دلالات ونتائج فوز رئيسي: انتصار لنهج الثورة وسقوط مدوّ لرهانات الغرب والكيان الصهيوني
} حسن حردان
شكل فوز المرشح ابراهيم رئيسي، في انتخابات الرئاسة في إيران، من الدورة الأولى، بنسبة 62 بالمئة من أصوات المقترعين، وبنسبة مشاركة شعبية جيدة الى إحداث صدمة في دوائر صنع القرار في واشنطن وكيان الاحتلال الصهيوني.. لا سيما أنّ هذه النتيجة عكست دلالتين مهمتين:
أولاً، انتصار نهج وقيم ومبادئ الثورة الإسلامية الإيرانية التحررية التي أرسى دعائمها الإمام الراحل روح الله الخميني، ناصر المستضعفين وقضية فلسطين والمقاومة ضدّ الاحتلال والاستعمار، وهي المبادئ والقيم التي يسير على هديها الرئيس رئيسي المعروف بتأييده القوي لقوى المقاومة، وتمسكه بثوابت الثورة الخمينية التحررية في الدفاع عن استقلال وسيادة الجمهورية الإسلامية، وحقوقها، ونهجها التحرري في مواجهة التدخلات والتهديدات الأميركية الغربية وكيان العدو الصهيوني والأنظمة الرجعية التابعة للاستعمار…
ثانياً، توجيه صفعة قوية للدول الغربية بقيادة الولايات المتحدة الأميركية والدول الدائرة في فلكها، وسقوط مدوّ لرهاناتها على اضعاف النموذج الإيراني الديمقراطي لتداول السلطة عبر الانتخابات، الذي قام عليه نظام الجمهورية الإسلامية منذ أكثر من أربعين عاماً… وإخفاق الغرب في رهاناته على إضعاف التفاف الشعب الإيراني حول ثورته ونظامه الجمهوري، واستطراداً فإنّ هذا الفوز للمرشح رئيسي شكل فشلاً ذريعاً لأهداف الحصار والضغط الاقتصادي الأميركي الغربي لإثارة الفتن والانقسامات والاضطرابات وتقويض استقرار إيران، ومحاولات النيل من تماسكها الداخلي… حيث جرت الانتخابات بسلاسة وفي أجواء من الأمن والاستقرار والإقبال الشعبي على صناديق الاقتراع، بنسبة اقتربت من 50 بالمئة، حيث سجلت نسبة مشاركة 48،8 بالمئة من إجمالي الذين يحق لهم الانتخاب، وهي نسبة أكبر بكثير من تقديرات أعداء إيران الذين كانوا يتوقعون نسبة مشاركة لا تتعدّى 35 بالمئة.. على أنّ نسبة 48،8 بالمئة تعتبر جيدة إذا ما أخذنا بالاعتبار غياب المنافس القوي للرئيس رئيسي في ظلّ شبه مقاطعة من الإصلاحيين، وسيادة شعور عام بأنّ رئيسي سيفوز بالانتخابات، هذا إضافة إلى انتشار وباء كورونا…
انطلاقاً مما تقدّم يمكن القول إنّ فوز رئيسي ستكون له انعكاسات على مجمل سياسات إيران الداخلية والخارجية على نحو يعزز توجهاتها الاستقلالية ومواقفها الثابتة والمبدئية من قضايا الصراع في المنطقة، في غير مصلحة الغرب وكيان العدو الصهيوني، حيث عبّرت ردود فعل تل أبيب واشنطن عن خيبة أملهم من فوز رئيسي، خصوصاً أنّ هذه النتيجة للانتخابات سوف تؤدي عملياً إلى النتائج التالية:
النتيجة الأولى، تعزيز السياسة الاقتصادية التنموية المستقلة للجمهورية الإسلامية والتي تقوم على تعزيز سياسة الاكتفاء الذاتي، لا سيما أنّ هذه السياسة حققت نجاحات هامة أضعفت من تأثيرات الحصار الأميركي وأكدت أنها السبيل لتحصين الموقف السياسي لإيران في مواجهة الضغوط الأميركية الغربية…
النتيجة الثانية، تسريع موافقة واشنطن والعواصم الغربية على العودة إلى الاتفاق النووي ورفع العقوبات عن إيران من دون ايّ تعديل على الاتفاق، والتأكد من التزام هذه العواصم بتنفيذ التزاماتها، كشرط أول تضعه طهران قبل أن تعود عن تقليص التزاماتها بالاتفاق رداً على انسحاب واشنطن منه وعدم وفاء العواصم الأوروبية بالتزاماتها فيه.. هذا الاحتمال المتوقع بقوة، عكسه إعلان مسؤول أميركي لموقع “اكسيوس” الأميركي، عن رغبة الإدارة الأميركية في إبرام صفقة للعودة إلى الاتفاق النووي النهائي في غضون 6 أسابيع، أيّ قبل تولي الرئيس الإيراني الجديد مهامه.. ما يعكس توجه واشنطن للتسليم بفشل سياسة الضغوط القصوى التي انتهجتها ضدّ إيران، وعدم تأمّل حصول ايّ تغيير في الموقف الإيراني يستجيب لبعض الشروط الأميركية، وأنّ ابرام الصفقة قبل تسلم رئيسي مقاليد السلطة أفضل بكثير لواشنطن.. هذا الاحتمال عكسته:
1 ـ أجواء المفاوضات في فيينا والاجتماع الأخير للمفاوضين في مجموعة ال 4 +1 للاتفاق على الصيغة النهائية للعودة إلى الالتزام بالاتفاق النووي من جميع الأطراف.. حيث جرى تحقيق تقدّم في بعض القضايا الخلافية العالقة حسب ما صدر عن المشاركين في الاجتماع، وانّ الوفود سوف تعود إلى بلدانها لأخذ القرار النهائي..
2 ـ تصريحات مستشار الأمن القومي الأميركي جاك سوليفان، التي قال فيها بوضوح، “نريد إعادة فرض القيود على برنامج إيران النووي وفق الاتفاق الأساسي، وبعدها نتفاوض بشأن اتفاق أقوى”.. وبرّر هذا التوجه الأميركي، بالقول إنّ “استراتيجية الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب قرّبت إيران من السلاح النووي وزادت من زعزعتها لاستقرار المنطقة”.. على حدّ قوله.
النتيجة الثالثة، تعزيز وزيادة منسوب دعم إيران لقوى المقاومة، لا سيما أنّ الرئيس رئيسي معروف عنه بأنه من أشدّ المؤيدين للمقاومة ضدّ الاحتلال الصهيوني، والمعارضين للسياسات الاستعمارية الأميركية الغربية…
النتيجة الرابعة، توطيد وتدعيم العلاقات التحالفية الاستراتيجية الإيرانية السورية، باعتبارها المحور الأساسي في حلف المقاومة الذي أسهم في تمكين المقاومة في لبنان وغزة من تحقيق الانتصارات في مواجهة جيش العدو الصهيوني، كما أسهم هذا المحور السوري الإيراني في الصمود في مواجهة حروب أميركا الإرهابية المباشرة وغير المباشرة وإحباط أهدافها.. وهو ما توّجته نتائج الانتخابات الرئاسية الإيرانية والسورية…
النتيجة الخامسة، تعزيز تحالفات إيران الدولية لا سيما مع روسيا والصين، وإعطاء دفع لعلاقات التعاون المشترك معهما في شتى المجالات باعتبار ذلك مصلحة مشتركة في مواجهة سياسات الهيمنة الأميركية الغربية، وقاعدة أساسية لإرساء علاقات دولية تقوم على التعددية والتشاركية واحترام المواثيق والقوانين الدولية..
لهذا كله جاءت ردود الفعل “الإسرائيلية” والأميركية على انتخاب رئيسي لتعكس حالة الخيبة والإحباط والقلق من سياسات رئيسي، المعروف بمواقفه الثورية الصلبة في الدفاع عن برنامج إيران النووي، ودعمه لقوى المقاومة.