برّي: مشكلتنا الحكومية داخلية مئة بالمئة ولمبادرة تزيل عوائق التأليف قبل فوات الأوان
دعا رئيس مجلس النواب نبيه برّي، إلى الاعتراف بأن مشكلتنا الحكومية الراهنة مئة بالمئة، محض داخلية وشخصية «وسوس الخشب منو وفيه» وأن نملك القدرة على أن نضحي من أجل لبنان لا أن نضحي بلبنان من أجل مصالحنا الشخصية، مؤكداً «أن المدخل الإلزامي للإنقاذ يكون بمبادرة المعنيين بالتأليف والتشكيل وبعد ذلك التوقيع اليوم وقبل الغد ومن دون شروط مسبقة ومن دون تلكؤ، إلى إزالة العوائق الشخصية التي تحول دون تشكيل حكومة وطنية أعضاؤها من ذوي الاختصاص غير الحزبيين لا أثلاث معطّلة فيها لأحد». كما دعا إلى «استحضار روحية وقيم التحرير من أجل استعادة لبنان من فم «تنين» الانهيار وتحريره من الاحتلالات المتمثّلة بعقد الأنانية والحقد الطائفي والمذهبي ومن احتلال المحتكرين للقمة عيش الناس وأمنهم الصحي والدوائي والغذائي وتحرير أموال المودعين».
جاء ذلك في كلمة للرئيس برّي وجهها أمس إلى اللبنانيين، لمناسبة عيد المقاومة والتحرير واستهلها بالثناء على المقاومين والشهداء موجهاً إليهم بالمناسبة تحية اعتزاز وتقدير.
كما وجه التحية إلى المرابطين في بيت المقدس وأكنافه و»للمئة ألف شهيد من شهداء المقاومة والانتفاضة الفلسطينية وللأحد عشر ألف كوكب من المعتقلين الأسرى في معتقلات النفحة وعسقلان وعتليت وغيرها» و»لكل المدن والقرى الفلسطينية المعلقة في السماء المطرّزة بأسماء الشهداء (…) لفلسطينيي الشتات. للمحرومين من أرضهم في لبنان وسورية والأردن.. لهم من لبنان المثقل بالجراح والأزمات المزدان أبداً ودائماً بمجد التحرير والانتصار. لهم أسمى آيات التبريك بالنصر الذي تحقق والذي من خلاله أثبتوا للعالم أن الجغرافيا الفلسطينية باتت بحجم الكون وأن من يمتلك عزيمة كعزيمة غزّة والمقدسيين وثباتاً كثبات أبناء حي الشيخ جراح، هم منتصرون لا محالة وأن الحلم الفلسطيني بالعودة والتحرير وإقامة الدولة المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، بات قاب قوسين أو أدنى… يرونه بعيداً ونراه بسواعد المقاومين قريباً و»ما كذب الفؤاد ما رأى».
وتابع «ولأن الخامس والعشرين من أيار محطة وطنية أنجزها اللبنانيون بمقاومتهم وصمودهم وتضحياتهم. واليوم ومن خلال الموقع الذي أمثله كرئيس لحركة «أمل» التي كانت وستبقى تشكل مبتدأ المقاومة وخبرها، طالما هنالك عدو رابض على حدود وطننا، ومن موقعي كرئيس للسلطة التشريعية أجد نفسي كما على الدوام ملزمٌ أمام الله وأمام التاريخ الذي صنعه الشهداء بأن أصارح اللبنانيين وأن يكون موقفي واضحاً».
وأردف «كان حريّ بنا أن نطل من خلال هذه الذكرى على أنفسنا أولاً وعلى وطننا وعلى تاريخه وحاضره ومستقبله بما يليق بمحطة الخامس والعشرين من أيار، لا أن نطلَّ على هذه المناسبة المجيدة على النحو الذي نحن عليه وفيه اليوم. وطن يكاد فيه البعض عن قصد أو غير قصد ان يتعمّد التفنن في صناعة الأزمات والتي إن استمرت بالتناسل واحدة من رحم الأخرى سوف تطيح بكل الإنجازات وقد أطاحت. وفي هذا المجال أنا لا أهوّل ولا أبالغ .نعم إن استمرّت هذه الأزمات من دون مبادرة سريعة وفورية لمعالجتها سوف تطيح بلبنان .حريّ بالجميع لا بل إن الواجب والمسؤولية الوطنية والأخلاقية والقومية والدستورية والقانونية تفرض على الجميع في الموالاة والمعارضة وما بينهما، أن يستشعروا خطورة المرحلة الراهنة والمصيرية التي تهدّد لبنان واللبنانيين في وجودهما».
وقال «المطلوب من القوى السياسية وهيئات المجتمع المدني كافة ومن كل اللبنانيين استخلاص الدروس والعبر التي صنعت وأنجزت النصر وتحرير لبنان من عدوانية إسرائيل واحتلالها للبنان، استحضار روحية وقيم التحرير من أجل استعادة لبنان من فم «تنين» الانهيار واستكمال تحريره من الاحتلالات التالية :
أولاً: تحريره من عقدة الأنانية التي يُمعن من خلالها البعض تقديم أهوائه ومصالحه الشخصية على مصالح الوطن والمواطن.
ثانياً: تحريره من حقد الطائفية والمذهبية من خلال الاقتناع بأن المدخل الحقيقي والمستقبل الحقيقي لتحصين لبنان وعدم تعريضه بين فترة وأخرى إلى اهتزازات أمنية وسياسية يكون من خلال الدولة المدنية وإقرار قانون للانتخابات، لا يريدون دائرة إنتخابية واحدة فليكن دوائر موسعة خارج القيد الطائفي كحد أدنى على أساس النسبية وإنشاء مجلس للشيوخ تتمثّل فيه الطوائف بعدالة.
ثالثاً: تحرير لبنان من احتلال المحتكرين للقمة عيش الناس. ولأمنهم الصحي والدوائي والغذائي وكل ما هو متصل بحياة اللبنانيين اليومية وتحرير أموال المودعين في المصارف.
رابعاً: تحرير القضاء من التدخلات السياسية وإقرار قانون استقلاليته وتفعيل الهيئات الرقابية ومكافحة الفساد ونهب المال العام استناداً للقانون الذي أقرّه المجلس النيابي لجهة إجراء التدقيق الجنائي والتشريحي بكل حسابات الدولة اللبنانية انطلاقاً من مصرف لبنان وبالتوازي وغير التوازي في كل الوزارات والصناديق والمجالس والإدارات العامّة خصوصاً كهرباء لبنان، وفي هذا الإطار أقول بالله عليكم، ابدأوا ساعة شئتم ومن حيث أردتم في هذا التدقيق وكفى تضليلاً للناس… نبيه برّي وحركة أمل وكتلة التنمية مع البدء بتطبيق هذا القانون الذي بات نافذاً… طبقوه وطبقوا سواه من القوانين الإصلاحية التي أقرّها المجلس النيابي وتجاوز عددها السبعين قانوناً.
خامساً، وهذا الأهم والأسرع والضروري: هو الاعتراف بأن مشكلتنا الحكومية الراهنة «مئة بالمئة» محض داخلية وشخصية «وسوس الخشب منو وفيه» وأن نملك القدرة على أن نضحي من أجل لبنان لا أن نضحي بلبنان من أجل مصالحنا الشخصية.
والمدخل الالزامي للإنقاذ أن يبادر اليوم المعنيون بالتأليف والتشكيل وبعد ذلك التوقيع، أن يبادروا اليوم وقبل الغد ومن دون شروط مسبقة ومن دون تلكؤ إلى إزالة العوائق الشخصية التي تحول دون تشكيل حكومة وطنية، أعضاؤها من ذوي الاختصاص غير الحزبيين لا أثلاث معطّلة فيها لأحد. وأنا هنا أعيد وأكرّر ما قاله غبطة البطريرك في هذا الصدد لا أثلاث معطّلة لأحد ووفقاً لما نصت عليه المبادرة الفرنسية، برنامج عملها الوحيد إنقاذ لبنان واستعادة ثقة أبنائه به وبمؤسساته كوطن للعدالة والمساواة، حكومة تستعيد ثقة العالم به وبدوره خصوصاً ثقة أشقائه العرب كل العرب.
احتكموا للدستور في مقاربة الملف الحكومي… انصتوا لوجع الناس وقلقهم على مصير وطنهم… تعالوا إلى كلمة سواء ننقذ بها لبنان».
فلتصفُ النيات ولتفعّل الإرادات الصادقة من أجل تأليف الحكومة من أجل لبنان ومن أجل الانسان وقبل فوات الأوان».
وختم «أيها اللبنانيون، أيها المقاومون، في ذكرى النصر والتحرير عهدنا أبداً ودائماً للشهداء عناوين عزتنا وصنّاع أعيادنا. عهدنا للمقاومين المرابطين على حدود أرواحنا وأحلامنا أن نكون صدى صوتهم ونبضاً لقلوبهم، وجهدنا في كل المواقع وفي كل الاستحقاقات لتحقيق أحلامهم بحفظ لبنان وطن يليق بحجم تضحياتهم».
استقبالات
على صعيد آخر، استقبل برّي في مقر الرئاسة الثانية في عين التينة، جمعية «صرخة المودعين» حيث جرى «عرض لمطالبهم، ولاسيما لجهة تأكيد المودعين ضرورة المحافظة على الاحتياط الإلزامي في مصرف لبنان وعدم المساس به إلاّ لحاجة المودعين وجنى عمرهم»، كما جرى البحث في شؤون متصلة بحقوقهم القانونية .وعرض الرئيس برّي الأوضاع العامّة وآخر المستجدات السياسية خلال لقائه النائب السابق غازي العريضي .
وأبرق رئيس المجلس إلى نظيره الجورجي كاخا كوتشافا مهنئاً بمناسبة انتخابه رئيساً للمجلس النيابي، كما تلقى برقيتي تهنئة بعيد الفطر من بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقصية البابا الأنبا تواضرس الثاني وبرقية من الشيخ ناصر المحمد الأحمد الجابر المبارك الصباح .