خطوة ضروريّة لمنع الملء الثاني لسد النهضة وفكرة على المفاوض المصريّ تبنّيها!
أعلن رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك، أن بلاده سوف تقوم بـ»تزويد مفوضية الاتحاد الأفريقي بمعلومات إضافية في ما يتعلق بموضوع سد النهضة الإثيوبي».
وحسب وكالة الأنباء السودانية، جاء ذلك خلال اجتماع حمدوك، أمس، في مكتبه مع رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي الدكتور موسى فكي محمد.
وشرح حمدوك موقف السودان في ما يتعلق بملف سد النهضة»، بحسب الوكالة.
وأكد أن «موضوع سد النهضة يجب أن يكون في إطار شامل للتعاون والتكامل بين الدول الثلاث».
وأوضح أن «موقف السودان يتلخص في ضرورة التوصل لاتفاق قانوني ملزم حول ملء وتشغيل سد النهضة حتى يتمكن السودان من تنظيم مشروعاته التنموية وتفادي الأضرار التي يمكن أن تنتج عن غياب معلومات مفصلة مسبقة حول قضايا الملء والتشغيل».
وتم خلال اللقاء الاتفاق على أن يقوم السودان بتزويد مفوضية الاتحاد الأفريقي بمعلومات إضافية فيما يتعلق بموضوع سد النهضة.
فيما كشف أحمد المفتي، خبير التفاوض الدولي، عن خطوة ضرورية لمنع عملية الملء الثاني لسد النهضة الإثيوبي.
ونصح المفتي مصر والسودان، بإعلان رفضهما عملية ملء سد النهضة بأي مقدار، إلا إذا تم التوصل لاتفاق ملزم، بهذا الشأن، بحسب موقع «مصراوي».
وأكد على «أهمية تجنب العودة إلى المفاوضات، حتى توقف أديس أبابا جميع أنشطتها في السد، ويتم التوصل لاتفاق بشأن عملية الملء».
وحذر خبير التفاوض الدولي من «تكرار سيناريو الملء الأول بجر دولتي المصب إلى تفاوض لا يسفر عن نتائج».
وأشار إلى أن «هذا التفاوض يجعل من عملية الملء الثاني لسد النهضة أمراً واقعاً، بإرادة إثيوبية منفردة».
في السياق نفسه، أثار لجوء مصر إلى مجلس الأمن لشرح مستجدات سد النهضة جدلاً واسعاً بين المراقبين الذين انقسموا إلى فريقين: فريق متفائل يرى أن الخطوة المصرية حاسمة وتعد تمهيداً لحل عسكري يشفي الغليل، فيما يرى آخرون بأن «كل هذه مجرد دعايات لأنه قضي الأمر»، مشيرين إلى أن «مجلس الأمن لن يناقش الموضوع وان ناقشه فليس من سلطته اتخاذ قرار ملزم إنما رأي استشاري».
وكان رئيس وزراء إثيوبيا قد استقبل وزير السعودية لشؤون الدول الإفريقية أحمد بن عبدالعزيز قطان أول أمس، وجرى خلال الاستقبال استعراض العلاقات الثنائية بين البلدين، ومناقشة عدد من الموضوعات ذات الاهتمام المشترك.
وبدأ البعض في التعويل على التحرك العربي، رابطاً بين زيارة ولي العهد السعودي لمصر ولقائه السيسي منذ يومين، بينما أكد آخرون أن «الرافال» هي الحل ولا حل سواه.
في السياق ذاته هاجم البعض الموقف العربي واصفين إياه بـ»المخزي بعد كل ما قيل عن الاستثمارات العربية في إثيوبيا».
وبرأي الخبير الاقتصادي عبد الخالق فاروق فإن «لجوء مصر إلى مجلس الأمن تعد خطوة تأخرت أربع سنوات على الأقل».
وتابع فاروق: «مصر تخاطب مجلس الأمن لإعلامه بمخاطر السد الاثيوبي على الحياة في مصر وأيضاً أخيراً اجتماع لوزراء الخارجية العرب لمناقشة سد الخراب الاثيوبي لتوفير مظلة سياسية إقليمية لدعم الموقف المصري والسوداني».
وأضاف فاروق أنه «لم يبق سوى خطوة واحدة قبل العمل المباشر هو إلغاء مصر والسودان اتفاق المبادئ الخطيئة الكبرى الذى وقّعه السيسي عام 2015 وتبدأ بعدها مرحلة جديدة لحماية نهر النيل من المؤامرة الإجرامية الإثيوبية ومَن وراءها».
في السياق ذاته، نشر الكاتب الصحافي سليمان جودة فكرة أرسلها المهندس شريف عفت في رسالة منه، وهي في صُلب موضوع سد النهضة. وجاء فيها: «الفكرة أننا نتكلم طوال الوقت عن اتفاق ملزم مع أديس أبابا في قضية السد.. اتفاق يقول بأوضح العبارات إن مصر لها حصة تاريخية في ماء النيل تصل إلى 55 ملياراً ونصف المليار متر مكعب، وإنها حصة غير قابلة للجدل ولا للمساومة!».
وتابع الصحافي: «هذا صحيح.. ولكن الأصح منه أن هذه حصة لا تكفينا أبدًا، وأننا في حاجة إلى مائة مليار على الأقل، لأن تحديد حصتنا بهذا الرقم كان وقت أن كنا أقل من نصف عدد السكان الحالي.. وبالتالي.. فمن الطبيعي أن تزداد الحصة مع تزايد عدد السكان!».
وأوضح بالقول: «من الطبيعي أن تتضاعف حصتنا لسببين أساسيين، أولهما أن نهر النيل نهر دولي، أي أن ملكية الماء فيه ملكية مشتركة بين الدول التي يجري فيها، وأن من حق كل دولة من الدول الواقعة عليه أن تأخذ منه بقدر حاجتها، ولذلك، فإن لنا فيه مثل ما للإثيوبيين الذين يأخذون منه قدر حاجتهم.. وكذلك الأمر مع السودان الذى يشرب معنا من بين شاطئيه!.. والسبب الثاني أن استهلاك إثيوبيا نفسها من مياه النيل في هذه اللحظة، يزيد بالتأكيد عما كانت تستهلكه وقت أن تحددت حصتنا بهذا الرقم المشار إليه! وبما أن استهلاكها زاد مع زيادة سكانها.. فما ينطبق عليها ينطبق علينا نحن هنا كدولة مصب، وينطبق هو ذاته على السودان كدولة ممر!».
وتمنى صاحب الفكرة على صانع القرار في مفاوضات السد أن «يتبنى فكرته، وأن يطرحها على كل مائدة يجرى فوقها كلام حول السد، وألا يتنازل عنها..».
من جهته، قال جودة إنه «يتصور أن كل مصري تراوده هذه الفكرة، وتدور في داخله، ويتحمس لها لأبعد حد، وهو يتابع زيادات السكان».
وقال جودة إن «على الطرف الإثيوبي أن يفهم أن حصتنا التاريخية تحددت في ظروف تغيرت، وأن هذه الظروف تفرض الحصول على حصة مختلفة.. فما تقبله إثيوبيا لنفسها استهلاكاً متزايداً من ماء النهر، لا بديل عن أن تقبله لنا وللسودان!».
واختتم قائلاً: «إذا كان رئيس وزراء إثيوبيا يتكلم عن مئة سد في المستقبل، فعلينا أن نتكلم بالتوازي عن مائة مليار في المستقبل نفسه، وألا نقبل فيها التنازل ولا الفصال!».
وكان نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية الإثيوبي، ديميكي ميكونين، أعلن الشهر الماضي، أن «عملية ملء سد النهضة الثانية ستجري كما هو مقرر وموافق عليه من قبل المجموعة الوطنية للبحث العلمي للدول الثلاث (إثيوبيا – السودان – مصر)».
وبدأت إثيوبيا في بناء «سد النهضة» على النيل الأزرق عام 2011 بهدف توليد الكهرباء، وتخشى مصر من تأثير السد على حصتها البالغة 55.5 مليار متر مكعب من مياه النيل؛ فيما يخشى السودان من تأثير السد على السدود السودانية على النيل الأزرق.
وفشلت جميع جولات المفاوضات، التي بدأت منذ نحو 10 سنوات، في التوصل إلى اتفاق ملزم بخصوص ملء وتشغيل السد.
يذكر أن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي حذّر إثيوبيا، في نيسان الماضي، من «المساس بحقوق مصر المائية»، مشدداً على أن «الخيارات كلها مفتوحة».