الف مبارك للمنار
– تطفِئ قناة المنار شمعتها الثلاثين وتحتفل بعيد انطلاقتها كقناة للمقاومة، وتحفل مسيرة المنار بما يؤكد جدارتها بحمل اللقب. فالمنار دُمّرت مرتين وأسقط مبناها ركاماً واحترق أرشيفها، وسقط من بين صفوف العاملين فيها وكوادرها ومصوّريها وإعلاميها شهداء في ساحات العمل الإعلامي في خدمة خيار المقاومة، وعوقبت بوضعها على لوائح الإرهاب وتجريم كل من ينشر إعلاناً على شاشتها، وكثير من هؤلاء كان ينشر لاعتبارات مهنية تتصل بحجم قدرة المنار على إيصال رسالته الإعلانيّة الى جموع كبيرة من المستهلكين هم جمهور القناة، وحرمت المنار من الصعود عبر الأقمار الصناعيّة الغربية والعربية، فهل بعد من حاجة لدليل على مكانتها وأهميتها وفعاليتها وحجم تأثيرها ونجاحها في إثبات صدقيتها، سواء في كونها بالفعل قناة المقاومة أو في كونها مؤسسة إعلاميّة فعّالة الى الحد الذي يستدرج نجاحها كل هذا الغيظ؟
– الى هذا نجحت المنار في إثبات أهلية مهنية عالية وتطبيقاً صارماً لمدوّنات سلوك إعلامي راقية، عجزت عن مجاراتها فيها قنوات عريقة يفترض أنها من الذين أسهموا في وضع شرعة الاعلام العصريّ، ومعاييره المهنية والأخلاقية، فرغم كل الأذى الكلامي والحملات الإعلاميّة التي تستهدف المقاومة ورموزها، لم ترتكب المنار غلطة واحدة في الهبوط الى مستوى الشتيمة، أو في تلفيق التهم وتأليف الشائعات، أو في فبركة الأخبار، ولم تقع المنار الآتية من خلفية لون دينيّ واحد في أي مواقف يمكن أن يحمل أية نعرة دينية او عرقية او طائفية أو مذهبية، ورغم كونها قناة تعبر عن حزب المقاومة، لم تقع يوماً في هفوة التهجم والتطاول والتمادي بحق أي حزب استهدف حزب الله ورمى بحقه أبشع الكلام، فبقيت تشبه المقاومة في رفعتها وتألق خطابها المنذور للقضايا الكبرى بما يليق بكونها قناة المقاومة.
– قدّمت المنار فوق ذلك نموذجاً لكيف تكون قناة حزب بعينه قناة لكل الأحزاب والشخصيات التي تنتمي لخط المقاومة في لبنان والبلاد العربية والعالم، عندما تعلن عن هويتها كقناة للمقاومة، فهواء القناة خلال ثلاثين عاماً كان منبراً مفتوحاً لكل أحرار العالم وشرفاء العرب وقواهم الحيّة بكل عقائدهم وخصوصياتهم، وبين اللبنانيين وضعت المنار هوامش واسعة لفتح هوائها لكل ألوان الطيف الوطني، ولم تتحفّظ على الذين يتخذون مسافة من الحزب الذي تعبّر عنه، أو ينتقدونه، فمنحتهم هواءها لمجرد أنهم لا يناصبون المقاومة عداء يعبر عن خلفيات مشبوهة، وتحمّلت النقد وحاورت المنتقدين بلغة مهنية وبمسؤولية ورقي وأخلاق.
– يحق للمنار الاحتفال، فخيارها ينتصر، ينتصر في الميدان وها هو نصر فلسطين أمامنا، وينتصر في السياسة وها هو نصر سورية حاضر، وينتصر في منظومة القيم، والمسؤولية والأخلاقية، وها هم الشتامون والمنافقون يتساقطون، ويثبت أن الكلمة النقية تطرد تلوّث وسموم الكلام كما يطرد الهواء النقي الهواء الملوَّث والمسموم.
التعليق السياسي