انتصر الحجر
} مريانا أمين
انتصر الحجر المخبّأ تحت سجادة صلاة في المسجد الأقصى. وانتصرت أحجار تدقّ أجراس الكنائس.
انتصر الحجر المخبّأ بين أصابع طفل ليعلّم العالم أجمع أهمّ درس من دروس الرجولة.
انتصر الحجر المرصّع بالفخر والعنفوان مقالعه في قلوبنا البيضاء التي لا تزال تحمل المحبة.
انتصر الحجر الذي لا يموت وحامله لا يهاب الموت. وإنْ مات! فيكون كما حبة القمح على تراب فلسطين تُدفن كي تحيا من جديد لتعطينا حقولاً من السنابل.
انتصر الحجر الأغلى من كلّ تيجان العرب المرصّعة بالخنوع والذل والهوان.
انتصر الحجر الذي كان تحت زيتونة فلسطينية يحكي لكلّ من مرّ بجانبه قصة مناضل.
انتصر الحجر كما انتصرت بسمة طفل خافها الغزاة وضحكة فتاة أرعبت جلادها وهي قيد الاعتقال.
انتصر الحجر الآتي من غزة على بساط من القهر والقمع والاستبداد.
انتصر الحجر الذي سقط مضرجا بدماء شهيد! فهل يعلم القاصي والداني أنّ نقطة الدم إذا سقطت من أطفال الانتفاضة تنمو كما تنمو زيتونة مقدسية لتحقق نصراً آتياً وحرية قادمة.
انتصر الحجر الذي لا تُعادله كنوز من عقيق وياقوت وزمرد لأنه هزّ كيان جيش مدجّج بالسلاح وبأدوات قمع خرافية.
نعم! إنه الحجر الذي جعل العدو يفقد عقله فمارس الوحشية بأبشع صورها مع النساء والأطفال.
نعم! انتصر الضوء الساطع من عيون أطفال فلسطين فالحجارة بين أيديهم تضيء لهم ولنا طريق تحرير أرض اغتصبها أعتى عدو للإنسانية،
فهل هناك أشجع من طفل يستشهد والحجر بين يديه وهو ينشد الموت لـ «إسرائيل»!
هل هناك أشجع من طفل يقف أمام الدبابات ويحمل علم فلسطين ولا يهاب الموت!
فكلّ البطولات نراها في عيونهم.
أليست فتيات فلسطين اليافعات عنوان الشرف بعنفوانهن. ها هنّ يصفعن بكفوفهن الجنود الإسرائيليين وهن مبتسمات! فتيات تمتلكن نخوة الرجال في مبادئهن وعقيدتهن.
إنهن رَضِعن النضال من أمهاتهن ومن جداتهن، وورِثن البطولة من شجر الزيتون المتشبّث في أعماق الأرض.
ألسن بعنفوانهن أيقونات للبطولة وبثباتهن الدليل الواضح والطريق المستقيم لتحرير فلسطين. فهنّ الضوء القادم لإزالة العتمة والغشاوة عن عيون المتخاذلين والمطبّعين في عالمنا العربي.
هؤلاء أطفال فلسطين الذين امتشقوا أحلامهم، ومآسيهم،
والحجر مقابل أقوى وأشرس ترسانة في الشرق ثم انتصروا…