الكلمة الطيّبة “صدقة”.
كم هُم تُعساء هؤلاء الذين أشقتهم الحياة وجرّدتهم من رائحة رغيف الحبّ وكوب شاي الإحساس بالحياة قبل أن يبردا معاً ويعجّلا بكتابة قصيدة رثاء على الحياة وأهلها..
عندما يوخزنا الآخر بشوكة لا مبالاته يكون بتصرفه هذا كأنّه سجننا في قفص بلا قضبان، قفص اكتراثه بكلّ شيء إلّا بنا!
عندما ينظر إلينا الآخر من بعيد نظرة جافة، نظرة تشق قلب الحجر، نفرك أعيننا لنستوعب الرؤية بالعين بعد أن تعذرت الرؤية بالقلب! هم لا يعلمون أنهم بتصرفاتهم هذه يضاعفون المسافات بين بعضنا البعض بدلاً من زوالها!
تُرى هل نستطيع الانتصار على الحياة؟
نعم، نستطيع الانتصار يا قارئي، فيما إذا تجرعنا الحبّ كما نتجرّع الشراب اللذيذ المذاق. عندما نترفّع بأنفسنا اللوامة عن أن نستسلم للسقوط في حفرة الحياة وهي الكره، ولا ينتشلنا أحد منها غير قرين الروح التوّاقة إلى الصعود.
الأسوأ في تصرفاتنا أن الأكثرية تنسى أو تتناسى رابط الأخوة والصداقة وتكتفي بتصفية حسابات الحياة بعيداً عن المحبة والألفة، لماذا؟ لأن الأكثرية آثرت أن تعطّل محرك السفينة وتلقي ببعضها البعض في حضن البحر انتقاماً وحقداً!
أحياناً لا يريد الناس أكثر من لمسة حانية وكلمة دافئة للاستمرار، فالناس لا يكرهون الحياة بقدر ما يكرهون الظروف التي يمرّون بها، حيث تصبح هذه الظروف غولاً يوشك على ابتلاعهم، ويتغلب هذا الغول على أحد أهم غرائز الإنسان وهي غريزة البقاء!
نحن بشر، ومن الطبيعي أن نضعف في مواقف كثيرة، فكم هو جميل أن نكون لطفاء مع بعضنا البعض.
ليس عن عبث كانت الكلمة الطيبة صدقة، وليس عن عبث كانت الابتسامة في وجه الآخر صدقة، وليس عن عبث أن جبر الخواطر صدقة، وليس عن عبث أن إماطة الأذى عن طريق القلوب أعظم أجراً وأبلغ أثراً من إماطتها عن طريق الأقدام، هذا ما ذكر في ( شرح رياض الصالحين).
ترفقوا بالناس، كلّ إنسان فيه ما يكفيه، لا تكونوا أنتم والدنيا عليهم، جميعنا ننطفئ أحياناً، فطوبى لمن عثر على مُنطفئ فلم يتركه حتى يُشرق.
عندما يشتدّ غليان النفس القابعة في الأعماق، تحترق الدواخل، ولا أحد في وسعه أن يجسّ نبض قِدْرِك ليطفئ شيئاً من حرارته إلّا مَن بادلك شعور المحبة والاحترام، مَن تشعر معه بالأمان الداخلي. وقتها سيكون كلامه كبلسم للجراح ومتاعب الحياة.
عنقود الودّ يُسكِر سُكْراً يَفتح عينَ العقل وفَم الوجدان.