ملاحظات على هامش كرنڤال «البيال»
} يكتبها الياس عشّي
توطئة: هذا المقال نشر بتاريخ 2012/2/18، وها أنا أعيد نشره بالحرف الواحد، دون زيادة أو نقصان.
***
لم يحدث أبداً، عبر التاريخ، أن أُعلنت حرب بهذه الشراسة على زعيم في العالم، كما تعلن اليوم على الرئيس بشار الأسد. رسموا خريطة طريق للنيل من قامته، تمتدّ من الولايات المتحدة الأميركية وأوروپا والكيان اليهودي ودول الخليج العربي والمغرب العربي (باستثناء الجزائر)، لتنتهي في «البيال» كرنڤالاً خطابيًّا يتصدّره وفد من مجلس إسطنبول والسفيرة الأميركية في بيروت.
والمناسبة ذكرى مرور سبع سنوات على اغتيال الرئيس رفيق الحريري، وبدلاً من التركيز على منجزاته العمرانية والسياسية والإنسانية، تحوّل المهرجان إلى منصّة للهجوم على سوريةَ وقيادتِها، وعلى الاعتراف بـ «مجلس اسطنبول»، وعلى تعميق الهوّة بين أطياف المجتمع اللبناني، لا سيّما أنّ المتكلمين في المهرجان كانوا من طائفة واحدة كأنّ «وراء الأكمة ما وراءها!»
للبنانيين كلُّ الحقّ في التعبير عن آرائهم، ولكن لا يحقّ لهم أخذ لبنان إلى الهاوية، فرغم الحرب الكونية المعلنة على سورية، لم يعترف أحد بأيّ مجلس من مجالس المعارضة، لأسباب عديدة ليس أهمّها عجز هذه المعارضة عن الخروج بصيغة واحدة لتدمير الوطن السوري. لكن، على ما يبدو، الذين أداروا هذا الكرنڤال لا يحسنون أبداً قراءة المستقبل، ولم يأخذوا دروساً من الماضي.
على سبيل المثال وليس الحصر، من كان يتصوّر أنّ الرئيسين كميل شمعون وسليمان فرنجية والنائب پيار الجميّل سيتوجهون، على متن طائرة واحدة، إلى دمشق (1975) مطالبين الرئيس حافظ الأسد بدخول لبنان، ووضع حدّ للاقتتال؟ والغريب أنّ هؤلاء الثلاثة كانوا أيضاً من طائفة واحدة!
بين قوسين أتساءل: كيف استطاع سمير جعجع أن يعدّد حتّى الزوايا الضيقة من جغرافية سورية، ونسي القرداحة البلدة الوحيدة التي يعرفها من بلاد الشام، يوم زارها للتعزية بالمرحوم باسل الأسد؟
إنّ ما جرى في «البيال» كان خطأً فادحاً في حقّ الرئيس رفيق الحريري الذي كان الغائب الأبرز في مناسبة تخصّه، وكان خطيئة في حقّ الدولة السورية التي تربطها بلبنان معاهدات ومواثيق، وكان تحدّياً للموقف اللبناني الرسمي المعلن عنه في المحافل العربية والإقليمية والدولية .
وعلى هذا الأساس تجب قراءة ما حصل في «البيال».