الوطنمقالات وآراء

نتنياهو على خطى ترامب هل يلاقي نفس مصير أولمرت

} حسن حردان

مع اقتراب الكنيست «الإسرائيلي» من التصويت على منح الثقة للحكومة الجديدة برئاسة نفتالي بينت يوم الأحد المقبل، وإعلان النائب اليميني نير اورباخ أنه سيمنح الحكومة الثقة، رافضاً الخضوع لضغوط انصار الليكود لثنيه عن ذلك، فإنّ آخر أوراق رئيس الوزراء «الإسرائيلي» بنيامين نتنياهو للاحتفاظ بالسلطة ومنع إزاحته عنها قد تطايرت، وسقطت… وبات الأمر الوحيد المتبقي لإنقاذ نتنياهو من مواجهة نفس مصير الرئيس الأميركي دونالد ترامب حصول حادث أمني مثل اغتيال أحد أعضاء الكنيست المؤيدين للحكومة الجديدة، من قبل أحد المتطرفين الصهاينة مدفوعاً بالتحريض الذي يمارسه نتنياهو وفريقه… على غرار ما حصل عشية إقدام أحد المتطرفين على اغتيال رئيس الحكومة السابق اسحاق رابين اثر الحملة اليمينية التي استهدفته واتهمته بالتفريط والتنازل عن الخطوط الحمر «الإسرائيلية»… غير أنّ الاستنفار غير المسبوق للأجهزة الأمنية «الإسرائيلية» لحماية النواب المهدّدين بالاغتيال، قد يحول دون حصول السيناريو، لا سيما أنّ أيّ حدث من هذا النوع قد يدخل الكيان «الإسرائيلي» في نفق خطير ويقوده إلى حرب أهلية، أو احتدام الصراعات السياسية وشلل على مستوى الحكم، وبالتالي تفاقم غير مسبوق في الأزمة البنيوية «الإسرائيلية» التي دخل فيها الكيان مع دخوله عصر الهزائم أمام المقاومة بدءاً من هزيمته في لبنان عام 2000 ومروراً بهزائمه المتتالية في قطاع غزة عام 2005 ، وفي لبنان عام 2006 ومن ثم إخفاق حروبه على غزة في أعوام 2008 ـ 2009 وفي عامي 2012 و2014 وانتهاء بهزيمته الأخيرة في جولة المواجهة مع المقاومة في فلسطين، حيث نجحت غزة في فرض قواعد اشتباك جديدة في الصراع من الاحتلال، وفرض معادلة حماية القدس، وكسر الخطوط الحمراء «الإسرائيلية» في المدينة المقدسة.

انطلاقاً من ذلك.. فإنّ مستقبل نتنياهو السياسي بات في مهبّ الريح واحتمال أن يلاقي مصير سلفه ايهود أولمرت التي أفضت به هزيمة جيشه أمام المقاومة في الحرب على لبنان عام 2006، إلى محاكمته بتهمة الفساد ودخول السجن، لا سيما أنّ نتنياهو يلاحَق أصلاً بتهم الفساد وما يحميه من المحاكمة حتى الآن إنما هو الحصانة التي يتمتع بها كرئيس للوزراء…

إنّ هذا المصير الذي سيواجه نتنياهو يعززه احتمال أن يتبع إزاحته عن سدة رئاسة الحكومة بعد حصول الحكومة الجديدة على الثقة في الكنيست، إزاحته أيضاً عن رئاسة حزب الليكود، حيث يواجه منذ الآن سعي وزير الصحة يولي ادلشتاين للحلول مكان نتنياهو في رئاسة الليكود، وان ادلشتاين بدأ اتصالات مع قياديين بارزين في الحزب وطلب دعمهم لخلافة نتنياهو، وقال لهم… انه يجب استبدال نتنياهو، الذي سيصبح عبئاً على الليكود بعد خروجه من السلطة، لا سيما انه سيكون مكشوفاً أمام القضاء لملاحقته بتهم الفساد ومحاكمته.. ويبدو أنّ نتنياهو سيكون فعلاً أمام مخاطر انكشافه وتعريته سياسياً، وتخلي بعض مؤيديه في الليكود عنه بعد فقدانه السلطة، وبالتالي احتمال أن ينتهي عهد نتنياهو ومستقبله السياسي بدخوله إلى السجن…

من الواضح إذن أننا أمام أزمه «إسرائيلية» تتصاعد وتتفاقم، وهي بلغت مرحلة نوعية جديدة، نتيجة تراكم عبر السنوات الماضية، منذ دخل الكيان الصهيوني مرحلة الهزائم أمام المقاومة، حتى أن التفتت والانقسام والتشرذم طال أحزاب اليمين، وبات الصراع في ما بين هذه الأحزاب اليمينية على السلطة.. فلم يعد الصراع بين ما كان يسمّى سابقاً أحزاب اليسار برئاسة حزب العمل، وأحزاب اليمين برئاسة الليكود، فالصراع اليوم بين الأحزاب اليمينية يأخذ بعداً فئوياً شخصياً، أكثر منه سياسياً، فكلّ الأحزاب اليمينية متفقة ببرامجها السياسية في العداء للحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني ودعم الاستيطان ورفض حلّ الدولتين إلخ… وكلّ ما قامت به الحكومات «الإسرائيلية» برئاسة نتنياهو على هذا الصعيد، لذلك فإنّ الأزمة التي يشهدها الكيان، والصراع المحتدم بين الأحزاب اليمينية المتعددة، إنما تعكس تفسّخ وتشرذم المجتمع الصهيوني واستعار التناقضات بين القوى السياسية، نتيجة تفاقم مأزق الكيان والمشروع الصهيوني الذي دخل في مرحلة الانكفاء والتراجع منذ أول هزيمة له في لبنان.. وتفاقمت الأزمة مع كلّ هزيمة جديدة مُني بها الكيان الذي أصبح جيشه عاجزاً عن تحقيق النصر في الميدان، رغم ما يمتلكه من قوة عسكرية وآلة حرب متقدمة، عجزت أخيراً عن تحقيق النصر على المقاومة في قطاع غزة، فكيف سيكون الوضع في حال المواجهة مع المقاومة في لبنان التي تملك من القدرة والإمكانيات ما يفوق كثيراً ما تملكه المقاومة في غزة، التي تعاني من الحصار، أو كيف سيكون حال الكيان «الإسرائيلي» في حال دخوله مواجهة مع كلّ أطراف محور المقاومة دفعة واحدة.

بهذا المعنى فإنّ الأزمة البنيوية التي دخل فيها الكيان «الإسرائيلي»، منذ فترة طويلة، باتت تتفاقم وستؤدي إلى المزيد من التصدع داخل الكيان في الفترة المقبلة، وما هذا الخليط الذي تتشكل منه الحكومة الائتلافية برئاسة نفتالي بينيت إلا تعبير عن هذا التصدّع، حيث أنّ الأحزاب المكوّنة للحكومة الجديدة لا يجمعها برنامج سياسي واحد، وهي من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار الصهيوني، وهي متفقة فقط على إقصاء نتنياهو عن سدة الحكم، وعند تحقيق هذا الهدف سوف تنشب الخلافات والصراعات في داخلها، حول الموقف من توجه الإدارة الأميركية برئاسة جو بايدن الى السعي لتعويم التسوية السياسية للصراع العربي الصهيوني على أساس حلّ الدولتين، وهو أمر ترفضه كلّ الأحزاب اليمينية داخل الحكومة وخارجها، وهي الأحزاب التي تحظى بتأييد

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى