نصر الله لـ«الإسرائيلين»: القدس مقابل حرب إقليمية
دعا عون والحريري للاتفاق على تشكيلة حكومية أو الاستعانة ببرّي
أكد الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، أن «المقاومة في لبنان في أحسن حال وهي قوية بالعديد والعدّة والعداد والخبرة والاستعداد والنوعية وجهوزية وثقة وشجاعة ومعنويات». وإذ شدد على ضرورة تشكيل حكومة، وصف المطالبة باستقالة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون بأنها «مزايدات»، متمنياً للرئيس المكلّف تأليف الحكومة سعد الحريري أن تتسهّل مهمته، ووضع تشكيلة مع رئيس الجمهورية، مؤكداً أن المشكلة هي محض داخلية. وتوجه إلى عون والحريري بالقول «إن البلد أمانة عندكما»، داعياً إياهما إلى الاتفاق أو الاستعانة برئيس مجلس النواب نبيه برّي.
وفلسطيناً، أعلن عن معادلة جديدة وهي «القدس مقابل حرب إقليمية».
جاء ذلك في كلمة للسيد نصرالله في عيد المقاومة والتّحرير أول من أمس، لفت في مستهلها إلى أنّ العدو «الإسرائيلي» كان يريد الاستفراد بحي الشيخ جراح وقد دخلت القدس والمقدّسات بدائرة تهديد أكبر، لذلك اتّخذت المقاومة الفلسطينية الموقف التاريخي والحازم.
انتصار غزّة تاريخي
ورأى أنّ حماقة رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو وقادة العدو واستخفافهم بالفلسطينيين والأمّة والخطأ في التقدير، دفع إلى ما حصل، موضحاً أنّ التقدير «الإسرائيلي» كان أنّ ردّة الفعل على مشروع التّهويد في القدس لن تتجاوز البيانات، ولم يخطر على باله أنّ غزّة ستُقدم على قرار تاريخي ضخم.
وأشار إلى أنّ «غزة باغتت الصديق والعدو في قرارها تنفيذ تهديدها رداً على ما يقوم به الاحتلال في القدس»، معتبراً أن «ما أقدمت عليه خطوة تاريخية نوعية في تاريخ الصراع مع العدو، يجب أن تُقدّر عالياً».
ورأى «أنّ التّطور التاريخي في المعركة هو أن أهل غزة ومقاومتها دخلا المعركة لحماية القدس وأهلها، وكانا في موقع الاستعداد للدّفاع والتّضحية فداءً للقدس والمسجد الأقصى»، كما أظهرت المعركة أمراً يجب على الصهاينة أن يفهموه وهو إعادة النّظر في تقديراتهم».
معادلة جديدة
وتوجّه إلى «لإسرائيليين» بالقول «يجب أن تعرفوا أنّ المساس بالقدس والمسجد الأقصى مختلف عن أي اعتداء آخر تقومون به، وأنّ المساس بالمقدّسات لن يقف عند حدود مقاومة غزّة»، مؤكداً «أنّ مقاومة غزة صنعت معادلة جديدة هي «المسجد الأقصى والقدس مقابل مقاومة مسلحة»، معلناً «أنّ المعادلة الجديدة ستكون: القدس مقابل حرب إقليمية».
وأضاف «حين يُدرك الإسرائيلي أنّه أمام معادلة القدس مقابل حرب إقليمية سيعرف أنّ أي خطوة ستكون نتيجتها زوال كيانه، وعندما تُصبح المقدّسات الإسلامية والمسيحية تواجه خطراً جدياً فلا معنى لخطوط حمر أو مصطنعة».
وشدّد على «أنّ معركة سيف القدس، أعادت الاعتبار للقضية الفلسطينية في العالم وفرضتها على وسائل الإعلام، حيث شعر العالم كله أنّه أمام شعب فلسطيني واحد يتحرّك بنفسٍ واحد نحو هدف واحد».
خسائر العدو
وعدّد نتائج المعركة التي تمثّلت بإحياء ثقافة وروح المقاومة كطريق وحيد لاستعادة الأرض، توجيه ضربة قاسية لمسار التطبيع ودول التطبيع ووسائل إعلامها، سقوط وتلاشي صفقة القرن بوضوح، بالإضافة إلى إعادة إظهار الوجه الحقيقي البشع لـ»إسرائيل» ولا سيّما كنظام فصل عنصري وإعادة توجيه البوصلة في المنطقة نحو العدو الحقيقي.
وتابع «من نتائج المعركة أيضاً هو دخول قطاع غزّة إلى داخل كل المعادلة الفلسطينية»، معتبراً أنّ ذلك «تطوّر عظيم، كما إظهار مدى إنجازات المقاومة وقدراتها على مواصلة إطلاق الصواريخ وفي ساعات معلنة مسبقاً، حيث أظهرت قدرات صاروخية مختلفة لجهة النّوعية والكمية والمديات».
ورأى السيد نصر الله أنّ من أهم إنجازات معركة «سيف القدس» شلّ أمن الكيان «الإسرائيلي» وهو إنجاز عسكري لا سابقة له، ودخول أراضي 48 الأمر الذي أخاف «الإسرائيليين»، بالإضافة إلى إنهاء صورة الكيان الآمن للخارج ما سيؤثر على الاستثمارات هناك.
كما عدّد مظاهر فشل الكيان «أولاً بمنع إطلاق الصواريخ وهو فشل استخباراتي، ثمّ الفشل في خداع المقاومة الفلسطينية لجرّها إلى فخّ نوعي، حيث منعت المقاومة بوعيها ويقظتها وحكمها هذا الفخّ وفشل الإسرائيلي من النّيل من المخزون الحقيقي للصواريخ الذي لم يُطلق بعد وكذلك الفشل في تحديد قيادات الصف الأول وفي اغتيالها».
واعتبر أنّ من أهم مظاهر الفشل أيضاً هو الضياع «إذ أنّ «إسرائيل» ذهبت إلى هذه المعركة وهي ضائعة، كما أنّها لم تُقدم على خوض حرب برية».
ونوّه بثبات وصمود غزّة وقيادة المقاومة والسيطرة والاستعداد العالي للمواجهة حيث لم يسمع العالم من رجالها ونسائها وأطفالها إلاّ كلّ الكلام الذي يعبّر عن الشموخ والإباء والعزّة والكرامة، مضيفاً أن «المقاومة استطاعت بحقّ أن تقدّم صورة نصر تاريخي وحقيقي لشعبها وأحبائها في العالم ولكلّ أعدائها أيضاً».
وبارك لقادة المقاومة الفلسطينية «الذين كانوا متألّقين، ولشعب غزّة الذين احتضنوا وصبروا ولم يقولوا إلاّ ما يعبّر عن إيمانهم وصفائهم ووفائهم».
المقاومة في أحسن حال
من جهة أخرى، أكد السيد نصر الله «أنّ المقاومة في لبنان في أحسن حال ولم يمرّ عليها يوم كانت قوية كما هي الآن كماً وكيفاً ونوعاً وجهوزيةً واستعداداً، موجّهاً رسالة للعدو بأن «لا يخطِئ التقدير في لبنان وأن لا يدخل في حماقة جديدة». وشدّد على أنّ المقاومة تستند إلى بيئتها الحاضنة التي فشلوا بالمسّ بها، وهي اليوم في موقع قوي حتى بالاستناد إلى الموقف الرسمي.
وأضاف «في سجلّ الحساب مع العدو حساب دم الشهيد محمد طحّان يعبّر عن الجيل الحاضر لاقتحام الحدود وقصّ الشريط الشائك والدّخول بلا سـلاح، قائلاً للصهاينة «هذا دم صبرنا عليه ولكن ما تركناه ولن نتركه».
وأوضح أنّ «صمود محور المقاومة في البلدان المختلفة شكّل الداعم الأساسي للمقاومة في فلسطين كما شكّل الحامي للانتصار»، مشيراً إلى ضرورة الوقوف عند بيان السيد السيستاني بما يتعلّق بفلسطين.
كما لفت إلى أنّ تفاعل اليمن رغم الحصار المفروض عليه على كلّ المستويات يشكّل قوة عظيمة لمحور المقاومة، مؤكّداً أنّ «هناك جمهوراً متنوّعاً دينياً ومذهبياً وفكرياً وسياسياً في العالم مؤيّد اليوم لثقافة المقاومة»، موضحاً أنّ كل ما يحصل يظهر أنّ القدس أقرب.
وأوضح «أنّنا بِتنا من الآن نحتفل بـ25 أيار 2000 انتصار المقاومة في لبنان ودحر الاحتلال و21 أيار 2021 انتصار الشعب الفلسطيني ومقاومته في غزّة.
وأشار إلى أنّ التحرير عام 2000 صنعه الشعب اللبناني والمقاومة، وكان من أهم عوامله الموقف الرسمي الصلب، مذكراً «أنّ الإنتصار حينها أسّس لقواعد وثقافة وقيم جديدة، ووضع العدو والقضية الفلسطينية والصراع أمام مسار إستراتيجي مختلف»، لذلك حذّر قادة العدو من المخاطر الإستراتيجية لهزيمتهم. وخاطب الاسرائيلي بالقول «بألاّ يحسب خطأ تجاه لبنان، لأن المعادلة هنا حكمتها المعادلة الذهبية وهي الجيش والشعب والمقاومة، لا تخطئوا التقدير أيها الإسرائيلون، ولا تراهنوا على وضع البلد الاقتصادي، لأن الحفاظ على أمن وكرامة وأرض لبنان لا يمكن التسامح فيه. وعلى المراهنين على المسّ ببيئة المقاومة، أن ييأسوا من ذلك».
المشكلة الحكومية داخلية
وفي الشأن الحكومي، جدّد السيد نصر الله التأكيد أنّ المفتاح لما يجري في لبنان هو تشكيل حكومة جديدة، وأنّ مشكلة التأليف هي داخلية بحتة.
ولفت إلى أنّه يوجد طريق من اثنين لتشكيل الحكومة إمّا أن يتّفق الرئيسين عون الحريري أو بمساعدة الرئيس برّي.