنا بعضهم ببعض بالأمور الشخصية والشؤون القومية لكلّ منهم. وهذا ما عنينا بديمومته عليهم وتنميته مع الأيام خلال العشرين قرناً الأخيرة. وهذا السبب الذي من أجله لا ترى دولة واحدة تستطيع ان تجد لها عوناً إذا قامت في وجهنا بالسلاح. اذ أنّ كلّ واحدة من هذه الدول تعلم انّ الاصطفاف ضدنا يجرّها الى الخسارة، اننا جد أقوياء ولا يتجاهلنا أحد، ولا تستطيع الأمم ان تبرم ايّ اتفاق مهما يكن غير ذي بال إلا إذا كانت لنا فيه يد خفية.
متى ما ولجنا أبواب مملكتنا، لا يليق بنا ان يكون فيها دين آخر غير ديننا، وهو دين الله الواحد، المرتبط به مصيرنا، من حيث كوننا الشعب المختار وبواسطته ارتبط مصير العالم بمصيرنا. فيجب علينا ان نكنس جميع الأديان الأخرى على اختلاف صورها».
ومن هنا يجب ان لا ننسى معنى ومغزى إعلان «إسرائيل» دولة يهودية، وإصرارهم على يهودية الدولة كجزء من هذا المفهوم… «مني يستمد الملوك سلطتهم» هذا واحد من معتقداتهم.
واضح منذ البداية انّ مشروعاً بهذه الأسس التي بني عليها والأهداف التي يسعى لتحقيقها فإنه يرمي بلا شك الى قلع جذور العرب وهدم كيانهم في فلسطين أولاً وفي امتداد الحدود وقطع الصلات في ما بينهم والحيلولة دون قيام كيان عربي قوي ودون أيّ تقدّم عربي في السياسة والاقتصاد والصناعة وتوحيد صفوفهم وتضامنهم لكي لا يشكلوا عائقاً أمام تحقيق ذلك المشروع والأهداف التي يرمي اليها.
ولذلك نجد أنّ كلّ قطر من الأقطار العربية يعاني مشكلة، نبدأ من العراق حيث المسألة الكردية التي استنزفت قواه ثم العدوان الأميركي – «الإسرائيلي» الذي فتّت وحدته وفكك تماسكه، وكذلك لبنان وما يحاك فيه وحوله من دسائس ومؤامرات وهو مشروع دائم للفتن، واليمن وما يواجهه من عدوان خارجي يشنّه تحالف أعرابي تدعمه أميركا وكذلك ما يعانيه من حروب داخلية بين شماله وجنوبه تأخذ أشكالاً عـدة. وها هو السودان قد وقع تحت التقسيم، والطائفية تذرّ قرنها في مصر، وسورية تواجه المؤامرات التي تحاك حولها. انّ معظم ما يجري من انقسامات وفتن وانتفاضات فإنّ اليهود يقفون وراءها وهم الذين حركوها في اتجاه مرسوم ليقطفوا نتائجها، وهذا منهج من مناهج سياستهم العليا.
ان ما يبشرنا بالخير هو الروح المقاومة الرافضة لكلّ أنواع المؤامرات التي تحاك بإياد داخلية امتداداً لإرادات خارجية. هذه المقاومة استطاعت ان تثبت أنّ الحياة وإجهاض المؤامرات في مهدها كوّنت الأمل وأعطت جيلاً يتقن صنع البطولة ويفتح طريق الحياة ويعمل اليهود على تدمير عزة واباء وشرف وتقاليد الشعوب غير اليهودية عبر الإمساك باقتصاديات العالم وأسواقه المالية. فهي المدخل الرئيسي لكل تغيير وتبديل في البنى السياسية والاجتماعية والقومية لدول وشعوب العالم.
لذلك نجد سيطرتهم تتمدّد الى الأسواق التجارية والبورصات المالية وممارسة الربا وتتراكم لديهم الأموال التي تخدم حركتهم. وشعارهم الإيماني هو في يوم قريب سوف نحكم العالم رسمياً وسيكون المنطلق من أورشليم أي من حيث آتانا الذل ومن حيث سيأتينا النصر الكبير.
لهذا رأينا أول قرار اتخذه رئيس الولايات المتحدة السابق ترامب هو إصدار قرار يقضي بمنح القدس لسلطة وحكم «إسرائيل». حدّدنا المرض وحدّدنا التشخيص. اننا نؤمن انّ فينا قوة لو فعلت لغيّرت مجرى التاريخ. انّ إيماننا بقضيتنا إيمان حق وإرادة، لا إيمان إحساس وتوسلات، وهكذا نرى المستقبل الزاهي يشرق على أمتنا والإرادة الحرة تحقق ذاتها بما يؤدّي الى انتصار فلسطين. اذ تمرّ على الأمم الحية القوية المحن والصعاب والنكبات فلا يكون لها خلاص منها إلا بالبطولة المؤيدة بصحة العقيدة، وانني لأرى في أجيالنا المعاصرة وما أشتفه من أجيالنا القادمة الأمل الكبير في تحقيق إرادة الأمة. إرادة الحياة والبقاء. ولا زلنا نقرأ في تاريخنا انه إذا كان أجدادنا قد شاهدوا الفاتحين وعاشوا تحت ذلهم فإنّ أبناء أمتنا والأجيال الجديدة أصحاب الإرادة القوية الحرة سيضعون حداً للفتوحات. انّ فجراً جديداً بدأت خيوطه تلوح في الأفق وان ما قام به شباب المقاومة في ذكرى 15 أيار عام 2011 ووقفات العز التي وقفوها إنْ هي إلا شرارات النار التي سوف تلهب أرضنا وتحرق الغزاة والطغاة بأيادي الاباة ابطال المستقبل وطلائع رايات النصر فيه.
انّ زوال وانحسار المؤامرات التي أضاعت فلسطين هي المؤشر الذي سيؤدي الى زوال «إسرائيل».