قمة السبع الكبار: كلام يناقض الأفعال
} عدنان برجي*
إذ حرص الرئيس الأميركي جو بايدن على التأكيد ان الولايات المتحدة الأميركية قد عادت، في اعتراف صريح على مدى اهتزاز العلاقات الأوروبية الأميركية في عهد سلفه دونالد ترامب الذي كان يهدّد ويتوعّد قادة الاتحاد الأوروبي، ويطلب اليهم دفع ما عليهم كي يستمرّ الحلف الأطلسي في حمايتهم، فقد خلصت قمة مجموعة السبع الكبار التي انعقدت في بريطانيا قبل ايام الى مطالبة الصين باحترام حقوق الانسان في شيجيانغ وهونغ كونغ، ومطالبة روسيا بوقف الأنشطة المزعزعة للاستقرار ووقف التدخلات في شؤون الدول الأخرى.
لو ان هذه المطالبة قد صدرت من دول ذات تاريخ ناصع في الحفاظ على السلم العالمي ورخاء الشعوب وعدم التدخل في شؤون الآخرين، والابتعاد عن الاحتلال المباشر وغير المباشر، لكان يمكن للمرء ان يصدّق ما جاء في بيان قمة المجموعة. لكن ان يكون الأميركي قد احتلّ العراق، ونشر قواته في سورية، وجاهر ويجاهر بمدّ كلّ أشكال الدعم الى الكيان الصهيوني الإحلالي الذي شرّد شعب فلسطين، ولا يزال ينتهك القرارات الدولية ليل نهار، فإنّ الحديث عن حقوق الإنسان في مقاطعة صينية، لا يعدو ذراً للرماد في العيون وكذباً صريحاً لا يمكن لعاقل ان يأخذه على محمل الجدّ.
انّ ابليس حين يحاول شيطنة غيره فذلك يعني انه كاذب في كلّ ما يقوله. فكيف لدول استعمرت العالم لقرون طويلة، ونهبت موارد الشعوب في أفريقيا ومجمل بلدان العالم الثالث، ان تتهم دولة أخرى بعيوب الاستعمار مع انه لم يحدث في تاريخها أن كانت دولة مستعمرِة بل دولة مستعمَرَة، وكيف لمن يراقب المشهد العالمي ان يصدّق هذا الاتهام حين يرى قتل الاحتلال الأميركي للملايين في العراق ويرى في الوقت عينه دعوة الصين في أنّ مصير البشرية مشترك وانه ينبغي التعاون بين الدول والحكومات لما فيه خير الشعوب كافة؟
يدّعون الدفاع عن مسلمي الإيغور في مقاطعة شيجيانغ الصينية، فماذا عن مسلمي القدس وغزة وفلسطين قاطبة وهم يتعرّضون كلّ يوم للتنكيل الصهيوني ولأبشع أنواع العنصرية بحماية غربية أطلسية؟ وماذا عن الإسلامفوبيا التي غزتها وشجعتها ونشرتها الحكومات الغربية ويقع ضحاياها يومياً مسلمون أبرياء في أكثر من دولة غربية؟
يدعون الى عدم التدخل في الشؤون الداخلية، وهذا مطلب جيد، لكن هل بدأوا بأنفسهم فسحبوا قواتهم من سورية؟ وهل طلبوا من تركيا وهي عضو في الحلف الاطلسي سحب قواتها من سورية وليبيا؟ أم انهم لا يرون الا بعين واحدة وهي مصابة بالحوَل؟
يتحدثون عن السلم العالمي فلماذا لم يذكروا فلسطين بكلمة واحدة مع انّ دماء الفلسطينيين لم تجف؟ ويتحدثون عن الديمقراطية فأيّ ديمقراطية تتيح للاحتلال الصهيوني المدعوم أميركياً وغربياً ان يعتقل الأسرى الفلسطينيون عشرات السنين قهراً وظلماً وعدواناً؟
انّ زمن الشعارات البرّاقة والخادعة قد ولّى ولم تعد الأكاذيب لتنطلي على الشعوب، وحرّي بقادة دول كبيرة ان يقرنوا القول بالفعل فيقلعوا عن دعم الاحتلال الصهيوني ويوقفوا تدخلاتهم في شؤون الدول ويتوقفوا عن نهب ثروات الشعوب والتدخل في شؤونها لتفتيتها وتقسيمها وإقامة الحروب بين مجتمعاتها، كي يصبح لقولهم معنى ولدعواتهم مصداقية.
آن أوان تغيير المنهج وتعديل الأسلوب والاقتناع انّ زمن التحكم الانفرادي بمصير الدول والعالم قد ولّى عهده وأنّ هناك تراجعاً في الغرب وتقدّماً في الشرق.