ماذا بعد انعدام الحلول غير التحسّر والندم؟
} عمر غندور*
وصّف المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى خلال اجتماعه يوم السبت الأوضاع السائدة في لبنان بسفينة متهالكة في قلب عاصفة هوجاء في بحر مجنون، بينما بحّارتها في حالة لا مبالاة وعدم اكتراث وتخبّط عشوائي، كحال الطبقة السياسية القابضة على رقاب المواطنين وينصرفون الى الجدل العقيم في الوقت الذي تشرف فيه السفينة على الغرق، واللبنانيون في حالة فقر مدقع بعد ان سرقت المصارف ودائعهم، هائمون على وجوههم من غير دواء وغذاء وكهرباء وبنزين وأمن دخل مرحلة الخطر جراء التوغل في الانهيار على كلّ صعيد.
إلا أنّ رئيس الحكومة المكلف الذي انعقدت جلسة المجلس الإسلامي الشرعي الأعلى لمؤازرته وتأكيد عدم المسّ بصلاحيات رئيس الحكومة، خرج ليقول في تصريح مقتضب: «تدارسنا في الأوضاع السائدة التي تعرفونها وأقول لكم إنّ البلد بعين المفتي دريان وعيني!»
ولا ندري إذا كان مثل هذا التعهّد أراح بال المواطنين وطمأنهم الى مستقبلهم!
أما لماذا انعقاد المجلس الإسلامي الشرعي الأعلى في هذا التوقيت بالذات مع استعصاء الحلول وانسداد أفق حلحلة تشكيل الحكومة، وهل مثل هذا الانعقاد مقدّمة لاعتذار الحريري عن التكليف، او لمرحلة جديدة من المواجهة، فهذا ما لا نعرفه، في وقت غرّد النائب اللواء جميل السيد قائلا: «سعد الحريري اشتكى للمجلس الشرعي معاناته بتشكيل الحكومة وتلقى دعمه، وغداً ربما سيلجأ أيضاً رؤساء آخرون للاستقواء بمجالس طوائفهم وكذلك فعل ويفعل رياض سلامة وقضاة وضباط ومدراء كبار لحماية فسادهم، عندما يحتمي الفشل والفساد بعباءة الدين ليسقط النظام وتقوم فيدرالية الطوائف ونحن فيها».
وفي ضوء انسداد جدوى المحاولات لفتح كوة في جدار أزمة الحكام يحاول كلّ فريق أن ينأى بنفسه عن مسؤولية التعطيل ويعلك كلاماً مكرّراً لم يعد ينطلي على أحد، وانّ الخلافات على إيجاد حلول لمعضلة الكهرباء او توفير المحروقات والدواء او معالجة الفساد الذي ينخر في مفاصل الدولة وكافة المؤسسات او وضع حدّ للتلاعب بسعر الدولار مقابل الليرة اللبنانية، كلّ هذه البلايا ليست في بال المتخاصمين على تشكيل الحكومة الذين يتذابحون على الحصص وعلى توزيع الحقائب وليس أيّ شيء آخر!
ولا ندري الى متى يتواصل هذا العهر والانهيار وهدر الوقت؟ والى متى يتحمّل الشعب وزر هذه الممارسات، بينما يتلهّى السياسيون بلعبة الموت الذي يزحف بوتيرة متسارعة نحو الانتحار والتحسّر.
“عَمَّا قَلِيلٍ لَّيُصْبِحُنَّ نَادِمِينَ (٤٠) المؤمنون»