الصراع داخل الكيان «الإسرائيلي» وتداعيات حرب غزة
} ربى يوسف شاهين
يعيش الكيان الصهيوني حالة من العجز السياسي، وذلك على خلفية الاحتدام الدائر بين الأحزاب، التي تسعى للاستحواذ على الغالبية في الكنيست «الإسرائيلي»، وما بين حزب «الليكود» وحزب «يمينا»’ الذي يترأسه نفتالى بينيت، الذي وافق على الانضمام إلى حكومة مشتركة مع رئيس حزب «هناك مستقبل» يائير لابيد، والواضح من مداولات القنوات والصحف العبرية، بأنّ هذا التحالف يُشكّل قلقاً لـ نتنياهو، الذي خسر إمكانية الاتفاق المسبق مع بينيت، لتقاسم الحكومة، وهذا ما عبّر عنه نتنياهو على «تويتر» بالنسبة للتحالف بين ليبيد وبينيت قائلاً: «إنها عملية احتيال لا يمكن تصورها»
فـ جولة التصعيد الأخيرة التي شهدتها القدس، وبالتوازي مع صواريخ المقاومة الفلسطينية من غزة، والتي أمطرت الكيان، واستمرت لـ 11 يوماً، وكانت نتائجها كارثية على الكيان الصهيوني، على الرغم من الكذب الإعلامي عن حصيلة الخسائر، خاصة أنها أتت في مرحلة توقع فيها نتنياهو، أن تتمّ الانتخابات بشكل سلس، على اعتبار أنّ فترة ترأسه للحكومة، قد أفضت منجزات سياسية كبيرة على مستوى العلاقات الدولية، بدءاً من هدايا دونالد ترامب له بما يسمى «صفقة القرن»، وما تضمّنته من اعتراف واشنطن بالقدس الشرقية عاصمة للكيان، أو بفكرة ضمّ الجولان السوري المحتل، بالإضافة إلى علاقات التطبيع التي وقّعت مع بعض الدول الخليجية، كـ الإمارات والبحرين، والنجاحات التي افضت إليها من شراكات اقتصادية وتجارية، وحتى تمثيل دبلوماسي، فإنّ الصراع الفلسطيني «الإسرائيلي» بات على صفيح ساخن.
معركة القدس التي أدت إلى انهيار منظومة القبة الحديدية أمام صواريخ المقاومة، فالرعب الذي دخل منازل المستوطنين «الإسرائيليين»، لن يكون لصالح رئيس الوزراء المنتهية ولايته بنيامين نتنياهو، إلا أنّ الأخير يحاول جاهداً الحصول على مكتسبات سياسية، عبر المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى الشرق الأوسط تور وينسلاند، ليتمكن من خلال وزير الحرب «الإسرائيلي» بيني غانتس، وخطة الهدنة المقترحة لإحلال سلام طويل الأمد مع قطاع غزة، بالإضافة إلى إعادة «الإسرائيليين» المحتجزين لدى حماس، وهما جنديان أُسرا خلال حرب 2014، وآخران دخلا غزة في ظروف غير واضحة.
ما حدث خلال 11 يوماً من قطاع غزة عبر صواريخ المقاومة ووصولها إلى العمق «الإسرائيلي»، أدى إلى تراجع أسهم بنيامين نتنياهو، فالخسائر التي تكبّدها المحتلّ على المستويين العسكري والمدني، كشفت الضعف الداخلي للمنظومة العسكرية والسياسية لحكومة «إسرائيل»، فتمّ طلب الهدنة عبر الوساطة المصرية، لتكون مصر عرابة وقف إطلاق النار، والمكان الذي ستجتمع فيه الفصائل الفلسطينية وخاصة «حماس» و»فتح» لحلّ الخلافات القائمة، ولتمكين ما يسمّى الجناح السياسي، من تحقيق مكاسب وفق أجندات خاصة، قد تؤدّي إلى تقاسم النفوذ على السلطة في الانتخابات الفلسطينية المزمع إجراؤها، والتي باعتقادي لن تتمّ بالشكل الذي يرتضيه الشعب الفلسطيني، لأنّ الأساس الذي تقوم عليه ما زال يرضخ تحت ما يُسمّى اتفاقية اوسلو، أو وصاية المحتلّ، بالإضافة الى ما يُسمّى وصاية كامب ديفيد، فالهدنة لم تطلب إلا لأنّ المستوطنين «الإسرائيليين»، باتوا في رعب شديد، وإنْ استمرت الحرب فسيرحل الصهاينة، لأنّ ما يُسمّى «الأمن القومي الإسرائيلي»، بات عاجزاً عن حمايتهم.
في المحصلة، ما جرى على الأراضي الفلسطينية المحتلة، خلال العقود الماضية، من جرائم حرب يومية يرتكبها المحتلّ، عبر ماكينته العسكرية والسياسية، بات واضحاً كالشمس بالنسبة للشعب الفلسطيني بكلّ مكوناته، سواء في الداخل المحتل أو في الضفة الغربية، أو في القطاع، وحتى في الشتات، والحرب مستمرة، لأنّ في الأرض جذور متأصلة، وعلى سطحها عفن لا بدّ من استئصاله.