أولى

بعد ملحمة «سيف القدس»: ماذا تريد أميركا و«إسرائيل» وماذا يريد الفلسطينيّون؟

 د. عصام نعمان*

ملحمة «سيف القدس» لم تنتهِ مفاعيلها بعد. قادة فصائل المقاومة في قطاع غزة أكدوا ويؤكدون أنّ أيّ اعتداء على الأقصى ومقدسات القدس الشريف سيُطلق شرارة الحرب مجدداً. السيد حسن نصرالله حذّر بدوره من انّ المساس بالقدس سيؤدي الى حرب إقليمية.

الولايات المتحدة تدرك المخاطر المحدقة، لا سيما بعدما انتهت انتخابات رئاسة الجمهورية في إيران الى فوز مرشح المحافظين المتشددين السيد إبراهيم رئيسي. لذا تحوّطت مسبقاً بدعوة رئيس أركان الجيش الإسرائيلي الجنرال أفيف كوخافي الى واشنطن للتباحث في التحديات الماثلة.

ماذا تريد أميركا و«إسرائيل»؟

رون بن يشاي، كبير المحللين العسكريين في صحيفة «يديعوت احرونوت» (2021/6/18) حدّد بلغته (وبموافقة ضمنية طبعاً من قيادة الجيش الإسرائيلي) أهمّ القضايا موضوع البحث:

جرأة إيران المتزايدة في عملياتها ضد أميركا والسعودية والإمارات في العراق واليمن.

 بلورة اتفاقات وتفاهمات بين أميركا و«إسرائيل» بشأن التعاون في مواجهة تحدياتٍ مصدرها أطراف محور المقاومة الذي ترعاه إيران.

احتمال وصول إيران الى عتبة إنتاج سلاح نووي وتداعيات ذلك على مصالح أميركا و«إسرائيل» في الشرق الأوسط.

مخاطر تسلّح إيران بصواريخ باليستية بعيدة المدى قادرة على حمل رؤوس نووية.

محاولات إيران وحزب الله الدفع قدماً بمشروع الصواريخ الدقيقة وانعكاسات ذلك على علاقة إيران وحزب الله بفصائل المقاومة في قطاع غزة.

طلب «إسرائيل» من أميركا مساعدتها في التزوّد بكميات كبيرة من الصواريخ الاعتراضية والسلاح الدقيق، ومساعدتها في تطوير سلاح الليزر الدفاعي والهجومي.

الى ذلك كله يضيف عاموس هرئيل، المحلل العسكري البارز في صحيفة «هآرتس» (2021/6/18) مسألة اخرى مقلقة لـِ «إسرائيل» هي الأموال الوفيرة المحوّلة من دولة قطر الى قطاع غزة، ذلك انّ «إسرائيل» تريد منع وصول هذه الأموال الى «حماس» بتغيير آلية تحويلها بحيث تذهب الى حكومة السلطة الفلسطينية في رام الله.

ماذا يريد الفلسطينيون بعدما بات نحو 94 في المئة منهم، وفق نتائج الاستطلاع الأخير الذي أجراه د. خليل الشقاقي، مدير المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية في رام الله، يفتخرون بأداء «حماس» في ملحمة «سيف القدس» ويعتقدون أنها خرجت منتصرة منها وجديرة بتمثيل الشعب الفلسطيني؟

يتضح من تصريحات قادة «حماس» و«الجهاد الإسلامي» ان أبرز القضايا والمواقف والمطالب التي تتشدّد بشأنها فصائل المقاومة في غزة هي الآتية:

التمسك بقواعد الاشتباك التي كرّستها ملحمة «سيف القدس» ومفادها انّ ايّ اعتداء على المقدسات في القدس الشريف يستوجب رداً فورياَ من فصائل المقاومة، وأن لا عودة الى التهدئة قبل وقف الاعتداء والتزام العدو بوقف إطلاق النار بلا قيد ولا شرط.

عدم الربط بين إعادة الإعمار في قطاع غزة والتوصل الى اتفاق مع العدو بشأن أسراه المحتجزين لدى المقاومة في القطاع.

رفع الحصار عن قطاع غزة دونما قيود أو شروط، على ان تكون الخطوة الاولى إلغاء القيود المفروضة على الصيد في بحر غزة.

 حسناً، لكن ماذا يريد مناصرو المقاومة الفلسطينية في دنيا العرب وشتى أرجاء العالم؟

  يمكن استخلاص الجواب من مداخلات أكثر من 500 شخص من شتى أنحاء العالم شاركوا في حوارٍ نظمه «المنتدى العربي من أجل العدالة لفلسطين» قبل خمسة أيام في بيروت من خلال منصة «زوم» Zoom، وقد تقاطعت مداخلتي مع مداخلاتٍ أخرى في نقاط عشر على النحو الآتي:

أولاً، ترسيخ الالتزام بمركزية قضية فلسطين في الحياة العربية وفي أوساط القوى الحيّة في العالم المناصرة لقضية الشعب الفلسطيني المناضل ضدّ العنصرية والاحتلال الصهيونيّين، والتأكيد على أنّ مواجهة العدو يجب ان تتمّ في هذا المنظور المتكامل كي لا يبقى شعب فلسطين وحيداً في ساحات النضال فيسهل على العدو تطويق مقاومته ومحاولة إخمادها.

ثانياً، ترجمة مبدأ مركزية قضية فلسطين بدعم المقاومة الفلسطينية مالياً وميدانياً، مباشرةً وليس مداورةً، ما يستوجب عدم ارتهان دعم المقاومة لأية مساومة أو مراعاةٍ للظروف السياسية للأطراف الداعمة.

ثالثاً، اعتبار المقاومة المدنية والميدانية هي النهج الأفعل في التصدي للعنصرية والاحتلال الصهيونيين، وإقلاع فصائل المقاومة، منفردين او مجتمعين، عن اعتماد اسلوب الديبلوماسية والتفاوض مع الكيان الصهيوني قبل دحره وتحوّل موازين القوى لمصلحة المقاومة.

رابعاً، تكريس المقاومة الفلسطينية عموماً وفصائل المقاومة في قطاع غزة خصوصاً شريكاً كامل العضوية في محور قوى المقاومة الناشط سياسياً وعسكرياً في منطقة غرب آسيا الممتدة من شواطئ البحر الأبيض المتوسط غرباً الى شواطئ بحر قزوين شرقاً.

خامساً، اتخاذ محور المقاومة، دولاً وتنظيمات، قراراً مُلزماً بتحديد مواقفها من الدول المحيطة جغرافياً بفلسطين المحتلة في ضوء مواقف هذه الدول من المقاومة الفلسطينية ممثلةً بقيادتها السياسية والميدانية.

سادساً، التوافق في إطار القيادة السياسية والميدانية الموحدة لفصائل المقاومة الفلسطينية الناشطة في الوطن السليب على إبقاء المقاومة المدنية والميدانية بشتى أشكالها حيّة وناشطةً ضد العدو الصهيوني والحرص على التنسيق في ما بينها لتأمين أعلى مستويات الفعالية.

سابعاً، توحيد جبهات المقاومة والقتال لكل أطراف محور المقاومة، لا سيما تلك التي لها حدود مشتركة مع فلسطين المحتلة، وذلك لتأمين أعلى مستويات التنسيق والمشاركة في ما بينها من جهة ودعماً للمقاومة الفلسطينية الناشطة داخل فلسطين المحتلة من جهة أخرى.

ثامناً، التوافق بين أطراف محور المقاومة على مباشرة التصدّي، سياسياً وميدانياً، للدول المعادية لأيّ طرفٍ من اطرافه، لا سيما سورية والعراق وإيران، لكونها تنشر من دون موافقتها قواتٍ عسكرية فيها، على ان يتمّ التصدي لها في إطار خطةٍ استراتيجية متكاملة لإكراه الدول المعادية على سحب قواتها من أراضي دول محور المقاومة بلا قيد ولا شرط.

تاسعاً، فتح الحدود وضمان إيجاد وحماية مسارات لوجيستية بين دول محور المقاومة لتأمين نقل وتبادل المواد والسلع ذات الطابع الاستراتيجي، لا سيما النفط والغاز.

عاشراً، عقد مؤتمرات دورية، سياسية واستراتيجية، بين دول وتنظيمات محور المقاومة ونشر مقرراتها ذات الصلة بنضالها الموصول ضدّ الكيان الصهيوني وحلفائه الإقليميين والدوليين وذلك في إطار الجهود المبذولة لتوعية القواعد الشعبية وتعزيز ثقافة المقاومة في دنيا العرب وعالم الإسلام.

  هل ثمة نهج أقوى وأفعل؟

*وزير ونائب سابق.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى